تراجم وتحليلاتغير مصنف

رسائل “تنظيم الدولة” إلى “قاعدة اليمن”.. الأهداف الخفية

خلال الأيام الماضية وجه “تنظيم الدولة الإسلامية” عدداً من الرسائل لفرع “تنظيم القاعدة” في اليمن، لم يوجِّه التنظيم رسائل بهذه الكثافة، وعلى هذا النحو من الاستقصاد، لأفرع القاعدة الأخرى، في المغرب والصومال وسورية وغيرها، وهو ما أثار استغراب كثير من المتابعين. يمن مونيتور/ خاص/ من محمد مراد  
خلال الأيام الماضية وجه “تنظيم الدولة الإسلامية” عدداً من الرسائل لفرع “تنظيم القاعدة” في اليمن، لم يوجِّه التنظيم رسائل بهذه الكثافة، وعلى هذا النحو من الاستقصاد، لأفرع القاعدة الأخرى، في المغرب والصومال وسورية وغيرها، وهو ما أثار استغراب كثير من المتابعين.
وبدا واضحا، من مضمون الرسائل، أنها تهدف إلى تذكير فرع القاعدة في اليمن بماضيه الذي يبدو متناقضا مع حاضره، خصوصا في الموقف من تنظيم الدولة.
كما هدفت تلك الرسائل إلى وضع الموقف الجديد لهذا الفرع من تنظيم الدولة فيما يراه التنظيم سياقاً طبيعيا له.
 
انقلاب موقف
بدا فرع تنظيم القاعدة في اليمن، وهو يبتعد تدريجياً عن تنظيم الدولة الإسلامية، كما لو أنه يخوض مواجهة عنيفة مع ماضيه. ربما كانت أصعب من كل المواجهات العسكرية والأمنية التي خاضها منذ تأسيسه ضد تحالف دولي.
وفي مهمة الانقلاب على الموقف السابق من تنظيم الدولة الإسلامية، احتاج فرع القاعدة في اليمن إلى مبررات تسوِّغ هذا الانقلاب لدى أعضائه ومناصريه.
كما كان فرع تنظيم القاعدة في اليمن بحاجة إلى قتل تنظيم الدولة في قلوب أعضائه قبل أن يعلن عن موقفه الرسمي منه، خصوصاً وأن أعضاءه كانوا يتوقعون موقفا آخر.
وانطلق فرع قاعدة اليمن في مواجهته مع ماضيه من حاضر تنظيم الدولة الإسلامية، المتأثرة لغته بأحداث الخلاف، وكان لذلك أهميته في إثبات بعد هذا الموقف عن حظوظ النفس، وعلاقته بما طرأ من مستجدات.
ومن هنا بدأ يتحدث عن ضرورة إجلال العلماء وأهل السبق في الجهاد، تعريضاً بمهاجمة تنظيم الدولة للدكتور أيمن الظواهري، عبر كلمة صوتية للمتحدث الرسمي باسم الدولة، أبو محمد العدناني، كان عنوانها “عذرا أمير القاعدة”.
وحسب معلومات خاصة حصل عليها “يمن مونيتور”، فقد كلف فرع التنظيم في اليمن بعض قادته المؤثرين، كـ”حارث النظاري” و”إبراهيم الربيش”، بعمل دورات داخلية الغرض منها تهيئتهم للموقف الجديد، وهذا، ربما، كان هذا سبب اضطرار أمير فرع القاعدة في اليمن، ناصر الوحيشي، للنزول الميداني واللقاء المباشر بالمقاتلين في الفترة الأخيرة.
ففي رده على فيلم قناة الجزيرة الوثائقي “مخبر القاعدة” قال القيادي إبراهيم عسيري إن من الأسباب التي سهلت على الطائرات الأمريكية الوصول إلى الوحيشي، قراره بالتخلي عن بعض أمنياته واللقاء المباشر بـ”المجاهدين”، لأن في ذلك مصلحة تفوق مصلحة الحفاظ على حياته، في إشارة إلى ما يقوم به قادة التنظيم من لقاءات مباشرة بالأعضاء بهدف اقناعهم بالموقف الجديد من “تنظيم الدولة”.
  
نزوح محدود
وبعد أشهر من التهيئة صرَّح فرع تنظيم القاعدة في اليمن بموقفه الرسمي من تنظيم الدولة ومن إعلانه الخلافة، وبدأ باستخدام مفردات ومسميات تنسجم مع الموقف الجديد، كـ”جماعة الدولة”، إذ لو اعترف بها كدولة لتوجب عليه حل نفسه ومبايعتها، رغم أنه كان، قبل الخلاف، يستخدم مسمى “دولة العراق الإسلامية” ويعتبرها دولة، مع أنها لم تكن تسيطر.
واستطاع هذا الفرع، من خلال الجهد الذي بذله في هذا الجانب، أن يحد من موجة النزوح إلى تنظيم الدولة، التي كان من المتوقع أن تعقب الإفصاح عن موقفه الرسمي، فنسبة من غادروا التنظيم، مقارنة بمن بقوا، تُعتبر متواضعة، وفقاً لمعلومات من مصادر مقربة من “القاعدة”.
كما استطاع هذا الفرع، من خلال استغلال أخطاء فرع تنظيم الدولة الإسلامية في اليمن، أن يستعيد بعض المنشقين عنه.
 
منهجان مختلفان
وبعد إفصاح قاعدة اليمن عن موقفها الرسمي من الدولة الإسلامية، بدأت بتمييز نفسها، من خلال التخلي عن أمور اشتهر التنظيم بها، كالقتل ذبحاً، حيث مارسته القاعدة في عمليات عدة، لعل أشهرها عملية الحوطة بوادي حضرموت العام الماضي، حين أعدم مسلحو القاعدة 14 جنديا بعضهم ذبحا بالسكاكين.
وفي رده على سؤال أحد الصحافيين، استنكر القيادي البارز في قاعدة اليمن، نصر بن علي الآنسي، عمليات القتل ذبحاً، واعتبرها من الأمور المخالفة للفطرة.
كما توقفت قاعدة اليمن عن استهداف التجمعات المختلطة لجماعة الحوثي (تضمن حوثيين وآخرين) رغم أن أولى عملياتها ضد الجماعة بعد سيطرتها على العاصمة صنعاء، استهدفت تظاهرة مختلطة قُتل وجرح فيها المئات.
 
منفذ سهل
ويحاول تنظيم الدولة الإسلامية، من خلال رسائله الأخيرة، محاكمة حاضر فرع “القاعدة” في اليمن من خلال استدعاء ماضي هذا الفرع، علَّ ذلك يعيده إلى قلوب أعضائه.
كما يحاول التنظيم، على ما يبدو، شق صف هذا الفرع الذي يرى أنه يشكل خطرا على مستقبل وجوده في اليمن، خصوصا بعد أن تمكن من التأثير على بعض من كانوا قد انشقوا عنه وإعادتهم إلى حضيرته.
 وركز تنظيم الدولة على ماضي فرع القاعدة في اليمن، ومقارنته بحاضره، باعتباره منفذاً سهلاً يمكن العبور منه، على اعتبار أن المسافة بين موقفي فرع القاعدة في اليمن كبيرة جداً. 
والأهم من ذلك أن رسائل تنظيم الدولة عرضت فرع القاعدة في اليمن بصورة تجيز لهذا التنظيم اتخاذ مواقف عمليه منه، فهو، بحسب الرسائل، يهادن الصحوات (لجان أبين الشعبية) بشروط مذلة، ويسمح بوصول البترول إلى جماعة الحوثي عبر ميناء المكلا، ويسلم مدينة المكلا لمجلس أهلي يرأسه برلماني، ويمارس أشياء أخرى كثيرة تخل بمبدأ الولاء والبراء، من وجهة نظر تنظيم الدولة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى