الحرب تصادر أحلام المقبلين على الزواج في اليمن
مكث الشاب “علي .س” من أهالي مأرب، شرقي اليمن، ما يربو على تسعة أشهر، وهو يؤخر موعد عرسه من أسبوع لآخر، ومن شهر إلى آخر، بسبب الحرب التي اندلعت في بلدته بين المقاومة الشعبية ومسلحي الحوثي واستمرت نحو نصف عام. يمن مونيتور/ خاص/ من وئام عبدالملك
مكث الشاب “علي .س” من أهالي مأرب، شرقي اليمن، ما يربو على تسعة أشهر، وهو يؤخر موعد عرسه من أسبوع لآخر، ومن شهر إلى آخر، بسبب الحرب التي اندلعت في بلدته بين المقاومة الشعبية ومسلحي الحوثي واستمرت نحو نصف عام.
التحق “علي” بصفوف المقاومة الشعبية، ومكث تسعة أشهر متناسياً الزواج، لكنه قرر بعد هذه المدة الطويلة، أن يتزوج متجاهلاً العديد من مراسيم الزواج وطقوسه التي اشتهرت بها الأعراس في تلك المناطق، مظاهر الأفراح، الولائم وغيرها.
وفي العديد من مناطق اليمن، هناك الآلاف مثل “علي”، صادرت الحرب أحلامهم في الزواح، وفي أحس الأحوال سلبت من الزواج مظاهره الفرائحية، وجعلته يوماً عادياً.
ترصدت الحرب أحلام الكثير من شباب اليمن، بل قضى الكثير منهم نحبه في تلك الحرب، سواء في صفوف المقاومة الشعبية أم مقاتلاً إلى جانب الحوثيين الذين شنوا حرباً ضروساً على كثير من مناطق اليمن بهدف السيطرة عليها بقوة السلاح.
الحرب تخفض سقف الأحلام
ظلت ” أسماء” التي تنتمي إلى أسرة غنية تقطن في مدينة “تعز”، وسط اليمن، مدة سنة كاملة تخطط لحفلة زواجها المرتقبة، لكن الحرب التي اشتعلت في أحياء المدينة، أواخر مارس/ آذار الماضي، أجّلت موعده، شهراً بعد آخر، ليستحيل هذا الفرح إلى مجرد حفلة عائلية متواضعة في مديرية “القاعدة” جنوبي محافظة” إب”، بعد أن نزحت من مدينتها الأصلية “تعز”، حضره الأهل وبعض الأقارب النازحين هناك.
تقول “أسماء”، “في ظل الحرب، ليس بمقدور أموال الدنيا بأكملها، تحقيق أبسط الأحلام، إقامة حفلة تليق بأسرة ميسورة قادة على فعل الكثير بهذه المناسبة”.
الزواج في ظل النزوح
“إيمان”، شابة أخرى، ظلت مخطوبة على مدى عامين، وطوال تلك الفترة عملت على التجهيز والتخطيط لحفلة زفافها، لكن الحرب أجبرتها على النزوح برفقة عائلتها إلى مدينة أخرى، وكان قد تحدد موعد زواجها منذ فترة، ظناً أن الحرب ستستمر شهر أو شهرين، وحين لم يحدث ذلك، فإنها ستتزوج مطلع شهر ديسمبر/ كانون الأول القادم، بعد أن اقتصر التحضير للزواج على الحاجيات الضرورية فقط.
تقول لمراسلة “يمن مونيتور”، نزحتُ مع أهلي إلى قريتنا، وتم تحديد موعد زواجي، لأن الحرب ما زالت قائمة، لقد اضطرتني هذه الحرب إلى خفض مستوى أحلامي، كل ما هنالك أني سأتزوج في قريتي في حفلة صغيرة بعيداً عن صديقاتي، وسأسافر مع زوجي بدلاً من الحفلة التي أصبحت الحلم المستحيل”.
تسريح من العمل
يقول “محمد علي”، موظف، أن موعد زواجه كان قد تحدد في مايو/ آيار الماضي، لكن تسريحه من العمل حال دون ذلك، فأجل الزواج إلى أجل غير مسمى”.
يضيف بحسرة لـ”يمن مونيتور”، “وضعي كشاب يختلف كثيراً عن وضع النساء، إذ تقع على عاتقي مسئوليات كثيرة، كإنشاء منزل، أو استئجار شقة، كما أن أهلي غير قادرين على كفاية أنفسهم بسبب تضاعف حجم المسئوليات في ظل الحرب، ولن يكون بمقدوري السكن معهم في منزل واحد”.
لقد مثلت الحرب، التي اشتعلت حرائقها في أغلب مناطق اليمن، كابوساً التهم كل أحلام الشباب المقبلين على الزواج، واصابتهم بخيبة أمل، في ظل ظروف صعبة يعيشها المواطن اليمني على الصعد كافة.
الحرب أدت إلى العزوف عن الزواج
ويقول “علي عبدالله”، وهو مأذون شرعي، إن الحرب، بكل تأكيد، ألقت بظلالها على كل أحوال الناس، وأثرت نفسياً واجتماعياً ومادياً، ما أدى إلى تأخير من أبرم عقد الزواج إلى أجل غير مسمى.
وأضاف “عبدالله” في حديث لـ”يمن مونيتور”، أن “هناك كثيرين عزفوا عن مجرد التفكير في الزواج، وآخرون ينتظرون الفرج، وإذا حدث أن أقدم أحدهم على الزواج فهو يريد ان يتحدى الوضع ويتعدى الصعاب، كي يرسم صورة تفاؤلية للمجتمع حتى لا يستسلم للظروف القاهرة التي يمر بها”.
وأشار أن “أعرف كثيراً ممن تركوا الحديث والخوض في أمر الزواج في ظل الظروف التي نمر بها، لأن الزوجية تعني السكن والسعادة وهذه ليست متوفرة في ظل اشتعال الحرب واستمرار القصف، وإراقة الدماء”.