كتابات خاصة

هادي وسياسة الرضوخ للهراوات

ياسين التميمي

يبدو أن الرئيس الانتقالي عبد ربه منصور هادي، استمرأ انتهاج سياسة الرضوخ للهراوات، مع أنه منح فرصة تاريخية لو منحت لغيره لكان اجترح إنجازاً تاريخياً عظيما يضعه في مصاف العظماء.

يبدو أن الرئيس الانتقالي عبد ربه منصور هادي، استمرأ انتهاج سياسة الرضوخ للهراوات، مع أنه منح فرصة تاريخية لو منحت لغيره لكان اجترح إنجازاً تاريخياً عظيما يضعه في مصاف العظماء.
حدث ذلك منذ أن تولى هذا الرئيس على سبيل المصادفة التاريخية، مقاليد المسئولية رئيساً انتقالياً للبلاد، بعد أن أجبرتْ الثورة الشبابية الشعبية المباركة في الحادي عشر من فبراير2011 المخلوع صالح على ترك السلطة ولكن بعد تضحيات كبيرة لا يزال اليمنيون يدفعون المزيد منها حتى اللحظة.
لم يلتفت هادي حتى الآن لأولئك الذين يبذلون التضحيات تلو التضحيات من أجل المضي في خط التغيير والانتقال السياسي إلى مرحلة الدولة الاتحادية، وأولئك الذين يبذلون الأرواح من أجل دحر مجرمي الانقلاب من مليشيات المخلوع صالح والحوثي.
نفذ هادي خلال فترة وجوده بصنعاء، بكل إخلاص توجيهات لندن وواشنطن، وقد شهدنا ذلك في التعيينات والمناصب التي أُسندت لأناس لا علاقة لهم بالثورة ولا يحترمون خط التغيير، ورأيناهم لاحقاً جنوداً أوفياء في مشروع الانقلاب، وذهب أبعد من ذلك من خلال حماسه للحوثيين وتمكينهم من دخول صنعاء بما تجاوز حتى تعليمات لندن وواشنطن.
معظم المناصب القيادية والحساسة أُسندت لمقربين من الرئيس المخلوع، من بينهم محافظ عدن الأسبق، “عبد العزيز بن حبتور”، الذي تحول إلى مقاتل في الصفوف الأولى مع ميلشيا الحوثي ضد مدينة عدن التي يحكمها.. كان هادي يعلم أن “بن حبتور” أحد ضباط الأمن المخلصين للمخلوع ومع ذلك سلمه عدن.
يمضي الرئيس هادي على ذات الطريق، لكنه اليوم يبدو مطيعاً جداً لمُهيمنٍ إقليمي جديد هو الإمارات العربية المتحدة.. اتضح ذلك في طريقة سير المعارك العبثية التي تدور على تخوم تعز تحت عنوان” تحرير تعز”، مع يقيننا بأنه ليس هناك أسوأ من المرحلة التي تعيشها تعز اليوم منذ انطلاق هذه المعركة المشبوهة، والتي كشفت جانباً من قبح البعض في المحافظات الجنوبية، من أولئك الذين أنتجتهم مرحلة المخلوع صالح، والذين ينخرطون في مهمة إفشال حرب استعادة الدولة وتمكين السلطة الشرعية بحجة أنهم جنوبيون ولا يعنيهم ما يجري في الشمال.
هذا اليوم السابع من ديسمبر 2015 تم تعيين محافظ لعدن ومدير للأمن وكلاهما من مؤيدي الانفصال، بعد عودتهم المفاجئة من الإمارات، وكأنهما كانا بانتظار رحيل محافظ عدن الشهيد اللواء جعفر محمد سعد، بأي الطرق كانت.
لا أريد أن أكون متشائماً، لكن تزداد قناعتي يوماً إثر يوم أن الرئيس هادي لا يبذل ما بوسعه من أجل حماية اللحمة الوطنية، وتشجيع كل الفرقاء على المضي قدماً باتجاه مشروع الدولة اليمنية الاتحادية الحديثة التي يعيش في ظلها الجميع أحزاباً وقوى سياسية وتيارات وأفراد، بكرامة، دولةٌ السلطةُ فيها هي نتاج الاختيار الحر للشعب وليست قدراً مفروضاً من أي طرف.
أشعر أن عبارات النعي التي تُنشر عقب كل حادث إرهابي يستهدف هذا أو ذاك، صِيغت لتُكرِّس فكرة أن ما يجري هو إرهاب “داعش”، بما يغطي تماماً عن الإرهابيين الحقيقيين الذين يقتلون اليمنيين باسم “داعش” ويدمرون المدن ويحاصرون سكانها باسم محاربة “داعش”.
بعض أطراف التحالف يحاربون في اليمن ليس ضد الحوثيين والمخلوع صالح، بل ضد إرادة اليمنيين في التغيير، كل المؤشرات تدل على ذلك، لكن الذي فضحهم أن عليهم أن يحققوا نتيجة عسكرية على الأرض حتى لو كان ذلك على حساب الحوثيين وصالح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى