آراء ومواقف

هل من أفق لحل في اليمن؟

ياسر الزعاترة

لم تظهر دعاية إيران وأدواتها في المنطقة عارية تتلبس بالفضيحة كما ظهرت في اليمن. فهنا انكشفت كل الأكاذيب التي تخفي المشروع الطائفي تحت ستار من الشعارات التي لا يشتريها سوى أصحاب المواقف.

لم تظهر دعاية إيران وأدواتها في المنطقة عارية تتلبس بالفضيحة كما ظهرت في اليمن. فهنا انكشفت كل الأكاذيب التي تخفي المشروع الطائفي تحت ستار من الشعارات التي لا يشتريها سوى أصحاب المواقف.
لا مقاومة ولا ممانعة هنا، ولا صلة لأمن إيران القومي، حتى لو اعتبرنا أن ذلك مبرر يمكن طرحه، ولا أي شيء يمكن من خلاله تبرير انقلاب أقلية نزلت من جبال صعدة إلى عمران ثم صنعاء، ثم اجتاحت مثل الجراد البلد بطوله وعرضه عبر مسلسل من الأكاذيب البائسة، وللمفارقة بالتعاون مع طاغية مخلوع تمكن الشعب من الإطاحة به عبر ثورة سلمية رائعة أبهرت العالم.
قبل الغزو الحوثي لم يكن اليمن حاضرة من حواضر إيران، وكل ما هنالك أن الأخيرة كانت تعد العدة منذ سنوات بعيدة ليوم كذلك اليوم، وبالطبع عبر معسكرات فتحتها في أراضيها لتدريب الحوثيين، وعبر أسلحة زودتهم بها، ما يعني أننا إزاء مخطط قديم، ولا صلة له أبداً بحكاية الثورة وما بعدها، لكن ما جرى كان له هدفان؛ الأول محاولة تكرار نموذج حزب الله في لبنان بالنسبة للحوثيين في اليمن (هيمنة بالسلاح دون تحمّل أعباء الحكم)، والثاني مساومة السعوديين على سوريا. ولا جدال في أن عاصفة الحزم لم تكن في حسبان الولي الفقيه، بل فاجأته تماما، وها إن نظامه منذ ذلك اليوم يهذي على نحو غير مسبوق.
وكما دمّرت إيران سوريا بقرارها الأرعن بحماية نظام أقلية دكتاتوري فاسد؛ ها قد دمّرت اليمن بقرارها العدوان على ثورة الشعب، وها إنها تواصل التدمير دون توقف.
كل هذا الموت الذي يداهم اليمنيين من كل صوب هو نتاج إجرام إيران، ومن يتحدثون عن عدوان التحالف العربي هم أصحاب مواقف مسبقة، إذ ليس هناك عدوان، بل مساعدة من أشقاء لبلد تعرض لاعتداء من أقلية على شعبه بسلاح خارجي. ومن يبرر التدخل الروسي في سوريا بدعوى أن «زعيما منتخبا» استدعاه (بشار)، بينما يهاجم تدخلا عربيا استدعاه زعيم منتخب بعد ثورة، هو ساقط لا جدال في ذلك، لاسيَّما أنه يعلم أن بشار ليس رئيسا منتخبا بأي حال، بل مجرد نجل لدكتاتور جرى تنصيبه بسطوة القوة خلال دقائق بعد تغيير الدستور من أجله.
كل ذلك سبق وتحدثنا فيه غير مرة، لكن استعادته ضرورية هنا، ولو من باب توجيه الصفعات لأصحاب منطق ساقط، يظنون أننا نسينا كيف كانوا؛ ومنهم نصر الله، يتحدثون عن أن الأمر لا يعدو أن يكون احتجاجات سلمية للحوثي ضد رفع أسعار المحروقات، أو أننا نسينا وقوفهم مع بشار وهو يقتل الناس في الشوارع ستة شهور قبل أن تطلق رصاصة واحدة، بينما يبررون مواقفهم الآن بحكاية الحرب على «التكفيريين»!!
اليوم نحن إزاء مفاوضات جديدة بشأن اليمن، ما يستدعي القول إن أفقا لا يبدو مفتوحا على تسوية حتى الآن، والسبب هو أن سوريا لا تزال حاضرة في السياق، ولا تزال إيران تأمل في مقايضة مع السعودية عنوانها اليمن مقابل سوريا، من دون تهميش الحوثيين بطبيعة الحال.
والنتيجة أن محافظي إيران لم يبلغوا لحظة الرشد بعد، وهم مصرون على استمرار المقامرة، ليس بأموال الشعب الإيراني وحسب، بل بأرواح الشيعة في كل مكان، من اليمن إلى سوريا وسائر البلدان، فضلا عن تدمير حالة التعايش بين الشيعة وجيرانهم في المنطقة.
من هنا نقول إن أحدا لا ينبغي أن يعوّل على أية مفاوضات مع الحوثيين، فهم مجرد أدوات، والصفقة ستكون مع من ورطوهم، وليس معهم، والأخيرون لم يقرروا التراجع بعد، لكنهم سيتراجعون في يوم من الأيام. أما ما تسببوا به من قتل ودمار (هنا وفي سوريا والعراق)، فسيبقى لعنة عليهم إلى يوم الدين.
العرب القطرية 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى