لم تفقد إيران الأمل بعد في إمكانية إنقاذ مشروعها في اليمن الذي ينفذه الحوثيون وحليفهم صالح على الرغم من عجزها عمليا عن التدخل عسكريا بعد تدخل التحالف العربي بقيادة السعودية في 26 مارس الماضي استجابة لطلب الرئيس الشرعي.
لم تفقد إيران الأمل بعد في إمكانية إنقاذ مشروعها في اليمن الذي ينفذه الحوثيون وحليفهم صالح على الرغم من عجزها عمليا عن التدخل عسكريا بعد تدخل التحالف العربي بقيادة السعودية في 26 مارس الماضي استجابة لطلب الرئيس الشرعي.
كانت طهران تمني نفسها منذ زمن بموطئ قدم في باب المندب لتتحكم بحركة الملاحة حيث تمر سفن النفط العالمية ولم يخف أكثر من قائد عسكري إيراني أطماعهم في الموقع الاستراتيجي الذي تمتلك اليمن حق السيادة عليه وظهر ذلك حين سيطر الحوثيون على باب المندب وجزيرة ميون قبل دحرهم منها.
وامتد طمع إيران إلى بحر العرب على أمل خنق السعودية هناك ولذلك كانت حضرموت أحد أهداف وكلائهم لكن انشغالهم بمعارك السيطرة على المحافظات الأخرى وتدخل السعودية أربك حساباتهم ومثل صفعة قوية لإيران قبل وكلائها بالداخل.
حاولت حكومة الملاللي تزويد وكلائها بالسلاح وأعلن التحالف أكثر من مره ضبط قوارب محملة بالسلاح وقصف أخرى على الرغم من سيطرته الكاملة على الحدود اليمنية بريا وبحريا وجويا,فكيف لو لم تكن مرافئ اليمن تحت الرقابة؟
في ظل عزل السعودية لإيران عن فعل أي شيء باليمن بقي رهانها قائما على ثلاثة أشياء للحفاظ على مشروعها في اليمن بما يمثله من تهديد لنا كشعب وأرض وللجوار العربي والمنطقة بشكل عام.
الخيار الأول دفع وكلائها للاستمرار بالحرب رغم تغير الظروف والمعادلة داخليا بغية تحقيق انتصار أو على الأقل المحافظة على جزء من جغرافيا البلاد وخاصة المحافظات المهمة مثل العاصمة صنعاء ومأرب الغنية بالثروات وعدن لكنها هزمت في المحافظتين ولم يبق أمامها إلا محاولة التشبث بتعز والحديدة وصنعاء من أجل تقوية أوراق وكلائها عند التفاوض.
وهذا الخيار يعني بشكل واضح أن طهران ضد أي حل سياسي يستند للمرجعيات المعروفة وأهمها قرار مجلس الأمن(2216),وما يصدر من تصريحات من مسؤولييها بين الحين والآخر مجرد تضليل إعلامي,وإلا فهي فشلت باختبار إقناع وكلائها بتنفيذ القرار الدولي الإلزامي الصادر عن مؤسسة دولية تابعة للأمم المتحدة التي هي عضو فيها.
الدليل الآخر ما أعلنته وكالة تنسيم شبه الرسمية عما قالت إنها مسودة تفاوض وكلاء طهران مع المبعوث الأممي بمسقط وخلاصتها نسف أهم مرجعتين للتسوية وهما القرار الدولي ومخرجات مؤتمر الحوار واعتبارهما ملحقين بدرجة ما يُعرف بـ”مبادئ مسقط السبع”.
بحسب الوكالة الإيرانية,تطرح – المسودة – قضايا المحادثات وهي “خارطة الطریق لعودة الیمن إلى الانتقال السیاسي وإجراءات بناء الثقة والخطط التنفیذیة”,وهذا يناقض كليا منطق التسوية وحل المشكلة القائمة وهي الانقلاب,ويعد أحد الأسباب التي أدت إلى تأجيل المحادثات من منتصف الشهر الجاري ثم إلى تاريخ 27 وصولا إلى 13 ديسمبر القادم.
في المقابل تطرح السلطة الشرعية محطتين للمشاورات وهي محقة بذلك,تتمثل الأولى في “استعادة الدولة وبسط نفوذها وتسليم الأسلحة التي نهبت للدولة ومعسكرات الدولة، وفك الحصار عن تعز وكل المدن اليمنية تتبعها المرحلة الثانية وهي المشاورات السياسية”,وفق تصريح د.محمد بن موسى العامري,مستشار الرئيس.
لكن ماذا كان جواب الطرف الآخر,يجيب العامري “يصرون على ضرورة أن تبدأ المحطة الثانية السياسية قبل الأولى التنفيذية والمتعلقة بإزالة آثار الانقلاب”.
وبالعودة إلى الخيار الثاني لإيران,فهو اللعب على ورقة الجانب الإنساني والإكثار من الصراخ المزعوم عن حرصها على اليمنيين وقلقها من الكارثة الإنسانية الناتجة وفق تقديرها من حصار التحالف وهو غير صحيح كون الحصار مفروض على تهريب الأسلحة,أما البضائع ومواد الغذاء والمشتقات النفطية فهي تصل عبر سفن تجارية أسبوعيا لميناء الحديدة وآخرها ست سفن رست في ميناء الحديدة على متنها 61 ألف و291 طن من الديزل والقمح والإسمنت والدقيق.
مشكلة اليمنيين كانت ولا تزال بالسوق السوداء التي تتاجر بها مليشيات الانقلاب وتبيع فيها كل شيء وتجني ملايين الدولارات والشعب يموت جوعا,حتى أنها تسرق مواد الإغاثة,وفضلا عن ذلك فلا يحق لبلد مثل إيران لم يقدم أي شيء حتى مساعدات تُذكر أن يزايد إنسانيا.
الجانب الإنساني سلاح إيران لتأليب الرأي العام العالمي ضد السعودية والتحالف وتعاونها بذلك المنظمات الدولية ذات الأجندة السياسية مثل أوكسفام البريطانية وبعض المنظمات الأممية,التي تركز عملها فقط على ضحايا الغارات الخاطئة للتحالف بهدف انتزاع قرار دولي بوقف الحرب.
الخيار الثالث وهو المراهنة على تغيّر المواقف الدولية وآخرها التدخل الروسي بسوريا والذي تعارضه السعودية بشده ومعها تركيا وقطر وهو ما يزعج موسكو التي فشلت بعد مرور شهرين على غزوها لسوريا بتحقيق أي نتائج من قبيل تمكين النظام من استعادة جزء من الأراضي التي خسرها.
طهران تراهن على علاقتها بحليفتها لإعادتها لموقفها الذي كان إلى حد ما مؤيدا للحوثيين قبل تغيره بفضل الدبلوماسية السعودية والاتفاقيات التجارية,وباتت الفرصة سانحة اليوم بعد التوتر بين أنقره وموسكو على خلفية إسقاط مقاتلة للأخيرة انتهكت أجواء تركيا لإقناعها بتشديد مواقفها تجاه حلفاء تركيا ومنهم السعودية.
تسعى إيران لكسب موقف روسيا دبلوماسيا في رؤية الحل لما يجري باليمن وربما دفعها في حال استمر معارضة موسكو بسوريا وتطور لعمل عسكري إلى تدخل جوي وهذا أخطر سيناريو سيهدد مكتسبات التحالف ويعيدنا إلى البداية والمؤشرات تتوالى مع تسريبات عن طلب روسي للانقلابيين بإنشاء قاعدتين عسكريتين الأولى بصعده والثانية بالمهرة وإن صح هذا فستكون مشروعية التدخل المحتمل.