“أسامة” طفل ولِد في البلد الخطأ.. ارتفاع وفيات الأطفال اليمنيين بسبب سوء التغذية والأمراض
يمن مونيتور/ من حمدي دوبلة
” أطلب منكم المسامحة فقد أتعبتكم في حياتي” كانت هذه الكلمات آخر ما نطق به الطفل أسامة الحاج وهو في حضن أمه قبل أن يودع الدنيا ويرقد رقدته الأبدية.
لفظ أسامة عبده محمد الحاج13 عامًا أنفاسه الأخيرة قبل أيام فقط في قسم طوارئ الأطفال بمستشفى الثورة العام بصنعاء بعد أن فشلت كل المحاولات من أجل تأمين سرير عناية مركزة له إثر تعرضه لانتكاسة صحية مفاجئة بعد بضعة أشهر من إجرائه عملية قلب مفتوح في المستشفى ذاته.
رحل أسامة الذي عاش مع والديه خلال السنوات الأربع الماضية عذابات النزوح وويلات البحث عن حق الحياة الآمنة والحصول على الرعاية الصحية لكن قصته بقيت حية تحاكي معاناة الآلاف من الأطفال اليمنيين المصابين بأمراض القلب.
تقول “أم أسامة “والدموع ترقرق من عينيها:” مات ابني أسامة وهو في عمر الزهور بسبب الفقر وقلة الحيلة والعجز عن توفير تكاليف المستشفيات الخاصة ليموت ابني بين يدي طالبًا مني ومن والده المسامحة على ما تسبب به لنا من المتاعب وهذه الكلمات هي ما جعلت حزني عليه يتضاعف.
معاناة النزوح
كان الطفل الراحل يعيش مع أسرته في مخيم النازحين بمحافظة إب وقد نزحت الأسرة قبل ثلاث سنوات من مدينة الخوخة بمحافظة الحديدة بسبب سوء الأوضاع الأمنية هناك وبمجرد وصوله إلى المخيم بدأت تظهر عليه أعراض الإصابة بتشوهات خلقية في القلب لتبدأ الأسرة الفقيرة رحلة البحث عن علاج ..ويقول الإعلامي صادق هزبر وهو ابن خال الطفل أسامة ” الأسرة حصلت بعد جهد على دعم من قبل أحد رجال الأعمال الذي تكفل بنفقة إجراء عملية القلب المفتوح قبل سبعة أشهر بمستشفى الثورة صنعاء ونجحت العملية وخرج متعافيًا لكن قبل أسبوعين انتكست حالته في المخيم في إب وجاء به أبوه إلى صنعاء حيث فارق الحياة”.
تقول أمه الثكلى وهي تحكي قصة رحيله الحزينة بأن ابنها الراحل أسامة هو الثاني من أصل أربعة أولاد وبنت واحدة، وتضيف “كان أذكاهم فهو يدرس في المرحلة الإعدادية ومتفوق في دراسته لكن الموت خطفه بعد معاناته الطويلة مع مرض القلب منذ أن كان صغيًرا ولكنه كان صبورًا على تحمل الألم ولذلك لم نكتشف مرضه إلا قبل ثلاث سنوات تقريبا”
وتوضح “حالتنا المادية في اسوأ حال فرب الاسرة عسكري متقاعد ويوم ان تم قطع الرواتب ازدادت حالتنا سوءا ودفع ثمن ذلك ابننا اسامة”
مرضى آخرون
الطفل أسامة الذي عاد به والده الى إب جثة هامدة قبل أيام ليوارى جثمانه هناك ليس سوى واحد من آلاف الأطفال اليمنيين الذين يعانون أمراض القلب حيث يصاب طفل من بين كل 100طفل بتشوهات خلقية في القلب كما يقول الدكتور محمد شمسان استشاري أمراض قلب الأطفال بمستشفى الثورة العام بصنعاء
ويضيف شمسان في حديثه بأن حوالي 300طفل يمني يموتون سنويًا بسبب مرض القلب منهم 5% ممن يحظون بعمليات قلب مفتوح.
ويعزو الدكتور شمسان وهو أحد كبار استشاريي أمراض قلب الأطفال في اليمن ارتفاع نسبة الوفيات أثناء عمليات القلب المفتوح إلى عدم وجود مراكز متخصصة في جراحة قلب الأطفال والنقص الحاد في الكوادر المتخصصة في إجراء هذا النوع من العمليات الدقيقة.
ويضيف “أمام بعض التشوهات الخلقية في قلوب الصغار والتي تشكل خطرًا على حياتهم يضطر كبار جراحي القلب للكبار إلى إجرائها للأطفال وغالبا ما يكون التدخل الجراحي في العمليات السهلة أما تلك المعقدة فيتم إرسالها الى الخارج.
مراكز متخصصة
ومع تداعيات الحرب المتواصلة التي تشهدها البلاد وصعوبة السفر بات الخطر يتزايد على حياة آلاف الأطفال من مرضى القلب ما يتطلب وفق الدكتور شمسان البحث بجدية عن إيجاد مراكز متخصصة في جراحة القلب للأطفال وتأهيل كوادر متخصصة في هذا المجال.
أسامة الذي عجزت أسرته عن إنقاذ حياته بسبب فقرها وعدم توفر أسرة العناية الخاصة في المشافي الحكومية رحل عن الدنيا لكن قصته ستبقى تحاكي معاناة عشرات ومئات الآلاف من المرضى الصغار ليس فقط من يعانون مرض القلب بل مختلف الأمراض التي لا يجدون مرافق صحية مناسبة تنقذهم من ويلاتها فيما تظل المؤسسات الطبية الموجودة في تناقص مستمر بسبب الأوضاع الحالية.
الدور الغائب
عدم وجود أي مراكز متخصصة لجراحة قلب الأطفال يعكس غياب الاهتمام الرسمي وأيضا ضعف اهتمام المنظمات الإنسانية بهذا الجانب.
ويقول محمد الحرورة مسئول الحماية المجتمعية بجمعية الهلال الأحمر اليمنية بأن المنظمات الدولية والمحلية تركز جل جهودها حاليا في مجال الأعمال الإغاثية الطارئة بالنظر إلى ما تعيشه البلاد من أزمة إنسانية وتوفير الحد الأدنى من متطلبات الحياة الضرورية والخدمات الطبية الأكثر أهمية مثل الأدوية واللقاحات وغيرها ما يجعل معاناة مرضى القلب من الأطفال في اليمن مستمرة الى أجل غير معلوم.
” تم إنتاج هذه المادة من قبل شبكة إعلاميون من أجل طفولة آمنة التي يديرها مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي وبتمويل من اليونيسف (منظمة الطفولة)“.
تنشر هذه المادة بمناسبة #اليوم_العالمي_للطفل وفقًا لتفاهم بين “يمن مونيتور” والشبكة