كيف ستؤثر استراتيجية بايدن على حرب اليمن؟.. مركز دراسات يمني يجيب
يمن مونيتور/ خاص:
حذر مركز دراسات يمني، من أن تدفع السياسة الأمريكية الجديدة في الشرق الأوسط، اليمن إلى أيدي الحوثيين والحرس الثوري الإيراني، في بادرة حسن “نيّة” لإدخال طهران في مفاوضات بشأن الاتفاق النووي.
جاء ذلك في دراسة جديدة لمركز أبعاد للدراسات والبحوث بعنوان “تأثير استراتيجية بايدن على حرب اليمن“.
واعتبر المركز في دراسته الطويلة إلى أن سياسة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن تجاه اليمن تكشف أن الشرق الأوسط ليس ضمن أولويات الإدارة الجديدة، مشيراً إلى أن تحركات وقرارات الإدارة الجديدة تشير إلى أن المناطق ذات الأولوية الجديدة للإدارة الأمريكية هي: منطقة آسيا والمحيط الهادئ، ثم أوروبا، ثم نصف الكرة الغربي. مع تزايد وجود القوى العظمى (روسيا والصين). مستدلاً أن بايدن لم يتواصل خلال الشهر الأول من إدارته بأيٍ من زعماء الشرق الأوسط على عكس ما يحدث في معظم الإدارات السابقة.
وناقش المركز سياسة “جو بايدن” في اليمن من خلال أربعة عناصر رئيسية قال إنها تمثل سياسة إدارة “بايدن” المُعلن عنها: “إنهاء دعم العمليات الهجومية للتحالف في اليمن”، و”عودة العمل الدبلوماسي”، و”إزالة الحوثيين من قائمة الإرهاب”، و”التعهد بالدفاع عن السعودية”.
وجادل “أبعاد للدراسات والبحوث” أنه على عكس ما يشير إليه المحللون الأمريكيون فإن سياسة إدارة بايدن في اليمن ليست عكس سياسة إدارة دونالد ترامب، إذ لم يكن هناك سياسة خاصة ل”ترامب” في اليمن، وظل الصراع داخل دوائر صنع القرار في الخارجية حتى الأيام الأخيرة من إدارته.
وحول تأثير سياسة إدارة بايدن على الوضع العسكري في اليمن قال المركز:لا يوجد تأثير عسكري كبير لقرار “بايدن” وقف دعم العمليات الهجومية للتحالف في اليمن، إذ أن الإدارة الأمريكية أوقفت دعم التحالف العربي في الهجمات العسكرية المباشرة في اليمن منذ سنوات، وأوقفت بالفعل تزويد الطائرات الحربية بالوقود أثناء الطيران عام 2018، ولم يتبقى إلا “تدريب الطيارين السعوديين”.
مشيراً إلى التأثير الأساسي لقرار الولايات المتحدة وقف دعم العمليات الهجومية للسعودية في اليمن له تأثير “سياسي حيث يوصل رسالة للحوثيين وإيران أن الولايات المتحدة تتخلى عن حليفتها”. وعززته القرارات الأخرى مثل “إزالة الحوثيين من قوائم الإرهاب”.
وقال المركز إن الإجراءات الأمريكية ضد التحالف، وإلغاء تصنيف الحوثيين بهذه السرعة، أرسل رسائل خاطئة للحوثيين وإيران أن واشنطن تتخلى عن حلفائها وتضغط عليهم لإنهاء الحرب، فيما لا تملك أوراق ضغط على الحوثيين حيث أزالت الولايات المتحدة بالفعل أي أوراق ضغط على الجماعة المسلحة وأضعفت خصومهم. لذلك ليس لدى الحوثيين حافز كبير للتفاوض من أجل السلام لأن القتال لفترة أطول قد يزيد من نفوذهم في المحادثات المستقبلية.
كما يجادل المركز بأن تقديم المساعدة الأمريكية “الدفاعية” السعودية لا يقتصر على الحاجة السعودية وحدها، لكنه يرتبط بالمصالح الأمريكية ذاتها. فأمريكا لديها آلاف القوات في البلاد، كما أن الولايات المتحدة تريد زيادة عدد القواعد في السعودية مع زيادة التوترات مع إيران بما في ذلك قواعد على ساحل البحر الأحمر الأقرب من حيث الجغرافيا للحوثيين.
وحول قرار إدارة “بايدن” عودة العمل الدبلوماسي للحرب اليمنية لفت المركز إلى أن تعيين تيم ليندركينغ، مبعوثاً خاصاً لليمن يعني أن إدارة “بايدن” تعلم أن وقف دعم التحالف العربي في اليمن ليست المشكلة الرئيسية التي ستوقف الحرب اليمنية. بل إيجاد اتفاق بين اليمنيين، ويبدو أن ذلك صعب المنال في الوقت الحالي.
وردت الدراسة على ما قالت إدارة “بايدن” أن إزالة الحوثيين من قوائم الإرهاب سيدفعهم لتغيير سلوكهم وقال: لا يوجد دليل على نظرية المسؤولين الأمريكيين بأن شطب الحوثيين من قائمة المنظمات الإرهابية سيدفعهم لتغيير سلوكهم والتفاوض بحسن نية مع “ليندركنغ”. فلم يرّد الحوثيون على “حسن النية” الأمريكية. لكن على العكس من ذلك صَعدوا من هجماتهم ضد خصومهم مشيراً إلى أن الحوثيين هاجموا السعودية بعشرات الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية.
وتشير تحركات المبعوث الأمريكي خلال الأسابيع الأولى إلى أنه يسعى لبناء دور خاص للولايات المتحدة لصناعة نهاية سريعة للحرب في اليمن. لكنه سيحتاج إلى تجنب الظهور بشكل مباشر لأسباب متعلقة بفقدان ثقة الأطراف المحليين، لذلك قد يلجأ للأمم المتحدة
وأشارت الدراسة إلى أن الولايات المتحدة “قد تحيي الولايات المتحدة في اليمن مبادرة شبيهة بمبادرة “جون كيري” وزير الخارجية الأمريكي في عهد أوباما. مع تعديلات ملائمة لطبيعة المبادرة والتي ستبدأ بمراجعة القرار (2216) الصادر عن مجلس الأمن الدولي”
لكن المركز لا يتوقع أن تكون الولايات المتحدة –مع الأمم المتحدة وبدعم من المجتمع الدولي- قادرة على تحقيق اتفاق ينهي الحرب اليمنية، دفعة واحدة بل ستحتاج إلى طريق طويل يمتد على عدة مراحل.
ولفت إلى أن الولايات المتحدة تفتقر، مثل معظم اللاعبين الدوليين الآخرين، إلى الاتصالات أو الأدوات اللازمة للضغط لإقناع الحوثيين بتقديم تنازلات ذات مغزى.
وحول ارتباط ملف اليمن بالملف النووي الإيراني قالت الدراسة: “ينبغي أن تركز الولايات المتحدة بدلاً من تقديم “اليمن” للحوثيين والحرس الثوري الإيراني كبادرة حسن “نية” للنظام الإيراني من أجل التفاوض بشأن الاتفاق النووي، في خطورة اليمن وموقعها الجغرافي وتهديدها لطرق الملاحة، واستمرار دوامة الصراع في انتاج المزيد من المتطرفين الذين سيؤثرون على الأمن القومي للولايات المتحدة”.
وقال: يجب أن تنظر إدارة بايدن إلى أن النظام الإيراني ينظر إلى تسوية الملف النووي طريق لحل تدخلاتها في المنطقة وليس العكس.
وقال المركز إن تخلي الولايات المتحدة عن دعم التحالف العربي، وتصميمها تجاه تحقيق إنجاز سريع في ما يتعلق بالاتفاق النووي الإيراني، يزيد من مخاوف باقي الأطراف اليمنية تجاه رؤية الولايات المتحدة للحل.
وحذرت الدراسة من أن الضغط الأمريكي على السعودية مع الأزمات الاقتصادية والسياسية الأخرى قد يدفع الرياض إلى اتفاق مع الحوثيين يعالج بالكاد المخاوف الأمنية الرئيسية للسعودية لكنه في الواقع تسلم السلطة إلى سلطات الأمر الواقع الحوثية في صنعاء.
ويشير المركز إلى أن وعلى الرغم من الدعوات الدولية والأمريكية على تضمين الحوثيين في حكومة انتقالية قبل سحب أسلحتهم فإن اليمنيين لا يرحبون ببقائهم في السلطة، وقال: ليس من الواضح أن صفقة إبقاء الحوثيين في السلطة ستكون موضع ترحيب من اليمنيين. فلم يقتصر دور الحوثيين على إطالة المعاناة والقتال في البلاد، ولكن هناك أدلة موثوقة عن قيام الحوثيين بتعذيب واغتصاب النساء وتجنيد آلاف الأطفال واستخدام المدنيين كدروع بشرية “يرى بعض اليمنيين الحوثيين على أنهم نازيون”.
ودعا المركز الإدارة الأمريكية إلى التفكير جيداً في مبادرة السلام التي ستحشد خلفها الدعم الغربي، محذراً من دفع الأطراف اليمنية إلى اتفاق مع الحوثيين يكونون فيه القوة المهيمنة بتمثيلهم وبقاء أسلحتهم، هو صناعة “حزب الله” اللبناني جديد في المنطقة، وبلد مضطرب سياسياً وأمنياً وعسكرياً يؤثر على الجميع وعلى وجه التحديد الأمن القومي لشبه الجزيرة العربية.