عدن تصرخ وتستغيث
احمد ناصر حميدان
عدن تصرخ وتستغيث , والفيديو المتداول لمرأة عدنية تستغيث رجال عدن واحرارها للحال الذي وصلت اليه عدن , بعد أن خطفت ابنتها في وضح النهار , ولم تكن الحادثة الاولى ولن تكون الاخيرة , في ظل ما يحدث بعدن .
في عدن ثمة موت معلنا للقيم والاخلاقيات , بعد أن فقد السياسيين بوصلة السياسة , واعتقدوا أنها فن (المدياسة ),ونشروا العفن , والسياسة هي فن الممكن في التعامل مع الشؤون العامة , فن تشخيص المشكلات ووضع الحلول , فن اختيار الشخص المناسب للمكان المناسب , فن تشكيل القوات المعنية بأمن وامانها المواطن والوطن , وفن الإدارة والتعامل مع الآخر بحيث لا ضرر ولا ضرار , ولم ترى عدن غير عفن , والنتيجة تشكيلات لم تستطيع ان تضبط واقع الحياة في عدن , بل وجدت نفسها تحت سلطات متناحرة , تديرها لحروب عبثية , وخصومة فاجرة , وعفن وكراهية وشحن وتحريض , وتبادل للمكائد والخديعة حيث تخلق واقع عدن اليوم , من ترسيخ للنظم والقوانين والحرية والعدل والإنصاف , الى فوضى الكل ( سياسي وعسكري )يمارس العبث فيها بدون ضبط وربط قيمي وأخلاقي وقانوني .
هذا ما حدث ولازال يحدث في عدن , مؤشر على موت السياسة، وخارج دائرة العقل السياسي السوي , وعندما تموت السياسة، ويضطرب الفضاء العام وتشيع الفوضى، فالضحية المواطن والوطن , والمستفيد سياسي بليد يقدم خطاب عفن والفاظ هابطة سوقية , ويجد من يصفق له من الهابطين فكريا وثقافيا واخلاقيا .
لكل سياسي بليد علامة لفظية اليوم يرددها الاغبياء كالببغاء , نكاية بالأخرين , ومشكلتنا في هذا النوع من الاغبياء , استخدمهم عفاش جيدا ولم ينجح , ولن ينجح بهم سياسيي البلادة , بل يعملون على اطالة فترة الرداءة والبلاهة .
يبقى السؤال اين رجاحة عقل السياسيين الذين عرفتهم عدن ؟, وكانوا علامة ثقافية وفكرية وسياسية تفتخر بهم عدن , لماذا هذا الصمت عن ما يحدث بعدن ؟ عدن اليوم لم تعد تحتمل السكوت والتهاون لما يحدث لها , وتحتاج لاصطفاف وطني وانساني وقيمي وأخلاقي , لمواجهة العبث و التدهور والانفلات فيها .
ما هو مردود الفعل الوطني والانساني والقيمي للفيديو تلك المرأة ,التي عبرت عن مكنون اهل عدن بصدق الاحساس وامانة الطرح وحقيقة الواقع ؟ .
نحن لسنا ضد أي مكون سياسي , الساحة متاحة للممارسة السياسية للكل وفق نظم وقوانين متفق عليها , المشكلة فيمن يريد ان يفرض نظمه وقوانينه الخاصة , ويريد ان يفرض نفسه وصيا على الجميع , يعملون تحت امرته وقوانينه ونظامه , أي طاعة إذلال ومهانة , والنتيجة تجريف عدن من الاخر من التنوع السياسي والفكري والثقافي , والموجودين يقاومون وبصعوبة بالغة , وهم تحت عصا وبندقية المسيطر , والمبررات الواهية كثيرة في ظل سيطرة المزاج السياسي والايديولوجي الرافض للأخر , مبررات ستجد قبول لدى المصطفين .
هذه هي مشكلة عدن التي خرج من رحمها عدد مهول المشكلات والعبث , من غلاء الاسعار لفقدان الرواتب , للانفلات الأمني , للانتهاكات والمداهمات , وصراع النفوذ , والقتال بين الكتائب نفسها على قطعة ارض او نهب ايراد او من اجل نقطة عسكرية , اليوم الكل مستهدف من اكبر كبير لأصغر صغير , عندما تنتهي المصالح تبد الاحقاد , والبداية الخطأ تؤدي لنهاية كارثية نحن اليوم نعاني منها , والله يستر من القادم اذا استمر الحال على نفس المنوال .
الناس تنتظر ان يصحوا السياسيين , ويتوافقون على وطن يستوعب الجميع , ونظام وقانون يضبط إيقاع الحياة العامة , و يضع الإنسان المناسب في المكان المناسب , وتعود عدن حرة ابية , مركز تجاري واقتصادي تنافس بقوة , وعصية على الأطماع و مرتزقتهم والاغبياء الذين يتبعون بدون بوصلة , وان غدا لناظرة لقريب .