الحرب وخيارات الشعب
ما كان مخفيا تحت غبار الحرب، تكشفه مشاورات ترتيب ما بعد الحرب، ومجرد ان تضع الحرب أوزارها، تتضح كثيرا من الحقائق، ويفتضح مشعلي الحرب ومروجيها، و ضاربي طبول اشتداد أوزارها، تكشف خارطة تجار الحرب و مستثمريها من سياسيين وإعلاميين، وقنوات ومواقع وصحف، التي تعيش على أوزار الحرب، وترتعي بما يراق من دماء وما يزهق من أرواح بريئة، وما تنتجه الحرب من فوضى وعبث وانفلات وتدهور وسقوط، مجرد ما ان تضع الحرب أوزارها، يفترض ان يتطهر الواقع من كل الطفيليات التي لا تستطيع ان تعيش في واقع متعافي صحي وسليم، ودولة ضامنة للحق والنظام والقانون، حيث الكفاءة والمهنية تعلوا على التفاهة و الرداءة، والاصطفاف الوطني يعلو على كل اصطفاف صغير مناطقي طائفي جهوي، وخطاب العقل والمنطق يدحض خطاب الكراهية والعنصرية والتحريض والحشد، ويبطل كل حجج ومبررات الحرب.
اليوم ستجد دعاة الحرب ومرتزقتها، يحتفظون لأنفسهم حق استمرار الحرب، وحتى وان كان على مستوى الإعلام والخطاب، ويروجون أنفسهم مدافعين عن تلك المبررات والحجج التي يفترض انها تسقط بمجرد ما ان تضع الحرب أوزارها، الحرب التي يروج أنها تحارب الإرهاب، واليوم تضع الصورة أنهم من أبناء الوطن، تهمهم بأنهم في الطرف الآخر من وجهات النظر، وضحية من نصب نفسه قاضي وجلاد في معركة، اعتبرها وظيفة مثالية لمحاربة الآخر، ومنها يتلقى الدعم، ويحصل على مبررات وحجج الانتهاكات والاستحواذ والاستئثار بالسلطة والثروة، وإلغاء وتهميش واقصاء كل من له رأي آخر وموقف وطني يرفض ان يكون أداة بيد مغرضين في معركة عبثية تزيد من حجم المآسي والالام، لاستهداف امة وشعب، استهداف هوية وتاريخ وعراقة، في وضع مزري و مواطن مهان ومسلوب الإرادة و وطن فاقد للسيادة.
أسوأ ما في الانسان ان ينصب نفسه محاميا على أخطاء كارثية، هو وداعميه السياسيين مصدرها, وقاضيا على أخطاء وسياسات الآخرين، دون أي مرجعية قانونية ودستورية، في مشهد هزلي يدوس على النظام والقانون ويقفز على القيم والأخلاقيات ، مثل هولا عندما تسألهم أين المجرمين الذي أعلن عن إلقاء القبض عليهم ؟ وأين ادوات الجرائم التي تم تحريزها، وأين الملفات والدلائل والبراهين، لم ينبس أي منهم ببنت شفة، لانهم يعرفون انها ذهبت مع رياح الفساد والمؤامرات، وتختفي كاختفاء دليل بحجم باخرة كانت محملة بالمخدرات، والكثير الكثير من العصابات والمجرمين، والحروب و النفير التي تعلن، بمجرد الشعور بتهديد الرعاة، وتتكشف حقائق لابد من اخفائها، ومعالم جريمة لابد من طمسها, فلا تجد أسئلتنا إجابات شافية، وإذا كثر السؤال استهدف المصدر.
هذه حقيقة الحرب، وما نعيشه في عدن والمناطق المحررة هو واقع تخلق في جلباب الحرب، ولهذا الناس اليوم تتعشم خير بوضع الحرب أوزارها، وتطهير الواقع من تداعياتها، ومخلفاتها، والطفيليات التي نشأة وترعرعت في واقع الحرب، تسلحت بالقوة والمال الحرام، والجاه والمكانة التي لا تستحقها، وتمارس عبثها بالقتل والنهب والبسط والانتهاكات، وتفرض نفسها حاكما وجلاد، وتبحث عن مصادر الضعف لتنهش جسد الضعفاء والمنهكين، للنهب والبسط والعبث.
كفى مزايدة على الناس، في المصالح المشتركة والمشروع العربي، الناس تريد ان تعيش وكفاها معارك لا ناقة لها بها ولا جمل، وتريد احترام خياراتها، وخيارات الشعب في دولة تقدم له الكرامة والعزة ولقمة هنية، وترسي العدل والمساواة، وترسيخ الدولة الضامنة للمواطنة والحريات، لتتفوق المهنية والكفاءة ومعايير الحق، الناس تبحث عن استقرار سياسي ليحقق لها استقرار اقتصادي ومعيشي، يحفظ للعملة الوطنية مكانتها والانسان كرامته والوطن سيادته، والشعب إرادته وخياراته، والله الموفق.