عشرية الثورة
عشر سنوات مرّت على انتفاضة فبراير2011 التي أجبرت “علي عبدالله صالح” على التنحي عن السلطة بحلول نهاية العام ذاته، تعرضت اليمن خلال هذه العشرية إلى سلسلة من الأحداث والمواقف التي غيّرت مسار الانتفاضة وأهدافها النبيلة التي قامت عليها. ولا نعني بتغيير مسارها أنها تخلت عن أهدافها بل أنها ما زالت ملتزمة بها ويناضل اليمنيون من أجل تحقيقها.
بعد عشر سنوات يلقي بعضهم باللوم على هذه الانتفاضة وكأنها قادت البلاد نحو الجحيم من “جنة عدن”، والحقيقية لم يكن أمام اليمنيين في ذلك الوقت خياراً سوى اجتثاث نظام علي عبدالله صالح الذي حكم 33 عاماً. كان مساراً إجبارياً وحيداً لم يكن هناك خياراً أخر لإنقاذ الأمة من عائلة عاثت فيه فساداً. نعم، يفوق الحوثيون نظام “صالح” آلاف المرات، لكنهم ليسوا خياراً لليمنيين ولم يقبل- ولن يقبل- بهم، وستبقى الحرب –باختلافها السياسي والعسكري والفكري- ضد الجماعة وفكرتها حتى يتحقق للمواطنين جمهوريتهم المنشودة ويستعيدوا مؤسسات دولتهم المنتهكة.
كانت الثورة حتمية منذ 1998م عندما بدأ “صالح” تجريد الدولة لصالح عائلته، وتوريثها لنجله الأكبر. أدار الدولة عبر شبكة المصالح الداخلية والخارجية كونها طوال فترة حكمه، كان الشعب محكوماً بهذه الشبكة والمراكز المالية فأنهكته وامتصت حياته، فكانت الثورة واجباً.
هذه الثورة مثل “الكأس المقدسة” تظهر عندما تحتاجها الأمة، وتستمر حتى تحقيق أهدافها، تمر بتحولات ومراحل متعددة بينها “الثورة المضادة” التي يقودها النظام القديم في محاولة العودة إلى السلطة التي استعادها الشعب منه. وهذه الثورة المضادة التي قادها “صالح” متراقصاً على “رؤوس الثعابين” فأدخل الحوثيين صنعاء وسلمهم المؤسسات حتى قتلوه نهاية 2017م.
الشعوب لا تعرف إلا النصر بعد أشهر أو بعد دهر، فالنصر هو حقٌ مكتسب، وسنة من سنن الكون التي لا يمكن تجاوزها.