الريال اليمني يهوي لأدنى قيمة له في تاريخه دون بارقة أمل لتحسنه
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ خاص:
هوى الريال اليمني مجددا أمام سلة العملات الأجنبية، مسجلا أدنى مستوى في تاريخه، بوصول الدولار الواحد إلى800 ريال في مدينة عدن، العاصمة المؤقتة جنوبي البلاد.
وقال صيارفة جنوبي وشرق اليمن، يوم الأحد، إن قيمة الريال اليمني تراجعت من جديد ووصل إلى أدنى قيمة له منذ سنوات.
وقال صيرفي في مدينة عدن عاصمة اليمن المؤقتة لـ”يمن مونيتور” إن الدولار الأمريكي وصل إلى (800 ريال) للبيع و(795 ريالا) للشراء، والريال السعودي وصلت قيمته إلى (210 ريالات) للبيع و(209 ريالات) للشراء.
وأكد صيرفي في مدينة المكلا عاصمة حضرموت (جنوب شرق) وآخر في مدينة مأرب (شرق) قيمة مقاربة لها. وأشار الصيرفي في مأرب إلى أن بيع الدولار (797 ريالاً) والشراء (795 ريالاً).
ويشير الصيارفة إلى أن قيمة العملة قد تتغير في أي لحظة.
وقال وفيق صالح الصحافي والباحث الاقتصادي: لم يسبق للريال أن شهد هذا التراجع والوصول إلى هذا الرقم، إلا في أغسطس/آب2018، بفعل مضاربة الإمارات لإقالة حكومة أحمد عبيد بن دغر. وتم كبح جماح الدولار آنذاك، بعد تدخل سعودي عبر إيداع اثنين مليار دولار في البنك المركزي بعدن كوديعة مالية لإعادة الاستقرار لأسواق الصرف، ولضمان استمرار البنك في القيام بمهامه في تمويل استيراد السلع الأساسية.
وأشار صالح إلى أنه: عمليا كان من المتوقع أن تتراجع قيمة الريال اليمني، إلى هذا المستوى، مع نفاد الوديعة السعودية من البنك المركزي في عدن، وشحة النقد الأجنبي في السوق المصرفية.
عوامل التدهور
وقال صالح إن هناك عدة عوامل تسببت في الوصول إلى هذه القيمة للريال اليمني “تتعلق بشحة مصادر النقد الأجنبي وتعطل كثير من الموارد الرئيسية، وعوامل أخرى تتعلق بالأداء الباهت للحكومة والبنك المركزي، وعدم قيامهم بأي إجراءات لفرض سياسة نقدية موحدة في كافة أنحاء البلاد.
وكان الحوثيون قد أوقفوا التعامل بالطبعات الجديدة من الريال اليمني من عدة فئات في مناطق سيطرتهم في ديسمبر/كانون الأول الماضي، ما خلق قيمتين للريال الأولى في مناطق الحوثيين والأخرى في المحافظات الخاضعة للحكومة الشرعية.
وقال صيرفي في صنعاء لـ”يمن مونيتور” إن قيمة الدولار الواحد يوم الأحد (604 ريالات) للبيع و و(602) للشراء. وقد تختلف القيمة في المحافظات الأخرى الخاضعة لسيطرة الحوثيين بفارق ريال إلى ريالين.
وتحدث الصيارفة شريطة عدم الكشف عن وهويتهم. وتأثرت الحوالات النقدية بتراجع قيمة العملة حيث يدفع المتعاملون في مناطق الحكومة الشرعية أكثر من (35%) من المبلغ المراد تحويله إلى مناطق الحوثيين كرسوم.
ولفت صالح إلى عوامل أخرى أدت إلى هذا التباين في قيمة الريال بالقول: قوضت عملية حظر العملة الجديدة، من نفوذ البنك المركزي في عدن، وأربكت حساباته في إدارة القطاع المصرفي، لكنه لم يقم باتخاذ أي خطوات أخرى، للخروج من المأزق الذي حشرت فيه الحكومة مع عدم قدرتها على انفاذ سياستها المالية وطرح الفئات النقدية الجديدة في كافة المناطق.
وقال صالح: حالياً مع انعدام أي مؤشرات لوجود استقرار أمني وسياسي في البلاد، يظل من السابق لأوانه الحديث عن ضرورة اتخاذ خطط استراتيجية وبعيدة المدى للتعافي الاقتصادي وإعادة الاستقرار لأسواق الصرف، وحماية الريال من الانهيار.
واستدرك الباحث الاقتصادي: لكن تبقى أقصر الطرق هي الحلول المؤقتة عبر رفد البنك المركزي بمنح وودائع مالية من العملة الصعبة، لتهدئة السوق المصرفية، مع تشديد الرقابة الحكومية على المستفيدين من تدخلات البنك المركزي والالتزام بمبدأ الشفافية والنزاهة، وإن كانت هي الأخرى تفتقر لوجود أي مؤشرات على الواقع.
وكان وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية مارك لوكوك أشار خلال إحاطته لمجلس الأمن في الأسابيع القليلة الماضية إلى تدهور الريال ، محذرًا من أن اليمن ” يسقط من الهاوية “.
وقال لوكوك: “لم نشهد من قبل في اليمن وضعًا تتداخل فيه مثل هذه الأزمة الاقتصادية المحلية الحادة مع انخفاض حاد في التحويلات وتخفيضات كبيرة في الدعم المقدم من الجهات المانحة للمساعدات الإنسانية – وهذا بالطبع يحدث جميعًا في منتصف فترة مدمرة. مشيراً إلى أن قيمة الريال قد تراجعت وأن أسعار المواد الغذائية ارتفعت بين 10٪ و 20٪ في بعض المناطق خلال أسبوعين في يونيو/حزيران الماضي.
الوديعة السعودية
وفي تقرير لمشروع ” ACAPS” الذي يتخذ من جنيف مقراً له ويعنى بتقديم التحليلات الإنسانية والاقتصادية إن الدعم المالي السعودي للاقتصاد اليمني الذي بلغ قيمته أكثر من 2.2 مليار دولار منذ مارس/آذار2018 كان حاسماً في مساعدة اليمن للهروب من الانهيار الاقتصادي.
وأضاف: مع نهاية هذا الدعم المالي، وعدم وجود تمويل بديل، يمكن لليمن أن يفقد الريال نصف قيمته تقريبًا على مدى الأشهر الستة القادمة (يصل إلى 1000 ريال للدولار الأمريكي).
وسحبت الحكومة اليمنية معظم هذه الوديعة خلال العامين الماضيين.
وانعكس الانقسام الذي حدث في اليمن نتيجة للحرب على الوضع الاقتصادي، حيث نقلت الحكومة الشرعية في سبتمبر/أيلول 2016 البنك المركزي إلى عدن، حيث العاصمة المؤقتة. وقام الحوثيون بإصدار قرار في ديسمبر/كانون الأول2019 بحظر تداول أي أوراق نقدية جديدة تطبعها الحكومة الشرعية، ويتعاملون فقط مع الأوراق النقدية المطبوعة سابقًا.
وحسب تقديرات غير رسمية، فإن اليمن خسر ما يزيد عن خمسة مليارات دولار مباشرة، كان من الممكن أن تضخ إلى خزينة الدولة خلال السنوات الخمس الماضية جراء توقف تصدير النفط والغاز. وغادرت اليمن مطلع 2015 نحو 10 شركات عالمية مستثمرة في قطاع النفط والغاز وتوقفت عشرات الشركات المحلية العاملة في هذا القطاع وقطاعات اقتصادية أخرى. وتحاول الحكومة اليمنية إنعاش هذا القطاع لكن تدهور أسعار النفط يجعل تأثيره في الاقتصاد اليمني والعملة أكثر صعوبة.
ودخلت اليمن في حالة حرب منذ عام 2014، عندما سيطر الحوثيون على صنعاء ومعظم محافظات البلاد ما أجبر الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومته، المعترف بها دوليا، على الفرار من العاصمة صنعاء. وفي مارس/أذار2015 تشكل التحالف بقيادة السعودية لدعم الحكومة الشرعية ومنذ ذلك الوقت ينفذ غارات جوية ضد الحوثيين في أكثر من جبهة.
ويشن التحالف غارات جوية بشكل مستمر على مناطق سيطرة الحوثيين، ويطلق الحوثيون في المقابل صواريخ على المملكة العربية السعودية.
وقتل عشرات الآلاف نتيجة الحرب وتشير تقديرات غربية إلى سقوط أكثر من 100 ألف يمني خلال السنوات الخمس. كما تسبب القتال الدائر في البلاد بأسوأ أزمة إنسانية في العالم، حسب الأمم المتحدة، إذ يحتاج نحو 24 مليون شخص إلى المساعدة الإنسانية أو الحماية، بما في ذلك 10 ملايين شخص يعتمدون على المساعدات الغذائية للبقاء على قيد الحياة.