فشل مفاوضات “الفرصة الأخيرة” بين مصر والسودان وإثيوبيا حول سد النهضة
يمن مونيتور/ بي بي سي
فشلت المفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا، والتي عقدت على مدار أيام في كينشاسا عاصمة الكونغو الديمقراطية، في تحقيق أي تقدم نحو حل أزمة سد النهضة.
وصرح السفير أحمد حافظ المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، الثلاثاء، بأن المفاوضات لم تحقق أي تقدم ولم تفض إلى اتفاق حول إعادة إطلاق المفاوضات، إذ رفضت إثيوبيا المقترح الذي قدمه السودان وأيدته مصر بتشكيل رباعية دولية، تقودها جمهورية الكونغو الديمقراطية التي ترأس الاتحاد الإفريقي للتوسط بين الدول الثلاث.
وأكدت الخارجية المصرية أن إثيوبيا رفضت كذلك خلال الاجتماع كافة المقترحات والبدائل الأخرى، التي طرحتها مصر وأيدها السودان، من أجل تطوير العملية التفاوضية لتمكين الدول والأطراف المشاركة في المفاوضات كمراقبين من الإنخراط بنشاط في المباحثات، والمشاركة في تسيير المفاوضات وطرح حلول للقضايا الفنية والقانونية الخلافية، وذلك حسب الدبلوماسي المصري.
وأفادت مصادر في وقت سابق بأن مصر والسودان يتمسكان بمطلب توسيع الوساطة الدولية، لتشمل الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، بينما تتمسك إثيوبيا بوساطة الاتحاد الأفريقي فقط.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية إن “هذا الموقف يكشف مجددا عن غياب الإرادة السياسية لدى إثيوبيا للتفاوض بحسن نية، وسعيها للمماطلة والتسويف من خلال الاكتفاء بآلية تفاوضية شكلية وغير مجدية، وهو نهج مؤسف يعيه المفاوض المصري جيدا ولا ينطلي عليه”.
في غضون ذلك، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية السودانية، منصور بولاد، إن “تعنت إثيوبيا عطل التوافق حول منهجية مشتركة لمفاوضات سد النهضة”.
وقال بولاد، في وقت سابق من اليوم الثلاثاء، إن هناك تباعدا بين مواقف وفود السودان ومصر وإثيوبيا، وخلافا كبيرا على مضمون البيان الختامي لجولة مفاوضات كينشاسا.
مفاوضات “الفرصة الأخيرة“
وقال وزير الخارجية المصري، سامح شكري، في وقت سابق إن هذه الجولة تعتبر “فرصة أخيرة” يجب أن تقتنصها الدول الثلاث من أجل التوصل لاتفاق بشأن ملء وتشغيل سد النهضة، خلال الأشهر المقبلة، وقبل موسم الفيضان المقبل، وأكد على أنه إذا توافرت الإرادة السياسية والنوايا الحسنة لدى كل الأطراف، فإنه سيكون من الممكن التوصل لحل للأزمة.
وأكد السفير أحمد حافظ أن مصر شاركت في مفاوضات كينشاسا من أجل إطلاق مفاوضات، تجري تحت قيادة الكونغو الديمقراطية (التي ترأس الاتحاد الأفريقي) وفق جدول زمني محدد، للتوصل لاتفاق عادل ومتوازن وملزم قانونًا حول السد، إلا أن الجانب الإثيوبي “تعنت ورفض العودة للمفاوضات، وهو موقف معيق وسيؤدي إلى تعقيد أزمة سد النهضة وزيادة الاحتقان في المنطقة”.
واختتم المسؤول المصري تصريحاته، بالإشارة إلى أن وزير الخارجية أكد خلال اجتماعات كينشاسا تقدير مصر للجهد الذي بذله الرئيس الكونغولي، فيليكس تشيسكيدي، في هذا المسار وعن استعدادها لدعم مساعيه الرامية لإيجاد حل للقضية، بالشكل الذي يراعي مصالح الدول الثلاث ويعزز من الاستقرار في المنطقة.
وكانت وزيرة الخارجية السودانية، مريم المهدي، قد قالت إن الجولات السابقة من المفاوضات التي جرت تحت رعاية الاتحاد الأفريقي “لم تكن مجدية وأهدرت 200 يوم من المفاوضات، وكانت نتيجتها تراجعا حتى عما تم تحقيقه بالفعل والاتفاق عليه في الجولات السابقة”.
وأعلنت مصر الشهر الماضي تأييد مقترح سوداني باستئناف المفاوضات بين الدول الثلاث بمشاركة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إلى جانب الاتحاد الأفريقي كوسطاء لإنجاز اتفاق حول سد النهضة.
بيد أن إثيوبيا رفضت هذا المقترح واعتبرت أن الاتحاد الإفريقي كاف لرعاية المفاوضات، وأعلنت إصرارها على الملء الثاني لخزان السد في موسم الفيضان المقبل، الذي يبدأ في يوليو/ تموز المقبل.
وكانت الكونغو الديمقراطية قد دعت إلى عقد جولة المفاوضات الحالية بصفتها الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي، بعدما تعثرت المفاوضات التي كانت تقودها جنوب أفريقيا طيلة العام الماضي، وشهدت تنفيذ إثيوبيا للمرحلة الأولى لملء السد بقرار أحادي دون اتفاق مع مصر والسودان أو إبلاغهما بالأمر.
يأتي ذلك بعد تحذير الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الأسبوع الماضي من المساس بحصة مصر من نهر النيل. وكان السيسي قد حذر أيضا من أن القيام بملء السد بدون اتفاق ملزم قانونياً سيؤدي إلى زعزعة الاستقرار الإقليمي على نحو لا يمكن تخيله.
وتخشى مصر أن يؤثر السد الإثيوبي على حصتها من مياه النيل البالغة 55 ونصف مليار متر مكعب سنويا وهو ما تنفيه إثيوبيا وتقول إنها تهدف لتوليد الطاقة وليس حجز المياه، بينما يتخوف السودان من معايير أمان السد التي قد تكون سببا في انهياره، وهو ما قد يتسبب في غرق مساحات شاسعة من البلاد وتضرر الملايين.
يدور الخلاف بين مصر وإثيوبيا حول فترة ملء وكيفية تشغيل سد النهضة الذي أقامته إثيوبيا على نهر النيل.
وتطالب مصر بأن تمتد فترة ملء السد إلى عشر سنوات مع الأخذ في الاعتبار سنوات الجفاف، بينما تتمسك إثيوبيا بأربع إلى سبع سنوات وذلك بدلاً من سنتين إلى ثلاث، حسب مصادر حكومية إثيوبية.
وكانت مصر قد تقدمت بمقترح قالت إنه يهدف إلى تجنب الجفاف ويقضي بأن لا تبدأ إثيوبيا بملء السد دون موافقة مصر، وهو ما رفضته إثيوبيا.
يذكر أن الحكومة الإثيوبية بدأت في بناء سد النهضة في أبريل/ نيسان 2011 بهدف إنتاج الطاقة الكهرومائية بولاية بني شنقول الإثيوبية القريبة من الحدود السودانية، لسد النقص الذي تعاني منه إثيوبيا في مجال الطاقة الكهربائية ولتصدير الكهرباء إلى دول الجوار.
وعقدت الدول الثلاث إثيوبيا ومصر والسودان جولات عديدة من المفاوضات تحت رعاية الاتحاد الأفريقي ولكن دون التوصل إلى اتفاق نهائي وملزم للأطراف الثلاثة.