كتابات خاصة

التعليم دمر اليمن

محمد السامعي

التعليم دمرنا، التعليم دمر اليمن، لولا التعليم لكان وضعنا أفضل؛ هكذا قال أحدهم لأحد الأصدقاء بعد نقاش بينهما حول الأوضاع الحالية التي تعصف بالبلاد ومسبباتها. التعليم دمرنا، التعليم دمر اليمن، لولا التعليم لكان وضعنا أفضل؛ هكذا قال أحدهم لأحد الأصدقاء بعد نقاش بينهما حول الأوضاع الحالية التي تعصف بالبلاد ومسبباتها.
هذا الاعتقاد العجيب والغريب من ذلكم الشخص ليس مقترناً به فقط؛ بل هناك أيضاً من يجزم أن التعليم سبب أزمات اليمن، وإن المثقفين والمتعلمين وحملة الشهادات هم من أوصلوا بلادنا لهذه الحال المأساوية.
تفكير مأساوي من أفراد يعيشون المأساة بكل تفاصيلها، واعتقاد حزين لأشخاص يتجول الحزن في حياتهم بكل حرية؛ وأمام بشاعة المأساة وبؤس الحزن قاموا بتحميل التعليم مسألة تدمير اليمن.
اندهشت كثيراً واستغرب عقلي وفكري وقلبي حينما أخبرني صديقي بأن ثمة من يعتقد أن التعليم دمار، وأن الثقافة تخريب، والفكر عامل من عوامل الجوع كما يعتقد هؤلاء الذين يعيشون العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، قرن الثقافة والمعرفة والتكنولوجيا والسرعة بكل أطيافها.
فإذا كان التعليم سبباً لتدمير اليمن، فالأمية سبب لماذا، وإذا كان المثقفون سبباً لتخريب البلد، فالأميون سبب لماذا؟؟!!.
هل الجهل الذي يعيشه اليمن منذ فترة طويلة كان سبباً لتقدم اليمن ووصولها مراكز متقدمة على المستوى العالمي في كل جميل؟!
وهل الأمية التي مازال الكثيرون يقومون بتغذيتها حتى الآن سبب لازدهار اليمن في الصناعة الحاضرة والتكنولوجيا الفريدة التي تعيشها الآن؟!
كم نحن بحاجة لقتل التعليم ووأد الفكر وشنق المعرفة كي ننعم بالحياة الجميلة التي كنا نعيشها إبان حكم نظام صالح، وكم نحن بحاجة ماسة لقتل المثقفين الذين أوصلونا لهذه الحرب وهذا الحزن، هكذا يعتقدون!
لا للتعليم بعد اليوم، ولا للفكر بعد هذه اللحظة، فنحن نريد الأمن والاستقرار، ولا نفضل تعليماً دمر اليمن!
صديقي الباني والعامر الذي تعتقد أن التعليم دمر اليمن: ماذا تريدنا أن نفعل، وماذا ترغب أن نعمل كي نقضي على مدمر البلاد؟؟!!
حسناً، أعتقد أننا بحاجة ماسة لإغلاق ما تبقى من مدارس وجامعات ودور علم، كي نعيش في بلد خالٍ من التدمير والمأساة.
فلتبدأ السلطات من الآن بالقضاء على كل وسائل التعليم وسجن المثقفين، كي ننعم بالأمان والاستقرار، فنحن لسنا بحاجة لحوارات سياسية أو جنيف 1 وجنيف 2 اقضوا على التعليم والمثقفين وكفى.
للأسف جداً جداً، قد يكون من يعتقد ذلك معذوراً فهناك من السياسيين والمشايخ القبليين من يريدون ترسيخ الجهل واتساع الأمية ونشر اللاوعي على مساحات كبيرة في البلاد كي يتسنى لهم حكم البلاد والقبائل.
فالنظام السابق عمل على تشجيع الجهل وإهمال التعليم والمدارس والجامعات؛ بل إن خبراء يقيمون مؤشر التعليم في اليمن من أسوأ المؤشرات في العالم، ورغم وجود جامعات ومدارس إلا أن نسبة الأمية في صفوف اليمنيين مازالت مرتفعة بأكثر من 50% من عدد السكان، وثمة من يرفع الرقم إلى 60%!.
تهميش التعليم وإهمال المتعلمين وطرد المثقفين والتنكيل بهم تصرفات مارسها النظام السابق على مدار أكثر من ثلاثة عقود ومازال هذا النظام وحلفاؤه يمارسون ذلك حتى اليوم بمساندة قوية ممن يظنون ويوقنون على يقين مطلق بأن التعليم دمر اليمن.
ولن نكون مبالغين إن قلنا إن نظام صالح اهتم بالبندقية أكثر من القلم وعمل على شراء الأسلحة بكميات مهولة وإهمال الكتب المدرسية والجامعات التي تحولت كمؤسسات خاصة بنهب الطلبة الراغبين بالتعليم، وكأن ذلك عقاب لهم لأنهم قرروا طرد الجهل.
حتى في موازنة الدولة لو قمنا بتقييم ذلك منذ عقود لوجدنا أن الإنفاق على التعليم قرابة 1% فقط من الإنفاق على الأسلحة التي هي بالفعل من دمرت اليمن وأوصلت البلاد لما هي عليه الآن.
والمحزن أيضاً حالياً استمرار مأساة الطلبة والمدارس والجامعات، حتى إن الكتاب المدرسي أصبح يباع في السوق السوداء، في الوقت الذي تصرف فيه المليارات للأسلحة وأخواتها.
في الأخير نقول “إننا لن نرتقي أبداً، ولن تتطور البلاد إلا إذا عملنا جميعاً دولة وأفراد في سبيل النهضة التعليمية والقضاء على الجهل الذي سبب المأساة والحزن والحرب والتفكير السلبي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى