نشرت صحيفتنا هذه تقارير متعددة عن خلافات إيرانية – روسية في سوريا عززها اغتيال سمير القنطار، وتُتهم به إسرائيل، في منطقة تحت الحماية الروسية بدمشق. فهل الخلاف حقيقي؟ وهل يعني نهاية الحلف الرباعي بين الروس وإيران والعراق، وسوريا؟ أم إنه لا خلاف، وبالتالي فإن التحالف بات خماسيًا بانضمام إسرائيل له؟!
نشرت صحيفتنا هذه تقارير متعددة عن خلافات إيرانية – روسية في سوريا عززها اغتيال سمير القنطار، وتُتهم به إسرائيل، في منطقة تحت الحماية الروسية بدمشق. فهل الخلاف حقيقي؟ وهل يعني نهاية الحلف الرباعي بين الروس وإيران والعراق، وسوريا؟ أم إنه لا خلاف، وبالتالي فإن التحالف بات خماسيًا بانضمام إسرائيل له؟!
أول مؤشرات الخلاف الإيراني – الروسي هو الكلمة التي ألقاها اللواء محمد علي جعفري، القائد العام للحرس الثوري الإيراني، وقال فيها إن روسيا تساعد في سوريا.. «لكنها غير سعيدة بالمقاومة الإسلامية»، مضيفًا أنه «ليس من الواضح أن مواقف روسيا تتطابق مع إيران» بشأن مستقبل بشار الأسد! وهذا ليس كل شيء، فمفتاح الإجابة حول حقيقة الخلاف الروسي – الإيراني تكمن في فحوى المكالمة التي دارت بين الرئيس الروسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي، وبعد ثلاثة أيام من اغتيال القنطار.
فعلى أثر تلك المكالمة صدر بيانان شبه متطابقين من إسرائيل وروسيا جاء فيهما أن بوتين ونتنياهو اتفقا على «مواصلة الحوار والتنسيق بين البلدين في مسألة محاربة الإرهاب»، وأن بوتين أكد لنتنياهو أنه يجب «خوض حرب لا هوادة فيها ضد (داعش) والتنظيمات المتطرفة الأخرى في سوريا». كما نقل عن مسؤول إسرائيلي أن التنسيق العسكري الروسي – الإسرائيلي حول سوريا «يعتبر ممتازًا».
وعليه، فإن الاتفاق الروسي – الإسرائيلي بوجوب خوض حرب لا هوادة فيها ضد الإرهاب، وبعد اغتيال القنطار، يعني أننا أمام احتمالين؛ فإما أن الإيرانيين غير قلقين من التنسيق الروسي – الإسرائيلي، مما يعني، عمليًا، أن إسرائيل باتت حليفًا لروسيا وإيران وسوريا والعراق! وإما أن طهران، وحلفاءها، قرروا الانحناء للعاصفة، وبالتالي تقبل المزيد من الصفعات الإسرائيلية، وهذا في حد ذاته مبرر كافٍ لتصديق أن ثمة خلافات إيرانية – روسية.
ومن يتابع سير الأحداث في سوريا يعِ أن إسرائيل لا تكترث بخطورة «داعش»، بقدر ما إنها معنية بملاحقة حزب الله، وإيران. وبالنسبة للروس فإن آخر همهم سلامة حزب الله، أو الميليشيات الشيعية الإيرانية هناك، ومن اللافت هنا الاقتباس الذي أوردته صحيفتنا لما كتبه عاموس هرئيل، في صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، بأن نظام الرئيس بوتين لا يخفي «اشمئزازه من التطرف الإسلامي بكل أنواعه»!
الواضح أننا أمام خلاف إيراني – روسي، وهو متوقع، وهذا ربما ما يفسر دعوة إيران مؤخرًا للصين للعب دور فعّال بقتال «داعش»، إلا أن السؤال هو: من يستفيد من هذا الخلاف لمصلحة سوريا، والمنطقة؟ بالتأكيد، إن الأسد يحاول، ولن ينجح، كما أن الروس، وبعد تنفيذ أكثر من خمسة آلاف ضربة جوية، لم يستطيعوا قلب المعادلة على الأرض.
وبالنسبة للإيرانيين، وحزب الله، فإن خسائرهما بعد التدخل الروسي بسوريا باتت لافتة، فمن يبادر الآن للاستفادة من هذا الخلاف، أو قل التباين، الإيراني – الروسي؟
*نقلاً عن “الشرق الأوسط”.