شكوك حول مهمة “بايدن” في اليمن
قدمت السياسة الأمريكية الجديدة في اليمن، علاقتها مع السعودية وإيران على اليمنيين، وهو ما يُثير الكثير من الشكوك حول مهمة مبعوث الولايات المتحدة إلى اليمن.
تندفع “إدارة بايدن” بشدة نحو مبادرة لإنهاء الحرب في اليمن، بدأت بالفعل في فتح قنوات اتصال خلفية بالحوثيين، وتنسق مع حلفائها الأوروبيين والأمم المتحدة التواصل مع إيران فيما تعتقد أنه ضغط متزامن لدفع الحوثيين نحو “اتفاق سلام” مرتقب، يريد “بايدن” بشدة تحقيق هذا الإنجاز لإيضاح طبيعة سياسته الجديدة في الشرق الأوسط.
ومن الملاحظ أن الشرق الأوسط لا يحتل أولوية لدى “بايدن” الذي حدد أولوياته الثلاث: بروسيا والصين، وإعادة العلاقات مع أوروبا، والمحيط الهادئ. وأبرز المؤشرات على ذلك أنه لم يتصل بأي زعيم عربي منذ تنصيبه رئيساً للولايات المتحدة الأمريكي في 20يناير/كانون الثاني، على الرغم من أنه اتصل بعواصم الدول الحليفة وحتى الأعداء مثل “بكين” و”موسكو”.
تملك “إدارة بايدن” إدارة الضغط على حلفاءها، لكنها أزالت أوراق الضغط على الحوثيين ما يجعلهم أقل ميلاً للتفاوض، كما أن المجتمع الدولي لا يملك أوراق ضغط على الحوثيين وإيران، كما يملك على الحكومة اليمنية والمملكة العربية السعودية.
عاد “تيم ليندركينغ” إلى المنطقة حاملاً معه تصوراً لرؤيته بشأن اتفاق السلام السريع لليمنيين. مستخدماً سياسة الضغوط على الرياض لحملها على توقيع اتفاق مع الحوثيين يوقف الهجمات العابرة للحدود اليمنية، ودفع الحكومة اليمنية التي ترزح تحت ضغط معركة مأرب ورفض المجلس الانتقالي الجنوبي تنفيذ اتفاق الرياض، وتقديم “طارق صالح” نفسه كطرف جديد يجب شمله بالاتفاق، إلى توقيع اتفاق مع الحوثيين لتحفظ ما بقي منها.
يقول بعض السياسيين الأمريكيين إن ما تقوم به إدارة بايدن في اليمن هي إظهار حسن نوايا لإيران لتحقيق تقدم بشأن الاتفاق النووي. لكن الحقيقة أن النظام الإيراني ينظر إلى تسوية الملف النووي طريق لحل تدخلاتها في المنطقة وليس العكس.
على الولايات المتحدة الأمريكية التفكير في مآلات هذا الاتفاق، فمثل هذا الاتفاق قد يدفع إلى تسليم اليمن للحوثيين ومن خلفهم الحرس الثوري الإيراني، وإن كانت إدارة بايدن ترى في دعم السعودية تواطؤ وفِعل سيء، فإن بناء هذا الاتفاق ينقل الحالة اليمنية من سيء إلى أسوأ.
على الولايات المتحدة أن تفكر في ما إذا كانت تريد إنهاء -ما تسميه- “التواطؤ”، وسيكون تسليم البلاد للحوثيين وإيران هو النتيجة الحالية لهذا الإنهاء، أما إذا كانت تريد حماية شبه الجزيرة العربية وتأمين ممرات الملاحة وحق اليمنيين في دولة مستقلة ومستقرة فإنها بحاجة إلى التمعن أكثر فيما تترقبه.