الأخبار الرئيسيةتقاريرغير مصنف

ماذا يعني إغلاق آخر منفذ في مدينة “تعز” وسط اليمن؟

وصلت “ابتسام علي” إلى آخر بقالة في الحي الذي تسكنه، بحثا عن بعض الخضروات، وكان رد جميع الباعة” لا يوجد خُضار”.

يمن مونيتور/ تعز/ من وئام عبدالملك
وصلت “ابتسام علي” إلى آخر بقالة في الحي الذي تسكنه، بحثا عن بعض الخضروات، وكان رد جميع الباعة” لا يوجد خُضار”.
تقول “ابتسام”، وملامحها توحي بالإعياء الجسدي، نتيجة الحرب الدائرة في مدينتها “تعز”، وسط اليمن، منذ أشهر، “لا نكاد نجد حاجياتنا الضرورية من الخُضار في البقالات، ولا حتى في الأسواق، الحياة أصبحت مُتعبة، واليوم لن نجد الخضروات، لكن في الغد لن نجد الحاجيات الأخرى، إذا استمر الحصار بهذا الشكل”.
اشتدت معاناة الناس في” تعز”، بعد أن فرض الحوثيون وقوات موالية للرئيس اليمني السابق “علي عبدالله صالح” حصارا خانقا على مداخلها، منع عنها حتى الغذاء والدواء.
تعاني المدينة الأكثر سكانا وسط البلاد، من الحصار، منذ أن سيطر المسلحون عليها في مارس/ آذار الماضي، ويشتد بين الفينة والأخرى، حتى وصل أشده، الخميس، الموافق العاشر من ديسمبر/ كانون الأول، بعد أن استقدم الحوثيون وأنصارهم، قوات عسكرية كبيرة، وأغلقوا آخر منفذ للمدينة، وقطعوا الطريق الوعرة، من خلال “دمنة خدير” في جنوب المحافظة، والواقعة تحت سيطرتهم.
كان المواطنون قد استحدثوا تلك الطريق، بعد أن اشتد الحصار على المدينة، وتمر عبر مديرية “صبر الموادم”، والتي تقع إلى الجنوب الشرقي من مدينة” تعز”، وبهذا لم يعد أمام المواطنين أي منفذ آخر، فرعي كان أم رئيسي.
 
معاناة المواطن
يقول الناشط السياسي ياسين العقلاني وهو أحد سكان المدينة، “إن الحصار المفروض على” تعز” أوقف حياتنا وتحركنا، وأصبحنا في منطقة معزولة عن العالم الخارجي، فالحوثيون وأنصار الرئيس السابق صالح، حولوا تعز إلى معتقل كبير”.
وتابع ل”يمن مونيتور”، “أصبحت حياتنا صعبة للغاية، وانعدمت أبسط مقومات الحياة، فأغلب المطاعم اغلقت أبوابها، بسبب انعدام الغاز، والاحتياجات الاخرى لم تعد متوفرة كما ينبغي، فأصبح الحصول على وجبة غذائية، صعبا بالنسبة للعديد من أبناء المدينة”.
 
تهريب المواد الغذائية
التجار العاملون في “سوق المركزي” وسط تعز، أكدوا لمراسلة” يمن مونيتور” أنهم تكبدوا خسائر فادحة، جراء هذا الحصار، لكن ما أقلقهم أكثر، هو حين لم يعد بمقدورهم توفير متطلبات المدنيين، الذين يدخلون السوق، ويخرجون منه دون أن يجدوا أبسط حاجياتهم الضرورية.
يقول “أحمد قائد”، وهو أحد التجار، “جازف البعض منا، وقمنا بتهريب المواد الغذائية الضرورية فقط، بالكيلو، إذ نستعين ببعض الأشخاص لإدخالها معنا، عبر منطقة “بير باشا” غربي تعز، وهذا هو الطريق الوحيد المتاح لنا تهريب بعض المواد من خلاله، ولو علموا بأنا سنبيع هذه المواد الغذائية للمواطن، فإنهم لن يسمحوا لنا بإدخالها، واليوم يستطيع البعض تحمل مشاق الذهاب إلى بير باشا لجلب بعض الحاجيات، لكن لا نعلم إن كانوا غدا سيسمحون بهذا، لأنهم، مرارا، منعوا إدخال حتى كيلو واحد من المواد الغذائية”.
وتابع، “ما نقوم بإدخاله هو كميات بسيطة للغاية، لا تفي باحتياجات المواطنين، إلا أن هذا هو ما نستطيع أن نفعله، لأجل المواطن، الذي يصم العالم آذانه عن معاناتهم”.
أحد العاملين في دكان صغير بـ”المركزي”، اشترط عدم الكشف عن اسمه، حتى لا يلحق به الأذى، قال ل”يمن مونيتور”، “كثيرا ما تم احتجاز بضاعة أولئك التجار، وتعرضت للتلف، أما الآن، فإن كل شيء غير مسموح، فأنا حاليا أقوم ببيع المواد التي كانت متوفرة لدي من قبل أن يشتد الحصار”.
 
عامل في التهريب
أنا مُهرب موز، قالها “ناجي حسن”، أحد الباعة، وهو يسخر من الوضع المزري الذي أصبح يعيشه المدنيون في”تعز”، “استعنت بثلاثة أشخاص، ليتمكنوا من تهريب سلة موز واحدة، وهي الكمية الوحيدة التي توفرت في السوق هذا اليوم، ( السبت الماضي).
وتابع، “نحن نُذل في”بير باشا”، وأصبح الكثير من العاملين في السوق عاطلين عن العمل، وزادت معاناتنا ومعاناة المواطنين”.
الشاب “محمد مهيوب” قال، “حين أجد البعض غير قادرين على الحصول على احتياجاتهم الضرورية، أعرض عليهم أن أساعدهم، فيعطوني موتور ( دراجة نارية)، ومبلغ بسيط، وأقوم بتهريب بعض المواد الغذائية لهم، حتى لا يعترضهم الحوثيون المتواجدون في النقاط، والحمد لله، إلى الآن لم أتعرض لأي أذى، على الرغم من إطلاق النار أكثر من مرة حولي”.
وزارت مراسلة” يمن مونيتور” اليوم الخميس السوق، بعد نحو خمسة أيام من زيارتها الأولى، يبدو  السوق المركزي خالي الوفاض، والباعة غائبون.
 
انعدام إسطوانات الأكسجين
وعن تأثر الوضع الصحي في المدينة، بعد أن اشتد الحصار، أكد لـ” يمن مونيتور” محمد طاهر، رئيس مؤسسة التوعية والإعلام الصحي، أن انعدام إسطوانات الأكسجين، يفاقم المعاناة المريرة للمرضى والجرحى، ويزيد من تعقيدات الوضع الصحي المتدهور في محافظة” تعز”، فالمستشفيات العاملة وصل بها الحال إلى تعليق لافتات تفيد بتوقف العمليات الجراحية بشكل كلي، وتوقف العمل في غرف العناية المركزة، وبالتالي لم تعد المستشفيات ملاذاً للحصول على أبسط الخدمات، أو تخفيف آلام الإصابات في ظل الحرب”.
وأضاف “طاهر”، ل”يمن مونيتور”، أن مستشفى” الثورة” بتعز، شهد وفاة شخص جريح، لم تستطع إدارة المستشفى توفير إسطوانة أكسجين لإنقاذه، وأصيب الاطباء بالإحباط جراء حالات الوفاة بين أيديهم، التي بلغت خمس حالات وفاة، وقرروا إيقاف العمليات الجراحية بشكل كلي، فافتقار المستشفيات للأكسجين، يدفع المرضى الذين هم بحاجة لإجراء عمليات جراحية، نحو الموت المحقق”.
وتسبب انعدام الاكسجين الى “إخلاء حاضنات مستشفيات “الحكمة”، و”الروضة” من الأطفال الخدج، وبذلك تتسع دائرة المعاناة، في حين بات من المستحيل تمرير معونات الإغاثة الطبية بالذات لإنقاذ المرضى والمصابين، حسب ما ذكر “طاهر”.
وتابع، “من المؤسف أن منظمات الصحة العالمية، وأطباء بلا حدود، والمنظمات  الانسانية التابعة للأمم المتحدة، آثرت السكوت بعد أن أخفقت كل الجهود، لمد يد العون، ومصادرة أكثر من خمس شحنات تابعة لها، كانت تحتوي على خمسمائة إسطوانة أكسجين خلال نوفمبر الماضي، في حين يصل الاحتياج الفعلي لمستشفيات تعز الى (150) إسطوانة في اليوم الواحد”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى