رقصة “الشبواني” اليمنية.. عسكرية رجولية شعبية متوارثة حافظت عليها أجيال شرقي البلاد (تقرير خاص)
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ من خالد سعيد
لعبة “الشبواني”، هي لعبة تراثية وشعبية، محبوبة لدى كل فئات وشرائح المجتمع شرقي البلاد، فهي لها هيبة كبيرة لدى جمهورها، وتمتاز بأنها ذات طابع عسكري ورجولي في أدائها، ذات كرٍ وفر، وكأنهم في معركة حامية الوطيس، أعضاؤها يلبسون زياً موحداً، ويصطفون في صفوف موحدة، ويصدرون أصواتاً موحدة.
وتعارف على هذه الرقصة، منذ القدم وتناقلها وتوارثها الأجداد والاحفاد جيلاً بعد آخر، ولا زالوا متمسكين بها، وبقيت حتى يومنا هذا تحظى بشعبية كبيرة.
وتمارس هذه اللعبة، في المناسبات والأفراح، في جميع مديريات وادي وصحراء حضرموت، بينما في ساحلها تختلف بشكل بسيط في الأداء وأيضاً يحملون معهم إلى جانب العصاء والعصابة الحمراء، التي توضع فوق الرؤوس، المتارس.
لعبة عسكرية رجولية
ويقول أحمد بلسود، مقدم حافة الحزم بمدينة شبام، لـ”يمن مونيتور”، “أن لعبة الشبواني، هي لعبة شعبية مرغوبة لدى جميع أفراد المجتمع الحضرمي، وتوارثها الآباء والأجداد.
وأضاف، أن رقصة الشبواني، وكأنها عسكرية، لاعبوها مرة يدافعون ومرة يهاجمون، ويحمل كل عضو داخل اللعبة عصا، يستخدمها بكثرة، وكذلك العصابة الحمراء الموحدة والموجود على رأسه، هذا هو شعار عدة لعبة الشبواني.
وأشار أن لعبة الشبواني لها طريقة جميلة في أدائها وشعبية كبيرة جداً بين أوساط المجتمع، ولعبة الشبواني تحترم من قبل كبار السن والشباب، فهي محبوبة لدى الجميع، ولها كسرات وأصوات ولها تخميس، وتتميز بوجود القائد ويُسمى بـ”قائد الطلعة”، وهو الذي يقوم بتنظيم العدة في صوتها، ويرتب دخول الشعار الذين يستطيعون أن يدلون بدلوهم في الاصوات الشعرية.
وذكر بلسود، أنه دائما يعطي الشاعر إشارة لقائد الطلعة، بحيث انه يكسر الصوت، ويدخل ويقول ما عنده من أبيات شعرية، ثم يُلقن هذا الصوت، بعد ذلك تدخل العدة وترسخ هذا الصوت، وبعدها لما يحتفظ بين الأعضاء الموجودين بداخل هذه العدة، ينظمون أنفسهم على شكل صفوف متوازنة، ويتحرك الشنف بعد ذلك ويمشون بهذه الطريقة.
أعراف وتقاليد
يجتمع العاشقون للعبة الشبواني، في يوم واحد متعارف عليه، ويتم تحديده مسبقاً ويستمر وبشكل ثابت، لكل حافة وعدة “شبواني”، ويُعرف بهذا اليوم “المطلع”، وتجتمع في فيه كثير من العدد ويُقام هناك لعبة “الشبواني”.
هذا الاجتماع متعارف عليه من سابق بين جميع العدد والحويف، فكل حافة تذهب عند مطلع الحافة الأخرى، وهكذا ينكون الزخم وجمع كبير من الهواة والعاشقون للعبة “الشبواني”.
ويقام في هذا اليوم المحدد، العصر ألعاب شعبية “شبواني”، فكل حافة تعرض مهاراتها، بينما في المساء تقام المسامرة الشعرية، فصاحب المطلع يدعي من “5 شعار إلى 10” فيجتمع الشعار، وتقام في تلك الليلة المساجلة الشعرية، فغالباً ما يتحدث الشعار، عن الوضع وما يلامس هموم المواطن، فيتحدثون عن أسبابه وعلاجه.
الشاعر ينقل هموم الشعب
تشارك جميع الحويف في كل مطلع، فنجد أن أكبر مطلع في حضرموت، هو الذي يُقام بمدينة سيئون سنوياً، ويُطلق عليه بـ”مطلع المطلع”، الخاص بحافة الحوطة، نظراً لشعبيته وأقدميته، والذي تجتمع فيه أكثر من 15 حافة من مختلف مديريات ساحل ووادي حضرموت.
ويقول الشاعر خالد باحارثة، لـ”يمن مونيتور”، تحظى حضرموت بهذه الموروثات الشعبية، من الأجداد ولا زالوا محتفظين بها، وتوارثوها جداً عن جد وأباً عن أب، والآن الآباء والأحفاد يتوارثون هذا الموروث الشعبي”.
وأكد، أن للشعراء دور كبير في هذه المطالع والاحتفالات، وإن الشاعر وظيفته هو يقوم بأداء رسالة، وينقل هموم الشعب ومعاناة الناس، ويتحدث بلسان الشعب، فالشاعر هو الاداة الرسمية وهو في منبر الشعر، وهو يؤدي رسالته بكل إخلاص وثقة.
انسجام بين أبناء المجتمع
تعطي لعبة “الشبواني”، اجتماع كبير وزخم شعبي بين أفراد المجتمع، فالإبن مع أباه والصديق مع صديقه، وهذا كلهم يحملون شعار واحد وهو نجاح اللعب واللمة الجميلة التي تخلقها هذه اللعبة.
فلا فرق بين الدكتور أو الشخص المتعصب لحزبه، هنا كلهم سواسية، همهم الوحيد هو ممارسة اللعبة التراثية والتاريخية التي جمعت الكثير.
ونتيجة لذلك، فإن رقصة “الشبواني”، خلقت انسجام واضح ما بين أفراد المجتمع، نتيجة لما تبهرك به من أداء في حركاتها وأدائها بشكل عام، تجعل الناظر لها يستمتع بجمالها العام، أدى ذلك للحفاظ عليها مع تعاقب الأجيال، وترك لنا الأجداد فن جميل وتراثي وشعبي وتاريخي، سيخلد على مدى الأزمان.