أهداف تحالف صالح وروسيا في اليمن
تأخذ علاقة الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح بالحكومة الروسية خلال الفترة الماضية، أطواراً جديدة، لتصل إلى درجة “الحميمية” كما تبدو من خلال التواصل المباشر وغير المباشر، بين الطرفين.
يمن مونيتور/ تقدير موقف/ من عدنان هاشم
تأخذ علاقة الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح بالحكومة الروسية خلال الفترة الماضية، أطواراً جديدة، لتصل إلى درجة “الحميمية” كما تبدو من خلال التواصل المباشر وغير المباشر، بين الطرفين.
ويبدو أن ذروة هذا التطور وصلّ لمنتهاه بإعلان ميخائيل بوجدانوف نائب وزير الخارجية الروسي، إن حكومة بلاده حريصة على تعزيز علاقتها بحزب الرئيس اليمني السابق “المؤتمر الشعبي العام”، خلال زيارة لوفده في “موسكو”، يوم الجمعة، برئاسة عارف الزوكا، أمين عام الحزب، وأبوبكر القربي الأمين العام المساعد.
تقول موسكو انها “حريصة علی تعزيز علاقتها بالمؤتمر الشعبي العام ورفض محاولات شق وحدة صفه إيماناً منها بدور المؤتمر المهم في مستقبل اليمن.” مجددة رفضها “التدخل في الشؤون اليمنية وفرض الحلول على اليمن، مشدداً ان حكومة روسيا ستعمل على بذل جهودها لتحقيق التوافق بين الاطراف اليمنية وبما يوقف الحرب.”
تشير الشائعات الكثيرة حول “صالح” وعلاقته بالروس، خلال الفترة الماضية، ذهب الرجل للسفارة الروسية مرتين خلال شهر نوفمبر المنصرم الأولى عند اسقاط الطائرة الروسية في سينا و الثانية عندما أسقطت تركيا مقاتلة روسية انتهكت أجواءها، في كلا الزيارتين كان صالح يتحدث عن ضرورة مكافحة روسيا للإرهاب في اليمن، وأن اليمن منبع الإرهاب.
كعادته –صالح- يُثير ملّف الإرهاب في البلاد، من أجل مصالحة الخاصة، سبق إن امتص الخليج والولايات المتحدة تحت ذات الذريعة، والآن يستخدم هذا الملف مع “الروس”، يشير كثير من المُحللين إن صالح يملك سلطة على “التنظيم”، بل وينفون وجوده في اليمن، وإنما هو شعار جديد لـ”صالح”، أعلن هذا التنظيم “داعش” مسؤوليته عن اغتيال محافظ عدن وقتل 25 حوثياً بطرق بشعة، وحاول استهداف الحكومة اليمنية، خصوم صالح اللدودين، عندما عادوا من الرياض بتفجيرات استهدفت مقر إقامتهم في أغسطس الماضي.
القاعدة الروسية
عقب الزيارة الثانية لـ”صالح” لمقر السفارة الروسية في صنعاء تصاعدت إشاعة في وسائل الإعلام المعارضة إن “صالح” دعا “الروس” لإقامة قاعدة عسكرية في جزيرة “حنيش الكبرى”، وهي جزيرة مُغرية لأي دولة تريد التأثير في “باب المندب الاستراتيجي” الذي يقع إلى جنوب منها.
ويبدو أن ذلك كان صحيحاً، يوم الخميس الماضي أعلن التحالف العربي الذي يواجه “صالح” و”الحوثي” في البلاد، تحريره للجزيرة الاستراتيجية.
بالعودة إلى وفد صالح الذي زار موسكو والتقى بالسياسيين الروس، وكما تحدث “صالح” في زيارتيه للسفارة فقد استعرض وفده “تغول الارهاب والتطرف وما شهدته اليمن خلال الفترة الاخيرة من توسع للتنظيمات الإرهابية.”
الأسبوع الماضي ظهر ابن شقيق المخلوع اليمني يحيى محمد صالح على فضائية روسية رسمية ناطقة بالعربية، “روسيا اليوم” ودعا إلى تدخل روسي في اليمن شبيه بالتدخل في سوريا.
يحيى صالح كان أيضاً رئيس قوات الأمن المركزي، وكان أحد الذين قالت لجنة الخبراء التابعة للأمم المتحدة أنه ساهم في تسليم مدينة “زنجبار” لتنظيم القاعدة مع انطلاق الثورة الشعبية في فبراير 2011م، التي عزلت “صالح” باتفاق نقل السلطة جرى توقيعه في الرياض في نوفمبر نفس العام وتم تسليمها إلى نائبه الرئيس الحالي عبدربه منصور هادي.
أهداف “صالح”
قال يحيى للتلفزيون الروسي إن اليمن “هي منبع المقاتلين الإرهابيين لتنظيم “داعش” في “سوريا” وأغلبهم تدربوا في اليمن، وأن على موسكو التدخل لمحاربة الإرهاب كما تتدخل في سوريا.” ردد جملته الأخيرة طوال 25 دقيقة للبرنامج.
مركز “ستراتفور” المخابراتي الأمريكي من جهته أكد في تقرير عن الأوضاع في اليمن (الخميس الماضي) إن اثنين من أبناء أشقاء صالح، كانوا في “موسكو” والتقوا بوجدانوف إلى جانب السفير الروسي والملحق العسكري في السفارة الروسية في صنعاء، الذي قال يحي صالح إنه جرى تعيينه مبعوثاً خاصاً لروسيا في اليمن.
يشير المركز الأمريكي إلى أن “صالح” يتطلع من خلال زيارتين للسفارة الروسية، وإرسال وفود إلى “موسكو” لبحثه عن طرف إقليمي دولي مساند له في المفاوضات المزمع البدء فيها الثلاثاء القادم في سويسرا، بما أن إيران ستكون طرف جماعة الحوثي المساندة، والتحالف العربي إلى جانب اعتراف دولي بالحكومة الشرعية.
أعلن “حزب صالح”، في وقت سابق يوم الجمعة، مشاركته في المفاوضات إلى جانب فريق الحوثيين، مشيراً إلى تسليم أعضاء وفده المفاوض للأمم المتحدة.
السؤال الذي يدور ما مصلحة روسيا من كل ذلك؟!
تمثل اليمن أهمية استراتيجية للمملكة العربية السعودية، الداعمة للمعارضة السورية، استضافت الرياض الخميس الماضي، مؤتمراً للمعارضة، خرج ببيان موحد لمعظم الفصائل التي تقاتل “بشار الأسد” التي ترفض موسكو أن يتم عزله من السلطة، فيما تُصر “الرياض” على ضرورة رحيله قبل البدء بمرحلة انتقالية.
تحتاج “موسكو” إلى ورقة ضغط كبيرة على “الرياض” يؤثر مباشرة في قرارها في الشأن السوري، إيران أيضاً ترى نفس الأمر، فالروس يرون أن “الرياض” لن تخضع في سوريا وتقدم التنازلات ما لم توجه تهديداً مباشراً لأمنها. السعودية التي تقود التحالف في اليمن سبق وأن أكدت مراراً أن “صالح وعائلته” لا يمكن أن يكونوا ضمن مرحلة انتقالية في البلاد، فيما تبدو انها تقبل بشكل كبير بوجود الحوثيين في المرحلة إذا ما سلموا السلاح للدولة حتى لا يشكلوا تهديداً للمملكة في المستقبل.
“بوتين المجنون” كما يحب “توماس فريدمان” إطلاق هذا الوصف عليه، يفكر من ذات الزاوية، وكأن عقله يقول: “إذا ما اقتربت وتقدمت جزئيا في الملف اليمني، حتى بالتأثير على القرار 2216، أو بقرار جديد يسمح للحوثيين بالاحتفاظ بالسلاح وبصالح أيضاً بدعوى مكافحة الإرهاب، فإن الرياض ستقبل ببقاء الحليف الأسد، بمقابل ألا أقدم هذه الاعتراضات وأضّر بأمن السعودية، وبالتأكيد السعودية ستقبل”.
يمكن يكون تفكير “بوتين” بهذه الأمر صائباً نظرياً، لكن الأزمة السورية ليست أزمة تخص “السعودية” فقط، بل أيضاً هي تخص “تركيا” و “الولايات المتحدة الأمريكية” و “حلف الناتو” و أصبحت تخص “الصين” الدولة الطامحة لتكون القوة الأولى في العالم.
مهما كانت ألاعيب “بوتين” و مراوغة “صالح” ذكية إلى حد ما، أو تقترب كثيراً من “الأعاجيب” إلا إن مستقبل للعائلة لا يبدو مرحباً به خارجياً، ولا داخلياً، ومن الواضح أن هذه “ألاعيب” و “المراوغة” ستسهم في إطالة الأزمة اليمنية، وتربطها أكثر بالأزمة السورية، وهو ما سيفاقم الأوضاع الأشد سوءً في البلاد.
يحتاج التحالف إلى الإسراع في حسم الأمور سياسياً مع تقدم قواته على الأرضي، تحرير “تعز” هو المعيار الرئيس لعدم إبقاء “صالح” في المراحل السابقة، تقديم المعارضة السورية عبر مؤتمر الرياض الأخير سيخدم أيضاً اليمنيين، ويخفف الضغط على الرياض، يعاني “بوتين” من ضغوط داخلية بسبب الأزمات المتلاحقة التي أدت بها خلافته الرئاسية الثالثة، لن يطول الوقت أكثر حتى يعرف المجتمع الروسي إن “بوتين” هو السبب في الأزمات وليس الخارج الأزمة في شبه جزيرة القرم وسوريا ومع أوروبا وتركيا، والآن تحالف مع “صالح” في اليمن سيفاقم الانتقادات الموجهة له.
تحالف “صالح مع الروس” هي الورقة الأخيرة التي يحاول بها وإذا ما فشلت فلن توجد ورقة أخرى مع العلم أن الرجل يجيد الرقص على “رؤوس الثعابين” وربما يتمكن من الاستمرار في الرقص مستقبلاً لكن سيبتلعه الثعبان قريباً.