عربي ودولي

الكويت.. الانتخابات البرلمانية تسفر عن معارضة قوية قد تمثل تحديا للحكومة

يمن مونيتور/ رويترز

أسفرت نتائج مجلس الأمة (البرلمان) الكويتي التي أعلنت اليوم الأحد عن تقدم نسبي لأصحاب المواقف المعارضة للحكومة لاسيما القبلية والإسلامية، وهو ما قد يشكل تحديا حقيقيا للحكومة التي تعاني أزمات اقتصادية طاحنة بسبب جائحة كورونا وهبوط أسعار النفط.

واحتفظت الحركة الدستورية الإسلامية (الإخوان المسلمون) بمقاعدها الثلاثة كما احتفظ النواب الشيعة بمقاعدهم الستة، مع تغيير في الوجوه.

وذكرت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) أن رئيس الوزراء صباح الخالد الصباح قدم استقالة حكومته اليوم في إجراء روتيني بعد الانتخابات، وأن أمير الكويت قبل الاستقالة وطلب من الحكومة مواصلة عملها في تسيير الأمور لحين تعيين حكومة جديدة.

وجاء المجلس الجديد المكون من خمسين عضوا خاليا من العنصر النسائي بعد أن فقدت النائبة الوحيدة في المجلس السابق صفاء الهاشم مقعدها. وبلغت نسبة التغيير في المجلس الجديد 60 في المئة.

وأخفق التجمع الإسلامي السلفي الموالي للحكومة للمرة الثانية في إيصال أي من مرشحيه للبرلمان، وفي المقابل نجح سلفيون آخرون معارضون للحكومة في اقتناص مقاعد.

أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت الدكتور غانم النجار قال لرويترز إن نتيجة الانتخابات “تعكس الإحباط” من الوضع الحالي والرغبة في التغيير.

وأكد النجار أن غياب المرأة “من الملامح السلبية” في الانتخابات الأخيرة، مضيفا أنه لم يتوقع فوز المرأة في الانتخابات الحالية لكنه توقع أن تنافس بشكل جيد “وهذا لم يحدث للأسف”.

وقال “لابد من مشاركة المرأة لكي يتوازن المجتمع وإذا كانت الصورة بهذا الشكل فقد آن الأوان أن يفتح باب النقاش حول الحصص في قانون الانتخابات”.

وقال ناصر العبدلي المحلل السياسي إن “الانتخابات أسفرت عن صعود نواب يمثلون تحالفا إسلاميا قبليا له نفس معارض. وهذا التحالف يحمل أجندة تتضمن المصالحة الوطنية والعفو عن النواب السابقين والناشطين الموجودين بالخارج بسبب إدانتهم في قضايا داخل الكويت.

وتابع العبدلي “الحكومة الآن رأت الخريطة و(رأت) أن الجو العام بنفس معارض وسوف ترتب نفسها على هذا الأساس. أتوقع أن تعمل على تسوية الملفات الساخنة وأهمها ملف المصالحة الوطنية (مع المعارضة). موضوعات مثل قانون الدين العام وتعديل قانون الانتخابات ستكون مجالا للمماحكة مع الحكومة”.

وبعد أن فرضت الحكومة العمل بنظام الصوت الواحد في الانتخابات منذ 2012 من خلال مرسوم أميري، قاطعت المعارضة الانتخابات التي تلت صدور المرسوم، لكنها عادت تدريجيا للمشاركة، واقترن ذلك بعزوف بعض شرائح المجتمع عن المشاركة في التصويت.

لكن المحلل السياسي الدكتور محمد الدوسري قال إن هذه الشرائح عادت للتصويت هذه المرة بسبب النقمة على المجلس السابق بعد اكتشاف حالات فساد لم يتم التعامل معها بالجدية المطلوبة ولذلك جاءت النتائج التي حققتها المعارضة “أكثر من التوقعات هذه المرة.. وكانت هناك إرادة لقلب الطاولة على الموالين للحكومة”.

ويقول محللون إن نظام الصوت الواحد نجح في تفتيت الكتل التصويتية الكبيرة، سواء كانت هذه الكتل تمثل تجمعات سياسية أو تجمعات قبلية أو طائفية، بعكس النظام السابق الذي كان يسمح للناخب بالتصويت لأربعة مرشحين وهو ما كان يسمح بتحالفات واسعة بين المرشحين.

وقال الدوسري “أسفرت الانتخابات عن عودة قبائل كبيرة كانت قد فقدت ثقلها النيابي في الانتخابات الماضية وسيكون لها هذه المرة تمثيل أكبر”.

وتنافس في هذه الانتخابات أكثر من 300 مرشح، بينهم 29 امرأة، للفوز بالمقاعد في أقدم وأقوى المجالس النيابية التي تتمتع بسلطات تشريعية في الخليج. ويقول منتقدون إن المجلس السابق عطل إصلاحا استثماريا واقتصاديا وماليا في نظام الرفاه يشمل مختلف الفئات العمرية.

وقال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية بالكويت الدكتور هشام العوضي أن “التغيير جاء بسبب تكيف كثيرين مع نظام الصوت الواحد الذي كانوا معترضين عليه. اقتنع هؤلاء أن التغيير يأتي من البرلمان. ودخولهم بعد فترة مقاطعة أضاف لشعبيتهم ومكنهم من إزاحة بعض الوجوه القديمة من الذين استشعر المواطنون أنهم لم يؤدوا ما عليهم”.

ويرى الدوسري أنه ستكون “هناك معركة قوية على رئاسة مجلس الأمة. الصوت الحكومي هو المرجح بين المتنافسين على الرئاسة. والتصويت الحكومي في هذا الأمر سيكشف شكل العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية”.

وتكهن بأن نوابا معارضين سيرفضون عودة الرئيس السابق مرزوق الغانم لمنصبه من جديد.

وفي السابق، أدت المشاحنات المتكررة بين الحكومة والمجلس إلى تعديلات وزارية وحل البرلمان عدة مرات. ويختار أمير الكويت، وهو صاحب القول الفصل في الحياة السياسية الكويتية، رئيس الوزراء الذي يختار بدوره أعضاء الحكومة.

وقال النجار “في المرحلة القادمة ينبغي أن يبدأ النواب في التكتل، أي يحددون قضايا يتفاهمون عليها مع الحكومة وهذا هو ما سيدفع المجتمع للأمام. وإذا لم يتكتلوا فستظل التحركات فردية ولا تحقق كثيرا.”

وأكد النجار أن “التركيز في الانتخابات لم يكن حول البرامج وإنما حول الأشخاص.. حتى لو كان هناك معارضون ذوي أصوات عالية في المجلس، ستكون تحركاتهم ضعيفة وغير مجدية ومجرد كلام، مهما علا الصوت، وسيكون هناك صدام مع الحكومة، ما لم يحدث بينهم تكتل”.

ويواجه الاقتصاد الكويتي، المعتمد بالأساس على مورد وحيد هو النفط، عجزا يبلغ 46 مليار دولار هذا العام، بسبب جائحة كورونا وهبوط أسعار النفط.

ومن المتوقع أن تعطي الحكومة أولوية لتمرير قانون الدين العام الذي يسمح لها باقتراض 20 مليار دينار (65.7 مليار دولار) على مدى 20 عاما والذي رفضه البرلمان السابق.

وفي السابق عطلت البرلمانات المتعاقبة خططا حكومية كانت تهدف إلى إصلاح الاقتصاد وتقليل الدعم الحكومي الذي يتم تقديمه للمواطنين وتقليل اعتمادهم على الحكومة.

وقال العوضي إنه يرى “بوادر صراع” برلماني بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بسبب رغبة الحكومة في تغيير عقلية المواطنين تجاه دولة الرفاه، وما يرتبط بها من اعتماد على الحكومة من المهد إلى اللحد، في الوقت الذي سيرفض فيه النواب هذا التوجه مفضلين الانحياز للقواعد الانتخابية التي أوصلتهم للبرلمان.

وقالت صحيفة “القبس” الكويتية إنه وفقا للمؤشرات الأولية لانتخابات مجلس الأمة 2020، حيث فاز 50 عضوًا بعضوية المجلس، أبرزهم مرزوق الغانم رئيس المجلس الحالي، فيما كشفت المؤشرات الأولية خسارة صفاء الهاشم، والتي حلت في المركز الـ30 بين مرشحي الدائرة الانتخابية الثالثة، متلقية هزيمة موجعة وساحقة.

وأضافت الصحيفة أن المؤشرات أوضحت فوز كل من، حسن جوهر ويوسف فهد الغريب وأحمد الشحومي وحمد روح الدين وعيسى الكندري وعلي عبد الرسول القطان وعدنان عبد الصمد وعبدالله الطريجي وعبدالله جاسم المضف وأسامة الشاهين، في الدائرة الأولى.

وفوز كل من مرزوق الغانم ومحمد المطير وخليل الصالح وحمد المطر وسلمان العازمي وبدر الحميدي وبدر الملا وخالد العنزي وأحمد محمد الحمد وحمد سيف الهرشاني، في الدائرة الثانية.

كما أظهرت النتائج فوز عبد الكريم الكندري وأسامة المناور ومهند الساير وعبد العزيز الصقعبي ويوسف الفضالة وفارس العتيبي وهشام الصالح وسعدون حماد العتيبي ومهلهل خالد المضف وعمار العجمي، في الدائرة الثالثة.

بينما فاز في الدائرة الرابعة شعيب المويزري ومساعد عبد الرحمن المطيرى وفايز غنام المطيري وثامر الظفيري وسعود سعد المطيري ومحمد عبيد الراجحي ومرزوق الخليفة وفرز الديحاني ومبارك الحجرف وسعد الخنفور.

وفي الخامسة، فاز كل من حمدان العازمي وبدر الداهوم ومبارك عبدالله العجمي والصيفي مبارك الصيفي وخالد محمد العتيبي وحمود العازمي وصالح ذياب المطيري ومحمد الحويلة وناصر الدوسري وماجد مساعد المطيري.

يشار إلى أن نظام انتخابات مجلس الأمة الكويتي ينص على تقسيم البلاد إلى 5 دوائر انتخابية، يمثل كل منها 10 نواب، لتشكيل المجلس المكون من 50 نائبًا.

وعرفت صفاء الهاشم لتاريخها الطويل في العنصرية ضد الوافدين والتحريض عليهم من خلال تواجدها بمجلس الأمة الكويتي، في الوقت الذي تؤكد فيه الأسرة الحاكمة على كون الوافدين جزءًا لا يتجزأ من الكويت وذلك لمساهماتهم المستمرة في نهضة البلاد.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى