تبنى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في اليمن المسؤولية عن اغتيال محافظ عدن، اللواء جعفر محمد سعد، يوم الأحد الماضي ومن قبل حادث الاغتيال بيومين فقط بث التنظيم فيلما تم تصويره بتقنية عالية وتفنن في الإعدام بطرق مختلفة في البر والبحر تبنى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في اليمن المسؤولية عن اغتيال محافظ عدن، اللواء جعفر محمد سعد، يوم الأحد الماضي ومن قبل حادث الاغتيال بيومين فقط بث التنظيم فيلما تم تصويره بتقنية عالية وتفنن في الإعدام بطرق مختلفة في البر والبحر لنحو 25 شخصا زعم أنهم حوثيون وروافض شاركوا في الحرب على عدن، وسبق كل ذلك التسويق الإعلامي الكبير لداعش في خطابات الرئيس المخلوع وعبد الملك الحوثي وفي كل الوسائل الإعلامية التابعة لهما أو الداعمة لمشروعهما الديكتاتوري الطائفي الذي يعمل بكل ما أوتي من حيلة على استنبات تنظيم الدولة ووصف كل المعارضين لهذا المشروع بالدواعش حتى وإن كانوا ليبراليين وعلمانيين من أجل صناعة الفوضى المجتمعية التي تبرر التجييش الطائفي المضاد، وفي نهاية المطاف استجلاب تدخل دولي تصطف معه مليشيا الحوثي وقوات صالح لمحاربة الإرهاب تماما كما يحدث الآن في سوريا.
يحرص صناع داعش في اليمن على أن تتميز عملياته الإرهابية بقدر كبير من التخطيط والدقة لاصطياد أهداف حيوية تؤكد حضوره وسيطرته على الأرض وقدرته على العمل بمستوى يوازي قدرات قوى أخرى، بحيث تصل الرسائل إلى الأطراف الداخلية والخارجية واضحة المعنى عميقة الدلالة بأنه إذا لم تسع الأطراف الدولية إلى ضمان دور سياسي مؤثر للرئيس المخلوع وجماعة الحوثي، فإن البديل موجود ويستطيع فرض أجندته بالقوة في ظل الفراغ الأمني والتخبط السياسي والإداري للسلطات الشرعية بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي، بل إن تنظيم الدولة الإسلامية “ولاية اليمن”!! قد يصبح أكثر قوة وخطرا بانضمام جماعات وقواعد “عفاشية” تتمركز في حضرموت وشبوة وأبين إذا ما طال عمر الانقلاب وتأخرت دول التحالف العربي في اتخاذ قرار الحسم وتوقفت الدول المؤثرة في التحالف عن الانشغال بتصنيف المقاومة الشعبية وفقا لتوجهاتها وألوانها، وما يحدث في عدن اليوم من انفلات أمني خير شاهد على عقم سياسة تهميش المقاومة ذات التوجهات الإسلامية المعتدلة وإزاحتها من الميدان الذي يجب أن تكون فيه. هذه المقاومة المعتدلة ينتمي أغلب عناصرها إلى ثوار ساحات التغيير الذين شكلوا في العام 2011 أنموذجا رافضا للعنف حينما امتنعوا عن الرد على دموية القوى العسكرية والأمنية التي تخضع لتوجيهات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح آنذاك.
مباحثات جنيف 2 التي من المقرر أن تنطلق منتصف الشهر الجاري بين وفدي السلطة الشرعية ومليشيا الحوثي وصالح تبدو مفتاح لغز العمليات الإرهابية الأخيرة، بدءا من تفجير فندق تتخذه الحكومة اليمنية الشرعية مقرا لها وتفجير مقر القيادة العسكرية الإماراتية في السادس من أكتوبر الماضي وليس انتهاء باغتيال محافظ عدن الذي مثَّلَ ضربة قوية لجهود دول التحالف في جعل عدن ملاذا آمنا للرئاسة اليمنية التي أمضت أشهرا في العاصمة السعودية، ولن يستطيع المخلوع وحلفاؤه الظفر بنصيب الأسد من السلطة في مسلسل مفاوضات جنيف اللاحقة إلا عبر بوابة الدفع بجماعات جهادية إلى الواجهة لتزرع الرعب محليا وإقليميا وتكون بطاقة حمراء يشهرها المخلوع متى أراد تماما كما مارس الابتزاز لدول الخليج والعالم قبل العام 2011 باسم محاربة تنظيم القاعدة الذي كان وما يزال حليفا إستراتيجيا لصالح رغم وجوده خارج السلطة.
كيف يمكن إذا تدمير مصنع الإرهاب في اليمن؟ وما هي الأخطار المحدقة بالإقليم في حال استمر التعاطي مع الأزمة القائمة بمنطق “أنا رب إبلي فقط”؟ وكيف يمكن لدول التحالف العربي أن تغير من إستراتيجيتها في التعامل مع الواقع اليمني المعقد؟ هناك سعي حثيث لتقسيم اليمن إلى ثلاث بؤر جهنمية، الأولى يسيطر عليها الحوثيون وحليفهم ويحاولون صبغ كل فئاتها الاجتماعية بلون طائفي واحد ويمنون مريديهم بأن تصبح مكة مستقبلا ضمن هذه البؤرة، أما الثانية فهي المناطق الجنوبية التي تسيطر عليها جماعات جهادية سنية سلفية وراديكالية مخترقة استخباريا من البؤرة الأولى وحراك انفصالي تعمل إيران على تعظيم تأثيره باضطراد، وبؤرة ثالثة مركزها تعز تتقاذفها الولاءات الطائفية والمناطقية شمالا وجنوبا وتشكل إمدادا بشريا لمشاريع التفكيك وتغذية الصراعات والحروب، وهنا يجب على دول التحالف العربي أن تسرع في ترتيب أولوياتها وأن تضع جدولا زمنيا يحقق ما جاءت من أجله وإلا فإن مقولة: كأنك “يا بو زيد ما غزيت” تصبح واقعا، لكنه سيوزع الألم والحسرة على الجميع دون استثناء.
المصدر: الشرق القطرية