مشاريع الطاقة الشمسية الإغاثية تنعش المنشآت الصحية في اليمن
يمن مونيتور/ DW عربية
بعد أن كان شبح الخوف من توقف المراكز الصحية، التي يتلقى فيها اليمني أحمد جابر، وهو أربعيني ويعاني الفشل الكلوي، يطارده بات أحمد يشعر أن الوضع أقل مدعاة للقلق بشأن حياته، في ظل مشاريع توفير أنظمة الطاقة الشمسية، التي تتبناها الأمم المتحدة لدعم المراكز والمنشآت الصحية، المهددة بالتوقف، من حين لآخر، بسبب الوقود.
يتلقى جابر، العلاج بجلستين أسبوعياً، في مركز الغسيل الكلوي التابع للمستشفى الجمهوري في صنعاء، ويستقبل المركز نفسه أكثر من 100 مريض يومياً، حياتهم كغيرهم من المرضى اليمنيين على امتداد البلاد، تصبح عرضة للخطر، مع كل أزمة وقود، تُهدد بدورها بتوقف المولدات الكهربائية، التي تعتمد عليها المستشفيات العامة والخاصة، في وضع صحي، يقف على شفا الانهيار منذ سنوات.
ويوضح أحمد في حديثه لموقع الإذاعة الدولية لألمانيا DW عربية، جانباً من معاناته التي عرضت حياته للخطر، حيث كان يتلقى العلاج في مدينة الحديدة غربي البلاد، وبسبب الوضع الصحي المتردي في المدينة، والذي أطلق معه مركز الغسيل الكلوي، نداءات لإنقاذ حياة المرضى بسبب نفاذ الوقود، اضطر منذ شهور للانتقال إلى صنعاء، حيث الوضع بالنسبة إليه، أقل سوءاً مما هو عليه، في المدن الثانوية.
توقف الكهرباء وأزمة الوقود
اعتباراً من منتصف العام 2015، بعد أسابيع من بدء الحملة العسكرية للتحالف بقيادة السعودية، توقف التيار الكهربائي العام، عن معظم المدن والمناطق اليمنية، بما في ذلك العاصمة صنعاء، قبل أن تلجأ الغالبية من الأسر إلى الطاقة الشمسية والاعتماد عليها في توفير الاحتياجات الأساسية.
وإذا كانت الطاقة المتجددة، مثلت الخيار الوحيد والأمثل بالنسبة للاستخدام المنزلي بتغطية الحد الأدنى من الاحتياجات: بقيت في المقابل، المولدات الكهربائية التي تعمل بالديزل، المصدر الأساسي الذي تعتمد عليه المنشآت والمراكز العامة والخاصة، في تشغيل الأجهزة ومختلف الاحتياجات.
في الأثناء، برزت أزمة توفر الوقود في السوق المحلية، كواحدة من العناوين المتكررة، التي ما إن تهدأ حتى تعود، بسبب الحرب والقيود المفروضة من التحالف والحكومة المعترف بها دولياً، على الاستيراد في مناطق سيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين)، بما أدى إلى ارتفاع أسعار المشتقات النفطية وتفشي السوق السوداء.
الطاقة الشمسية كمشاريع إغاثة
ألقت أزمة الوقود بظلالها على الخدمات التي تعاني أصلاً نتيجة مضاعفات الحرب والأزمة الاقتصادية، وبلغت الأزمة أوجها في المراكز والمنشآت الصحية الحكومية، التي أوشكت العديد منها على التوقف بسبب نقص الوقود، على النحو الذي جعل توفير مصادر بديلة واحداً من أهم مشاريع الإغاثة، التي تنفذها الأمم المتحدة ومنظمات العمل الإنساني الأخرى العاملة في البلاد.
ووفقاً للبيانات المنشورة على موقع مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشروع في اليمن، فإن المشروع الطارئ للكهرباء في اليمن، والذي ينفذه المكتب بتمويل البنك الدولي، نفذ ما يصل إلى 400 مشروع، منها 155 مشروعاً في المراكز الصحية و216 مشروعاً في المنشآت التعليمية و32 مشروعاً في المياه.
إلى جانب ذلك، فإن أغلب المنظمات العاملة في البلاد، سواء تلك المرتبطة بالأمم المتحدة أو غيرها، تبنت في العامين الأخيرين على الأقل، تنفيذ مشاريع في مجال الطاقة المتجددة، بما في ذلك، في العديد من المدارس ومخيمات النازحين، وهي مشاريع ذات تكلفة غير عالية، وتجد ترحيباً في الأوساط المحلية، بوصفها تتصف بالديمومة، على الضد من المشاريع المؤقتة والتي تواجه بعضها انتقادات في العديد من الأوساط.
حل الجزء الأكبر من المشكلة
ويقول لـDW عربية، نائب رئيس هيئة المستشفى الجمهوري بصنعاء، الدكتور عبيد الأديمي إننا كـ “أي قطاع صحي اخر، نعاني من الكثير من المشاكل في تزويد المستشفى بالمواد البترولية والمشتقات النفطية، التي يعتمد عليها توليد الطاقة الكهربائية”.
ويشير إلى أن المستشفى، الذي يعد أحد أكبر المستشفيات في العاصمة، تتبعه العديد من المراكز الصحية، مثل مركز الغسيل الكلوي، مركز الحروق، ومركز العيون كذلك العديد من الاقسام الهامة مثل الاقسام الجراحية وغرف العمليات التي تستدعي بالضرورة توافر الطاقة الكهربائية على مدى الساعة”.
ويكشف الأديمي عن أن منظومة الطاقة الشمسية، التي زوُّد بها المستشفى ساهمت في حل جزءٍ “لا بأس به، إن لم يكن الجزء الأكبر من هذه المشاكل”.
ويضيف “قمنا بتزويد الحاضنات وعنايات الاطفال وجزء من العمليات بهذه الطاقة، التي تقوم بمعالجة الحالات الطارئة، في حالات انقطاع المواد والمشتقات النفطية”.
إلى ذلك، يوضح الخبير في أنظمة الطاقة الشمسية، المهندس إبراهيم اليوسفي لـDW عربية، أن حرمان معظم المدن الرئيسية من شبكة الكهرباء الوطنية منذ 2015، تسبب في تدهور الخدمات الطبية في المراكز الصحية”، وأصبحت الخدمات الطبية في هذه المراكز مقتصرة على تقديم اللقاحات وتطعيم الأطفال، أما اقسام المختبرات وطب الأسنان فقد توقفت، واقتصرت الأخيرة على المستشفيات الخاصة أو الحكومية الكبيرة، التي تعمل بالديزل، بما سبب ازدحاماً ومعاناة للمرضى.
ويضيف أن “تزويد المراكز الصحية، بأنظمة طاقة شمسية مع بطاريات، أدى إلى تحسين الخدمات الطبية بشكل كبير، بما أسهم في تخفيف الضغط على المستشفيات الكبيرة، والتي تم تزويد بعضها مؤخرا بـ”أنظمة طاقه شمسيه هجينة (بدون بطاريات)، تعمل بالتزامن مع المولدات الكهربائية لتشغيل المستشفيات”.
لا تمثل الطاقة سوى واحدة من المشاكل التي يعانيها القطاع الصحي، الذي يعاني من العديد من الأزمات، بدءاً بانتظام رواتب العاملين وصولاً إلى توفير وتحديث الأجهزة والمعدات، وهو ما جعل جابر يعتقد أن توفير الطاقة الشمسية، أسهم بمعالجة المخاوف المتصلة بتوقف الخدمات الصحية بسبب الوقود، لكنها لا تغني بطبيعة الحال، عن أزمات مستفحلة مثل نقص الأدوية وتراجع كفاءة الخدمات التي يمكن الحصول عليها في المستشفيات اليمنية.