نحترم بعضنا ليتعافى وطننا
عندما نفكر في أحوالنا، نكاد نبكي قهر على بلد ذو تاريخ وحضارة، صار اليوم مجرد ضحية لدويلات تحكمها قوى رجعية كل تاريخها ونشأتها انها حليفة للقوى الامبريالية العالمية، تجمعهما مخاوف ومصالح مشتركة، مخاوف كسر الاحتكار، والتحرر من طوق حصار شل مقومات التنافس والنهضة والتطور، ومصالح الإبقاء على القوى الرجعية كأداة مثلى للصراعات والحروب العبثية، في مجتمع يسوده الجهل والتخلف والعصبية، من السهل جدا ان تجدد رعاع لا يحتاجون غير راعي وكلب وعصا تدير بها العملية.
نبكي قهرا على فقداننا للاحترام، عندما فقدنا الاحترام لأنفسنا، تمكنت مننا تلك القوى، وتم توظيفنا لأطماعها واجنداتها، توظيف المحتاج الجاهل، والغاضب الغير واعي، والمتهور الغير منضبط بقيم واخلاقيات ومبادئ، يمكن ادارته بشعار وراية، ولوحة مزخرفه بأحلامه وتطلعاته، تحجب عنه مالات مخطط التوظيف والاستخدام، يبقى شاكي باكي على حائط القضية، منهار بعصبية ، فسقطنا في وحل من الانتهاكات والممارسات الغبية، التي أفرغت القضية من عدالتها، وعجزنا عن تقديم مثال طيب جاذب للأخر وعصي على الاستغلال والاستثمار السيئ والمسيء.
ما أمسنا اليوم لنتقارب اكثر، ونتحاور اكثر، لتتضح الحقيقة، وهي موجودة لدى الجميع، مخطئ من يعتقد أنه يملكها، هو يملك جزءا منها ويحتاج الجزء الآخر في أفكار ورؤى الآخر، بالحوار والتوافقات تلتئم الحقيقة، وتتضح جليا لدى كل الأطراف، ومع الاندماج والفعل الحقيقي على الأرض، تتكون قناعات، بصحوة الضمائر ورجاحة العقول، تتكشف مخاوف ومصالح القوى الرجعية، ممثلة بقوى العنف التي تخلقت في خضم الصراع، وامتلكت نفوذا وجاه ومصدر ابتزاز وفساد، ترفض التخلي عنه، وبالتالي ترفض أي اجراءات ضبط إيقاع الواقع، وترسيخ دولة حقيقية دولة مؤسسات وعدالة ومواطنة، ليستعيد الوطن عافيته والمواطن حقه في الحياة وكرامته ادميته، راتبه معيشته حقوقه المسلوبة .
تقارب يعيد ترتيب المنظومة السياسية والإدارية، بما يتوافق وذلك التوافق المعلن، توافق يتضح شكله من اليمين الدستوري، الذي يحدد دستور رأيه هذا التوافق، واتفاق الرياض أقسم الجميع اليمين الدستوري على دستور الجمهورية اليمنية وعلمها الوطني خلفهم، فلا مجال هنا للاجتهاد والإفتاء خارج المشهد العام المرئي ، وتؤجل المشاريع الآخر لحين تقوية عود الدولة وأعمدتها من المؤسسات، دولة الحق والإرادة الشعبية، حينها سيقرر الناس حق تقرير المصير، باستفتاء شعبي وتنفيذ مؤسسي قائم، يحدد شكل الدولة بسلاسة وشفافية تحفظ العلاقات والود والاحترام للجميع.
تجاربنا غنية بالعبر والدروس، الحرب لن تحقق أي انتصار، لا للجنوب ولا للشمال، لا للوحدة ولا للانفصال، تقاتلنا بما فيه الكفاية، وتوسعت الفجوة بيننا، وزدنا من حجم الشروخ والتصدعات الاجتماعية والسياسية، ولم يستفيد من قتالنا غير فئة قليلة، قوى العنف والارتزاق والفساد، وهي التي تعطل التعافي اليوم .
المشهد واضح للاعيان، كل جهود التعافي تتعطل أمام مصالح تلك القوى، وهي تتدثر بأحلامنا وتطلعاتنا، وتدمر كل أسس الحياة التي ترسخ لواقع تلك الأحلام والتطلعات، وتريد الاستمرار في فرض واقعها العفن الذي يخدم مصالحها.
قوى التعافي اليوم تقاوم تلك المصالح بقوة، وتنتظر دعم شعبي يؤازرها ويصطف معها بالحق، تحتاج لحاضنة شعبية داعمة للتعافي، تقف ضد كل محاولات أعاقت هذا التعافي، ضد كل فيروسات المصالح وكياناتها التي تنفذ مخططات الإعاقة، على شكل إضرابات وعصيان مدني، وقوات مسلحة تتمرد هنا وتتمرد هناك وتصطف مع فلان وزعطان، وتعطل دور المؤسسات، ولا تساهم في حمايتها من العبث والعابثين، ليبقى العبث سيد الموقف، ويبقى عدم الاحترام يدير المشهد، تبقى مصالح الجماعات والافراد فوق المصالح العامة والوطن، نبقى في دوامة الحرب العبثية وتدمير وخراب، والارتهان والتبعية، والمواطن والوطن الضحية، ننتظر صحوة شعبية تجتث من على كاهلنا هذا العبث وقواه العفنة.