أيام فقط تفصلنا عن الحسم في محافظة تعز، كل المؤشرات تدل على ذلك، رغم عدم وضوح الرؤية فيما يخص ثقل التدخل العربي في المعركة التي أخذت على ما يبدو اسماً يمنياً” نصر الحالمة” فيما يؤشر إلى أنها ليست من نوع التسميات التي يطلقها التحالف العربي على معاركه الحاسمة. أيام فقط تفصلنا عن الحسم في محافظة تعز، كل المؤشرات تدل على ذلك، رغم عدم وضوح الرؤية فيما يخص ثقل التدخل العربي في المعركة التي أخذت على ما يبدو اسماً يمنياً” نصر الحالمة” فيما يؤشر إلى أنها ليست من نوع التسميات التي يطلقها التحالف العربي على معاركه الحاسمة.
لكن من الواضح أن ثمة خطوات جادة اليوم تمضي باتجاه إنهاء معاناة محافظة تعز، وحاضرتها الرئيسية “تعز” التي كادت أن تنافس “لينينجراد” في نوع الحصار وأشكال الاستهداف العسكري التي طالها على مدى الأشهر الماضية.
هناك تحليق مكثف للطيران وضرب مكثف أيضاً لمواقع وتجمعات قوات المخلوع صالح والحوثي، في محيط مدينة تعز، في حين تتسارع الخطى لاستعادة المديريات التي تقع تحت سيطرة الميليشيا في ريف المحافظة، وأنباء عن اندحار كبير للميليشيا في الوازعية الواقعة إلى الغرب من محافظة تعز.
حتى اللحظة هناك إنجازات كبيرة تحققت في محافظة تعز قبل اندلاع هذه المعركة الحاسمة، أهمها استعادة مضيق باب المندب الذي تشرف عليه المحافظة، وهناك أنباء غير مؤكدة عن استعادة مدينة المخا منذ اندلاع معركة “نصر الحالمة”.. ويقيناً أن بدء المعركة الواسعة لتحرير تعز هو مؤشر على أن التحالف العربي والحكومة، جادون في إنهاء نفوذ المخلوع صالح والحوثي، على الرغم من جاهزية الحكومة قبل الميلشيا للذهاب إلى جولة مشاورات جديدة.
معركة تحرير تعز في بعدها السياسي تعني أن المتمردين سيذهبون إلى جولة مشاورات مثقلين بالخسائر الميدانية التي تجعل موقفهم في تلك المشاورات ضعيفاً وغير مؤثر، وعلى الصعيد العسكري، تعني حرمان المتمردين من العمق الاستراتيجي لحضورهم في الجغرافية السياسية اليمنية، إذ أن انكفاءهم في معقل مكشوف كصنعاء، سيحولهم إلى مجرد عصابة تجلب الدمار والخراب والضيق المعيشي والعزلة لسكان هذا المعقل الذي سارع جزء منهم إلى تأسيس مجلس أعلى للمقاومة.
وعلى الصعيد الإنساني، تمثل معركة تحرير تعز نجدة متأخرة لسكان المدينة الذين عانوا كثيراً وقُتِّلوا تقتيلاً، وتعرضوا لأبشع أنواع الحصار، وحرموا من الغذاء والدواء.
اللافت في هذه المعركة أن القوات الخاصة السعودية هي التي تمتلك زمام المبادرة فيها، ما يعني أن المملكة العربية السعودية، تعهدت بهذه المهمة، وهو أمر له آثار إيجابية كثيرة، على صعيد الوضع في تعز في مرحلة ما بعد التحرير، لأن المملكة تجاوزت على ما يبدو عقدة الفرز السياسي لقوى المقاومة والتي تسببت في إشكاليات كثيرة بمدينة عدن، حيث كان الجميع يتوقع أنها ستكون النموذج الأكثر نجاحاً بعد التحرير، وإذا بها تغرق في مستنقع العبث المليشياوي الذي يرتبط أساساً بأجندة المخلوع وبالمشروع الإيراني أكثر من أي شيء آخر.
اللافت كذلك مشاركة المقاومة الشعبية من الصبيحة في هذه المعارك، وذلك يعني بوضوح أن هزيمة الانقلابيين، هي هزيمة لمشروع الانفصال أيضاً الذي يمثل الورقة الاحتياطية الأخيرة بيد هؤلاء الانقلابيين.
فخطتهم كانت تقضي بأنه في حالة الفشل في الاستيلاء على الدولة، فإن البديل هو تجزئة هذه الدولة وإضعافها، ليتسنى لهم الاستئثار بجزء مهم من تركة الدولة المنهارة، المضي في إعادة بناء نفوذهم وقوتهم والشروع في معركة جديدة في ظل مناخ مختلف تماماً.
أذكر أن المخلوع صالح عندما كان يفاوض الحزب الاشتراكي عام 1994، كان يوعز لأنصاره أن الخطة البديلة هي إعادة البراميل الحدودية، وقد سمعت هذا بنفسي من الشيخ سنان أبو لحوم، الذي كان يتحدث في ديوانيته غداة تلقيه اتصالاً من المخلوع صالح يحمل نبرة تهديد بأنه سيعيد البراميل الحدودية وحينها سيتفرغ لمحاسبة من أظهروا موقفاً مناهضاً لسياساته في تلك الفترة.
أتوقع أن مدينة تعز التي تعرضت لدمار كبير، ستتحول إلى ملاذ مثالي لكل القوى الوطنية، ولن تتوقف معركة استعادة الدولة أبداً، بل ستزداد زخماً بتحرير تعز وتحويلها إلى ملاذ آمن لمناهضي الميلشيا والمخلوع، ونقطة انطلاق لمعارك التحرير القادمة، وحينها سيدرك المخلوع صالح قبل غيره، أن مغامراته المقيتة لاستعادة الدولة قد حولت جيشه ورجاله إلى قوات احتلال مندحرة ومهزومة ومطرودة من الخدمة.