التجربة الإماراتية، قصة نجاح عربية قادمة من الصحراء؛ وهي من أواخر الدول العربية التي حصلت على استقلاها في سبعينات القرن الماضي، وقضت الظروف السياسية، إلى إقامة حكم يلبي الحاجة، بعيداً عن “الثورجية” والأيدلوجيا التي سادت آنذاك. التجربة الإماراتية، قصة نجاح عربية قادمة من الصحراء؛ وهي من أواخر الدول العربية التي حصلت على استقلاها في سبعينات القرن الماضي، وقضت الظروف السياسية، إلى إقامة حكم يلبي الحاجة، بعيداً عن “الثورجية” والأيدلوجيا التي سادت آنذاك.
فنشأ نظام سياسي يمثل البيئة الاجتماعية ويعكس صورتها في شكل نظام سياسي يقوم على الشراكة، أفضى إلى قيام دولة اتحادية، أي أن هذا النظام لم يقم على المغالبة أو الأحادية، وتنفرد الإمارات بهذه التجربة في العالم العربي.
قطعت الإمارات شوطاً كبيراً في البناء والتنمية، ولم تأبه بالأيدولوجيات، فالاستقرار السياسي القائم على الشراكة والرضا الشعبي، عكس تنوعات أخرى، فلقد زاوجت التجربة الإماراتية بين الانفتاح والمحافظة على الهوية، كما انفردت الإمارات من بين دول الخليج النفطية في تنوع اقتصادها القومي.
وإذا أسقطنا الأيدولوجيات التي انتشرت في العالم العربي سوف نجد أن هذه الدولة دولة قومية بامتياز، وهي اشتراكية عبر تحقيق الرفاه لمواطنيها، ولقد تحققت حلم منظري الاشتراكية بشهادة منظري اليسار، ودولة ليبرالية فيما يتعلق بحرية التجارة والأسواق المفتوحة، ودولة اسلامية بهويتها ومعتقدها وسلوك مجتمعه؛ وهذه التجربة لافتة ومثيرة للإعجاب من قبل الكثيرين.
ولا أعتقد أن الإمارتين أمضوا الكثير من الوقت في التنظير الأيدلوجي وتعقيداته، لكنهم ظلوا مهتمين بشيء واحد، هو مواكبة الحكم للاحتياج ضمن المتغيرات.
أصبحت الإمارات قوة رأسمالية نامية ولديها فائض من القوة أهّلها لأن تكون ضمن عواصم القرار في الإقليم، اتضح هذا من خلال وجودها في اليمن ضمن التحالف العربي، فالوجود الإماراتي في اليمن يستند إلى نظرة استراتيجية للأب المؤسس الشيخ “زايد بن سلطان آل نهيان”، ففي منتصف السبعينيات وبعد استقلال الدولة اتجه الشيخ زايد إلى عدن ومدّ يد المساعدة للدولة حديثة الاستقلال في عدن يومذاك، ولم يلتفت كثيراً للتوجه الأيدلوجي للدولة في عدن، كذلك اتجه إلى صنعاء وقدم الكثير في المجال التنموي للحكومة.
لقد كان الشيخ زايد أكبر من الأيدلوجيات وحسابات السياسة، كان انسان عربي بسيط ومتواضع وحكيم. تغلب عليه طبيعته التي تشربها في مجتمعه البدوي وهي حب الخير والنجدة للآخرين، ولم تستطع السياسة أن تنتزع الكثير من سلوكه وتوجهه الفطري الخيّر.
ومن أعظم المعالم للدعم الإماراتي في اليمن هو خط مأرب صنعاء والذي أنجز في العام
1978م وتشييد سد مأرب في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي، وهناك الكثير من الطرق الريفية المعبدة في مأرب كانت على نفقة الإمارات.
وفي العام الحالي طلت الإمارات ضمن دول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية لكن في وضع مختلف حيث تتعرض اليمن للضياع من قبل قوى الفوضى ممثلة بمليشيات الحوثي.
وكان الحضور الإماراتي فاعلاً وقوياً ليس في الجوانب العسكرية فقط، بل في الجوانب الإنسانية والتنموية أيضاً، وحُظي الدور العسكري لفرسان القوات المسلحة الإماراتية بتقدير كل القوى الوطنية في اليمن مع بقية اخوانهم في التحالف العربي وقدموا تضحيات جسيمة لن ينساها أحرار اليمن عبر الأجيال.
وقبل أيام قلائل استقبل الشيخ محمد بن زايد، وفداً من قبائل مأرب على رأسهم محافظ المحافظة الشيخ سلطان العرادة، وقد عبر أبناء مارب عن شكرهم وتقديرهم العالي لدور الإمارات الفعال في تحرير أجزاء من مأرب من قبضة الحوثيين، وعبر العرادة بمرارة عن القطيعة التي فرضتها بعض مراكز القوى بين الأخوة العرب.