الحوثيون-إيران وسلوك “إعدام الصحفيين”
في صباح السبت (12ديسمبر/كانون الأول2020) أعدمت إيران الصحافي المعارض روح الله زم بتهمة “الفساد في الأرض” وهي تُهمة لا تحدد جريمة لكن دأب النظام الإيراني على استخدامها ضد الناشطين الحقوقيين والصحافيين المعارضين لسياستها. ينظر الحوثيون إلى النظام الإيراني كقدوة، لذلك استنسخت الجماعة هيئات ومؤسسات موازية تشبه تلك التي يبنيها النظام في إيران.
في أبريل / نيسان 2020، أصدرت محكمة حوثية قراراً بإعدام أربعة صحافيين “عبدالخالق عمران، توفيق المنصوري، حارث حميد، وأكرم الوليدي”، وهم معتقلون في سجونها منذ 2015م تعرضوا لويلات التعذيب والامتهان للكرامة الأدمية. والتُهم الموجهة لهم مرتبطة بعملهم كصحافيين سيقت كأدلة إلى محكمة تديرها مليشيا. تشبه في سخافتها التهمة التي تم توجيهها لـ”زم”. الآن هناك مخاوف جدية من قيام الحوثيين بإعدامهم لأنهم ليسوا في صفقة تبادل أسرى مع الحكومة كما نقلت “أفراح ناصر” وهي باحثة شؤون اليمن في هيومن رايتس ووتش عن معتقلين سابقين لدى الحوثيين.
السبب الرئيس لإعدام “زم” هو “التغطية الإخبارية” لموقع إخباري قام بتأسيسه “آمد نیوز” للاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في إيران خلال (2017-2018)، وهو أكبر سخط شعبي ضد النظام منذ الثورة الخضراء (2009). يتشابه ذلك مع السبب الرئيسي لحكم الإعدام بحق الصحافيين الأربعة الذي حملوا على عاتقهم نشر انتهاكات الحوثيين بعد سيطرة الجماعة على العاصمة صنعاء (2014). يوضح للجميع درجة الخوف الذي يتملك السلطة الدكتاتورية والمليشيا المسلحة، التي كانت تناشد الصحافيين قبل سيطرتها على البلاد من أجل تغطية الانتهاكات التي كانت تتعرض لها عندما كانت في المعارضة. سلطة الشاه في حالة إيران، وسلطة علي عبدالله صالح في حالة الحوثيين. واليوم يقومون بإعدام هؤلاء الصحافيين لأنهم قاموا بعملهم في نقل الحقائق، وكشف الجرائم.
إن الصحافيين الأربعة المعتقلين لدى الجماعة المسلحة، يعانون من الأمراض. في الشهر الحالي قالت عائلة “توفيق المنصوري” إن الحوثيين أبلغوهم إن حياته في خطر، وأن الأمراض التي يعاني منها مثل “القلب، والكلى” وأمراض أخرى، قد تودي بحياته في ظل رفض الحوثيين تقديم الرعاية الصحية له ولزملائه الأخرين. الصحفيون الذين خرجوا مؤخراً من سجون الحوثيين (أكتوبر/تشرين الأول2020) يعانون من الأمراض، والأوجاع. إن إعدام الصحفيين أو سجنهم أو قتلهم -بسبب ممارستهم لعملهم وشغفهم بالمهنة، وتغطية أوضاع الناس وفعاليتهم- انتهاك للمجتمع الإنساني، وانتهاك لكل مبادئ حقوق الإنسان والعدالة ليس فقط في اليمن بل في كل دول العالم.
تحولت قضية “روح الله زم” إلى قضية عالمية بعد إعدامه، فما الذي ينتظره العالم والدبلوماسيون والمنظمات الحقوقية والدولية بما فيها بعثة الأمم المتحدة في اليمن للضغط على الحوثيين للإفراج عن الصحفيين، هل ينتظرون حدوث الإعدام لنشر بيانات الإدانة؟!
إن الجميع أمام مسؤولية عظيمة وكبيرة في درء حدوث مثل هذه الجرائم التي تحدث خارج حدود العقل والمنطق. ونقصد بالجميع كل من له اتصال أو تواصل بالجماعة المسلحة في صنعاء للضغط من أجل الإفراج عن هؤلاء المعتقلين. مسؤولية السياسيين والدبلوماسيين والباحثين والمنظمات المحلية والدولية المطالبة بالإفراج الفوري عنهم. مسؤولية الصحافيين الذين يعيشون داخل الكوكب، المطالبة بالإفراج عنهم والتفاعل مع قصصهم، فاليوم هؤلاء الأبطال، وغداً نحن جميعاً، في بلدنا أو في بلدانكم.
لا نجعل من خوف الاعتقال والانتقام يُسكت الصحافة الحرة، لتبقى “الصحافة الحرة” قِبلة المضيومين في بلدان الحروب والدكتاتوريات. ليشعر الصحافيون والحقوقيون أن المجتمع الحقوقي والصحفي والدبلوماسي يقف معهم يشاركهم المخاوف، ويعمل على المساعدة في إطلاق سراحهم والدفاع عنهم.