تجار حروب وإيجارات مخيفة
في بلدنا الذي ذاق من المرارة الشيء الكثير يحدث أن هناك من يستغل هذه الأوضاع الصعبة التي تمر على المواطنين جراء الحرب، يستغلها أيما استغلال، فهو لم يدع من الهم شيئا إلا وأثاره، وبعث الأسى في قلوب من حوله.
هناك من هم مستفيدون من هذه الأوضاع كثيرًا لذا تجدهم يتمنون أن تستمر على ما هي عليه الآن ليستمر دخلهم الكبير الذي لولا هذه الأوضاع المأساوية لما استمر بشكله هذا المرتفع.
إلى صفحات المعاناة الجسام أضف صفحة أخرى هي ارتفاع سعر الإيجار، لقد أصبح الإقبال على استئجار البيوت كبيرًا للغاية فالناس النازحون من بيوتهم لا يجدون بدًا من أن يستأجروا بيوتًا أخرى يأوون إليها، وإن الضرورة لتدفعهم إلى القبول بتلك المبالغ الكبيرة التي يعرضها المؤجر عليهم تدفع رأس كل شهر مقابل دخولهم بيته والبقاء فيه.
شقق يصل سعر الإيجار فيها إلى مائة ألف ريال وهذه قد تكون لا تكفي لضم أفراد الأسرة جميعهم.
والمؤجرون في هذا الوقت يعيشون لحظات وأياما كلها طمعٌ وجشع تراهم بين كل شهر وآخر يطرقون أبواب المستأجرين بطريقك لا غير لائقة وبأسلوب لا يفسر بغير الغرور الكبير، يطرقون عليهم ليفاجؤهم بالخبر الجديد الذي مفاده أن قد تم رفع الإيجار إلى السعر الجديد، إلى السعر الذي لا يقوى المستأجر على سماعه وليس دفعه، وفي هذه الحالة ليس على المستأجر إلا القبول بذلك أو أن غيره أخير منه على حسب ما يتحدث أولئك المتكبرون مما يضطر ذلك المواطن إلى القبول أو المغادرة والجري بالبحث عن مكان جديد يكون سعر الإيجار فيه أقل من ذلك، كي يقوى على حمله إلى جانب حمل هم الإعالة لأسرته.
مرت سنوات منذ أن أطلقت أول شرارة لهذه الحرب اللعينة ومع مرور هذه السنوات يزداد الهم لدى المواطن المنكوب ويزداد الجشع لدى التجار وأصحاب البيوت فمن ملك تجارة أوبيتا كأنه ملك الدنيا ثم لكأنه أصبح له الحق في أن يذل الآخرين أمامه دون أن يعيرهم أي انتباه أو تقدير، ناهيك عن الذين حصلوا على الأموال الطائلة التي جاءتهم فجأة مع هذه الحرب ولم يلقوا مجالًا لصرفها إلا في هدم البيوت وبناء بيوت أخرى جديدة لها معايرها الخاصة التي تناسب أطماعهم وجشعهم الزائد، وتلك البيوت التي تهدم يخرج من كان ساكنًا فيها رغمًا عنه وخروجه يكون إلى الفراغ والبحث عن جديد مناسب وربما لا يلقاه إلا في مخيم صغير يضم النازحين.
لقد أصبح الإيجار عائقًا كبيرًا أمام المواطين الذين لا يجدون له بديلًا، فهم إما أن يسأجروا لهم مكانًا يناسبهم وإذا ما فعلوا ذلك فهم يخفقون ببقية أمور الحياة لأن المبالغ التي تفرض عليهم كبيرة_، وإما أن يستأجروا مكانًا ضيقًا يوفر لهم القليل من المال ليسيروا به بقية أمورهم المعيشية.