لماذا لا يهاجم تنظيم “الدولة الإسلامية” جمهورية إيران داخل أراضيها؟
يتساءل كثيرون عن سبب عدم استهداف تنظيم الدولة الإسلامية لجمهورية إيران داخل أراضيها، على غرار استهدافه لفرنسا وروسيا خلال الأيام الماضية، وتهديده باستهداف بلدان أخرى في أوربا، رغم قرب إيران وبعد هذه الدول جغرافيا. يمن مونيتور/ من محمد مراد
يتساءل كثيرون عن سبب عدم استهداف تنظيم الدولة الإسلامية لجمهورية إيران داخل أراضيها، على غرار استهدافه لفرنسا وروسيا خلال الأيام الماضية، وتهديده باستهداف بلدان أخرى في أوربا، رغم قرب إيران وبعد هذه الدول جغرافيا.
ويبدو أن دافع هذا السؤال، لدى كثيرٌ ممن يطرحونه، اعتقادٌ بأن هذا التنظيم من صُنع إيران، حيثُ يُطرح غالبا كدليلٍ على صحة هذا الاعتقاد وليس للاستفسار.
غير أن عدم قيام تنظيم الدولة الإسلامية بعمليات داخل الأراضي الإيرانية، يُبقى هذا السؤال مطروحا، بغض النظر عن دوافع طرحه.
عربي محض
وقبل مناقشة هذا السؤال، من المهم الإشارة إلى أن الاعتقاد بأن تنظيم الدولة الإسلامية صنيعة إيرانية، عربيٌ محض، ولا وجود له خارج هذا النطاق.
كما إن هذا الاعتقاد، الذي يرتقي إلى مصاف الحقائق لدى البعض، مستبعدٌ حتى كاحتمال لدى الغرب، رغم دراستهم، من خلال مراكز أبحاث خاصة، لكل ما يتعلق بالجماعات المصنفة كـ”جماعات إرهابية”.
لذلك يراهن الغرب على جهود إيران في الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية، خصوصا بعد الاتفاق على الملف النووي، الذي كانت هذه الحرب أهم دوافع التسريع به.
وبحسب الرئيس الروسي، فلادمير بوتين، فإن إيران، بعد التوقيع على اتفاق الملف النووي، ستلعب دورا محوريا في مجال الحرب على الإرهاب بمنطقة الشرق الأوسط.
المشروع لا الجغرافيا
وبلا شك فإن الدولة الإسلامية تنظر إلى الأنظمة الحاكمة في العراق وسوريا وإيران باعتبارها منظومة عقائدية واحدة، وهو ما يعني أنها تحارب إيران في العراق وتحارب إيران في سوريا حين تحارب نظامي حيدر العبادي وبشار الأسد.
وهذا ما تنطلق منه جمهورية إيران أيضا، فبعد سيطرة جماعة الحوثي على العاصمة صنعاء، في 21سبتمبر 2014م، قال مسئولون إيرانيون إن الجمهورية الإيرانية سيطرت على العاصمة العربية الرابعة، بعد دمشق وبغداد وبيروت.
وإذا كان الأمر على هذا النحو، فإن تنظيم الدولة الإسلامية يسيطر حاليا على مساحات شاسعة من الأراضي التابعة لإيران كمشروع عقائدي، بغض النظر عن إيران المساحة الجغرافية والحدود.
وهذا الأمر يسقط “عدم مهاجمة تنظيم الدولة الإسلامية لإيران داخل أراضيها” كقرينة على وجود صلة، من أي نوع، بينه وبينها.
على أن خوض تنظيم الدولة الإسلامية حربا ضد إيران المشروع العقائدي في كل من العراق وسوريا لا يمنع من قيامه بعمليات داخل أراضيها، لكن ذلك لم يحدث حتى الآن.
القدرة
وفي الحوار الذي أجراه الصحافي، عبد الرزاق الجمل، مع تنظيم الدولة الإسلامية قبل نحو عام، ربط هذا التنظيم أمر مهاجمة إيران بتوفر “القدرة” على فعل ذلك.
وردا على السؤال ذاته قال التنظيم ما نصه: “لا يوجد هناك أيّ مانعٍ معيّن من استهداف إيران داخل أراضيها، والمسألة متعلقة بالقدرة على مثل هذه العمليات الخارجية وتنظيمها، والبعض قد يعتقد أنّ المجاهدين عندهم الإمكانية لضرب أيّ هدف يشاءون في الوقت الذي يشاءون، وهذا أمرٌ غير صحيح على إطلاقه كما هو معروف من واقع المجاهدين”.
لكن كيف توفرت “القدرة” لهذا التنظيم على ضرب أهداف في فرنسا وأخرى في المملكة العربية السعودية، ولم تتوفر له “القدرة” على ضرب أهداف داخل إيران الحدودية؟
ويمكن الجواب: لأن تنظيم الدولة الإسلامية متواجد في البلدان التي استهدفها، عبر أعضاء ومناصرين ومتعاطفين، وليس متواجدا داخل إيران بهذا الشكل، فالعمليات داخل الأراضي السعودية نفذها سعوديون سُنَّة، والعمليات داخل أوربا نفذها أوروبيون أصول، وأوربيون من أصول عربية، كما إن عددا من أبناء الدولة المستهدفة بعمليات تنظيم الدولة التحقوا بهذا التنظيم، لكن من الصعب إيجاد عضو واحد يحمل الجنسية الإيرانية.
خطوط إمداد القاعدة
لكن ربط تنظيم الدولة الإسلامية للعمليات داخل الأراضي الإيرانية بالقدرة لا يعني أنه عاجز دوما عن ضرب إيران داخل أراضيها، كما إن تنفيذ التنظيم لعمليات داخل فرنسا والمملكة العربية السعودية، لا يعني أنه قادر دوما على مهاجمة السعودية وفرنسا وغيرهما داخل أراضيها.
ويقر تنظيم الدولة أنه كان قادرا على مهاجمة إيران داخل أراضيها قبل أعوام، لكن توجيهات قيادات القاعدة، التي كان يراعيها قبل الخلاف، حالت دون ذلك.
وفي هذا السياق يقول الناطق الرسمي باسم الدولة الإسلامية، أبو محمد العدناني، في كلمة بعنوان (عذرا أمير القاعدة) ما نصه: “وظلّت الدولة الإسلاميّة تلتزم نصائح وتوجيهات شيوخ الجهاد ورموزه، ولذلك لم تضرب الدولة الإسلامية الروافض في إيرانَ منذ نشأتِها، وتركت الروافض آمِنين في إيران، وكبحَت جِماح جنودها المستشيطين غضباً، رغمَ قدرتها آنذاكَ على تحويل إيرانَ لِبُرَكٍ من الدماء، وكظمَت غيظَها كلّ هذه السنين تتحمّل التُّهَمَ بالعمالة لألَدِّ أعدائِها إيران لعدم استهدافها، تاركةً الروافض ينعمون فيها بالأمن امتثالاً لأمر القاعدة للحفاظ على مصالحها وخطوط إمدادها في إيران”.