الحوثيون يحولون مصلحة الهجرة والجوازات بصنعاء إلى “سوق سوداء”
تحولت منشأة ” الهجرة الجوازت” في العاصمة صنعاء والمحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين، إلى سوق سوداء تستثمرها الجماعة المسلحة منذ إسقاط المدينة في سبتمبر 2014م وتفاقم استغلالها منذ مارس الماضي. يمن مونيتور/ صنعاء/ وحدة التقارير
تحولت منشأة ” الهجرة الجوازت” في العاصمة صنعاء والمحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين، إلى سوق سوداء تستثمرها الجماعة المسلحة منذ إسقاط المدينة في سبتمبر 2014م وتفاقم استغلالها منذ مارس الماضي.
ويحاول الآلاف من اليمنيين الحصول على جوازات سفر من أجل مغادرة البلاد إما فراراً من الحرب الدائرة، أو “العلاج، والعمل، والدراسة”.
وفي طوابير طويلة، يومياً، أمام مصلحة الهجرة والجوازات بصنعاء، للحصول على جواز سفر ارتفع سعره إلى 500%، بحسب مواطنين تحدثوا لـ”مراسل يمن مونيتور”.
فقد عمد الحوثيون إلى تقييد عملية الحصول على الجواز، من خلال فرض شروط محددة بموجبها يتم منح جواز السفر، تلك القيود أرغمت الكثير لمحاولة شراءه من الموظفين الذين استغلوا الوضع وحولوا المصلحة إلى سوق سوداء، وصل فيها سعر الجواز الواحد 60000 الف ريال يمني.
مراسل ” يمن مونيتور” زار مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية بالعاصمة صنعاء، ورصًد ما يحدث داخل اسوارها، في هذا التقرير.
مجهود حربي
واصدرت بما يسمى اللجنة الثورية العليا التابعة للحوثيين منذ أكثر من عام، توجيهاً بدأ العمل به بشكل رسمي في الأول من ديسمبر الجاري، بإضافة 3500 ريال يمني لكل معاملة في مصلحة الجوازات، بذريعة دعم المجهود الحربي، لترتفع تكلفة الجواز الواحد بشكل رسمي، من 4000 إلى 7500ريال يمني، وبالسوق السوداء بـ60000.
أحد موظفي الصندوق بالجوازات، طلب عدم الكشف عن اسمه خوفاً من انتقام الحوثيين، يقول لـ” يمن مونيتور” إن هذا القرار شمل كافة المعاملات في مصلحة الهجرة والجوازت والجنسية، والإصدار الآلي، منها إصدار البطائق الشخصية، والجوازات، وأي وثائق أخرى بالمصلحة”.
مضيفاً، هذا التوجيه أصدرته جماعة الحوثي، في نهاية شهر نوفمبر المنصرم، وبدأنا العمل به، بداية ديسمبر الجاري، ما أضاف عبئاً ثقيلاً على كاهل المواطن اليمني الذي يعاني ويلات الحرب.
شروط جديدة
وفرض الحوثيون، ثلاثة شروط( قيود) في مصلحة الهجرة والجوازات، يجب توفر إحداها لدى كل من يريد الحصول على الجواز، وهي” أن يكون لدية منحه دراسية بالخارج ومعه وثيقه رسمية من الجهة المعنية تؤكد ذلك.
الشرط الثاني، يجب أن يكون المعامل نفسه مريضاً أو أحد أقاربه وتتطلب حالته العلاج بالخارج فيجب عليه إحضار تقرير طبي على ذلك، والشرط الأخير، أن يوجد له أقارب بالخارج، يرسلون له طلب زيارة و فيزا.
مسؤول رفيع المستوى في مصلحة الهجرة والجوازات، طلب أيضاً عدم الكشف عن هويته، قال لـ” يمن مونيتور”، نعاني من عدم توفر كميات كبيرة من الجوازات، فاضطرينا إلى ترشيد قطعها على من يستحقها فقط، وهم من لديهم مرض أو دراسات خارجية أو طلب زيارة، بعد استيفاء وثائقهم التي تؤكد على ذلك”.
موظف آخر، رد على حديث المسؤول بالقول: “الجوازات متوفرة وبأعداد كبيرة، ولكن لمن عنده وساطات، أو جيبه ملان” يدفع مبالغ مالية طائلة، أو من سيذهب إلى طهران”. مؤكداً: ” تلك الشروط ماهي إلا عذر (ذريعة) لتحويل المصلحة إلى سوق سوداء تباع فيها الجوازات بعشرات الالاف بينما يُحرم منها المستحقين لها “.
حسين أحمد، التقيناه في المصلحة وهو يحدث نفسه كالمجنون، وعند سؤالنا له عن سبب ذلك فأجاب، بأن والدته في حالة حرجه فهي مريضة بالرئة وقد حاولوا معالجتها بمستشفيات صنعاء دون فائدة.
وأضاف لـ” يمن موينتور” قررنا نقلها الى الخارج، ومنذ اسبوعين وأنا اعامل للحصول على جواز السفر، دون فائدة، فالتقيت بالمدير فطالبني بإحضار تقرير طبي، وبعد أسبوع من المعاملة بالمستشفى حصلنا على التقرير، وجئنا إلى هنا لإتمام المعاملة، إلا أن الموظفين(بالجوازات) يماطلونا من يوم إلى اخر، ومن يدفع رشوه يقطبوا أموره( ينجزوا معاملته بأقصى سرعه) وحالتنا لا تسمح بدفع رشوة”.
مراسلنا، احتفظ برقم حسين أحمد، واتصل به بعد مضي يومين من لقاءهما، فإذا بالأخير يخبره بأن والدته توفت دون الحصول على الجواز.
شرعنه الفساد
تلك القيود التي فرضتها الجماعة، ليست إلا مُشرعن للفساد حل بمصلحة الهجرة والجوازات، فعلى ضوئها تشرعن السوق السوداء ما دفع عدد من الموظفين لبيع جواز السفر الواحد بــ 60000 ريال يمني، فيما أصبحت خدمات المعاملات وان كانت صغيرة، تباع بمبالغ نقدية.
فمن لا يستطيع تجاوز تلك القيود للحصول على توقيع مدير الجوازات، يلجأ للموظفين الذين يستغلونه اسوء استغلال فيطلبون منه عشرات الالاف( رشوه) مقابل وساطتهم لدى المدير ليوقع له.
المواطن ” ف- أ” من صنعاء، التقاه مراسلنا، عند مكتب مدير الجوازات، وخلال حديثه مع مراسلنا قال” لقد خسرت 2000 ريال سعودي( 114000 الف ريال يمني)، أعطيتها لأحد الموظفين مقابل أن يعامل لي على جواز ويضيف إليه اثنين من أولادي، ويوقعه من المدير”.
من جهته يقول عبدالله اليعري، لمراسل “يمن مونيتور”: ” جئت لقطع جواز، وها أنا أعود إلى منزلي دون ذلك، فقد رفض المدير التوقيع بذريعة عدم استحقاقي للجواز، فالتقيت بأحد الموظفين الذي طلب مني 50000 الف ريال يمني، ليجهز المعاملة وتوقيع المدير، وهذا مبلغ كبير لا استطيع دفعه”.
وأكد” الحصول على الجواز، حق مكفول للجميع مثل البطاقة الشخصية”.
مراسلنا تجول بأرجاء المصلحة فوجد أغلب الموظفين لا يتعاملون إلا بلغة حق القات( رشوه) مقابل الخدمات، وأقل موظف يتحصل على 30000 الف ريال يمني، مقابل معاملة الجواز، حسب اعتراف أحد الموظفين لـ” يمن مونيتور”.
أيضاً من العجائب التي صادفها مراسلنا، بأن للجوازت مدير واحد، وأكثر من نائب، فكل شخص منهم يوقع لمن يشاء ومتى شاء، فالنائب حوثي وهو مندوبهم بالجوازات فيوقع لمن يشاء، والمدير يوقع لمن يشاء والنواب الاخرين كذلك.
يعّم حالة سخط مجتمعية في “صنعاء” من معاملة الحوثيين، في المعاملات، ويدعون إلى تواجد حكومة ولو بصورة نظرية لإيقاف العبث الدائر.