في كل صباح أتخاذل في فتح عيني للضوء وأنا عاشقة الضياء.. لم يعد الأمر كما كان.. صارت أضواء هذه المدينة تخيفني كظلامها..
في كل صباح أتخاذل في فتح عيني للضوء وأنا عاشقة الضياء.. لم يعد الأمر كما كان.. صارت أضواء هذه المدينة تخيفني كظلامها..
أحدث نفسي : علي أن أغمض عيناي أكثر فأحلام النصر لها لذة وجودية لا يشعر بها إلا المنهكون في ثغور الانتظار..!
ثم أعود فأحدث نفسي : ماعليك يا (بنت) يحرقوا كلهم ويروحوا سقر.. افتحي عينيك وعيشي مثل صديقاتك لا يعرفن عن مايحدث ولا يبحثن عن معرفة..
أحاول إقناع نفسي بهذا أو بذاك..لكني أفشل..لم يعد أمر التفكير بما آلت إليه أوضاعنا في يدي..لقد صرت أنا في يديه..
أستمر في الحديث لنفسي وأنا مغمضة العينين أتمتم هذه المرة قائلة: يجب أن أكون قوية الضوء هو صديقي هو الأمل الوحيد في جعل الحقيقة بلا رتوش.. وتنتصر إرادتي في معانقة الضوء..أخرج من بيتي مصافحة وجوه الناس..معانقة معاناتهم اليومية، ذلك الطفل في ربيع عمره الثامن إن لم يكن أقل.. يقف وسط شارع الستين..يسميه الجميع شارع الموت.. لكن صغيري يقف هناك حافي القدمين..ملابسه متسخة جدا وممزقة جدا، لكنه مبتسم ابتسامة سعادة وعينٰيه تشعان بريقاً فاتنا.. يحمل في يديه باقة ورود طبيعية كلها حمراء.. ويقف عند نوافذ السيارات يبتسم للسائقين الذين يلبسون وجوههم بالمقلوب قائلا (ياعم اشتر مني ورد.. ياعم “تشتي” ورد؟؟!!)
يرد بغضب ( “وخر” من جنب السيارة لاتبكر تحملني نفسك)
يبتعد مبتسما ويجدد محاولاته في سيارات أخرى، ويحمل روحي معه عالقة، ربما على ورقة وردة من وروده الحمراء القانية ..وربما في إبتسامته.. وكل يوم أقرر أن أشتريَ منه ورداً..لكني حين أواجهه أخاف ولا أشتري .. أخاف من النظرة التي سيصفعني بها من في الباص..سيعتبروني فتاة سيئة ﻷني أقتني ورداً وأسير بها في الشوارع، وسيراني الرجال وستحدث فتنة..
يا ألهي كيف صار حمل السلاح فخراً وشرفا..وحمل الورود عيباً وخرقاً للأدب.
لا بأس ياصغيري استمر في بيع الورد يكفي أن أعانقك ابتسامتك وورودك كل صباح، لن تعرف ما الذي يحدث في روحي حين أراك كل صباح، لم يلحظ أحد أنك تبيع الورد في وسط أخطر شارع في العاصمة..بينما على حواف الشارع يقف تجار السوق السوداء يبيعون البترول، يبيعون رزقك وطفولتك وأمانك.!!!
لم يفكر أحدهم أنك تستحق مدينة آمنة..تستحق حمل حقيبة مدرسية..
لم يفكر أحدهم أن مكانك في فصلك الدراسي شاغرا..وأن أقلام ألوانك تشتاق دفء يديك الصغيرتين اللتين تحتضنان باقة الورد بكل هذا الود.
في كل صباح لن أغمض عيني سأفتحمها على لون ورودك وعلى ابتسامتك..يوماً ما سأكون شجاعة مثلك وسأشتري منك وردا..