اتفاق الرياض وإرادة الناس
عندما تحيد ارادة الناس، يفقدون الأمل في انتظار شيئا يعالج مأساتهم وأوجاعهم .
الاتفاق الذي يحاول ان يرضي أطراف العمل السياسي المسلح، والمتاجرين بأوجاع الناس، لا يفضي لمعالجات أوجاع ومآسي الناس .
ارادة الناس لا تقبل طول البقاء في محطات التعب والفشل واليأس، تشتاق للوصول لحديقة النجاح، حديقة ترتاح فيها من طول التعب، تجد فيها شيئا من التفاؤل بعد ياس، ترى معالجات للخروج من الازمات، معالجات للكراهية وما زرعته من سموم وأمراض وأوبئة لازالت تدمر البنية الاجتماعية والسياسية.
الناس تنتظر معالجات تنهي حالة الصراع السلبي، حالة التناحر الغبي، لتصنع تغيير في الوعي النابع من التأمل بمستقبل افضل والارادة والشعور بالمسؤولية، للخروج من عنق الزجاجة، لفتح مساحة أوسع من التفاهم والتوافق على نقاط مشتركة لرأب الصدع، وإيقاف تدهور العلاقات و توسع الشروخ الاجتماعية، لخلق حراك سياسي عقلاني، لتحييد قوى العنف وتجار الحروب، ودعم القوى الناعمة الثقافة والسياسية، لخلق بيئة ثقافية وسياسية ترفض الانهيار القائم للقيم والاخلاقيات، وثقافة الكراهية وصلف العقلية المدمرة للتوافقات .
الناس أكثر شغفا في تغيير واقعهم هذا الذي تعالجونه، أكثر شغفا في أن تحييد قوى العنف وتجار الأزمات والكراهية، التي تبرر استمرار هذا الواقع البائس، بمزيد من اجراءات الفشل، وقرارات كارثية يدفع الناس ثمن نتائجها .
ما الفائدة لمواطن مغلوب على أمره وحقوقه وإرادته مصادرة، في تقاسم سلطة تفضي لمحافظ هنا ومدير امن هناك، من قوى الصراع ذاتها، التي انتجت ولازالت تنتج ماسيه والامه، سيطرة تمكين قوى العنف لتقسم جغرافيا، لإبقاء حالة الصراع وتداعياته وماسية، لإبقاء ثقافة الكراهية وهي تثمر مزيدا من البغضاء، لإبقاء على حالة الجهل و الصلف والعنجهية، لاستمرار كوارث انتهاك حقوق الناس وحقهم بالحياة كمواطنين لهم ما لهم وعليهم ما عليهم .
ما فائدة اتفاق مهما كان تسميته، لا يفضي على فرض سلطة الدولة، وتسيد النظام والقانون، ليرسخ العدل والحق بين الناس، ليكشف حقائق الانتهاكات والفساد والإرهاب، واستغلال القوى المتصارعة لتلك المفردات كسلاح ضد الآخر يدغدغ مشاعرهم، و يستخدم كسلوك لعقابهم .
اتفاق الرياض، والقصد في توحيد جبهة المواجهة مع الحوثي، يفترض انه هدف رئيسي من أولويات التحالف، وهدف لا حياد عنه من الضربة الجوية الاولى، دعم للشرعية، وتقوية عودها، دعم قراراتها الوطنية، وتقوية مواقفها المصيرية، دعم جيش وطني وارادة وطنية، واستقلال وطني، لترسيخ دولة وطنية، وفق مخرجات الحوار الوطني، التي هي مصدر الشرعية .
واتفاق الرياض في النص الحقيقي هو تقاسم السلطة ومصادر الثروة، في حالة تفكك للدولة، واهتزاز للولاء الوطني الواحد، وصراع سلبي حول الهوية، والبحث عن تجزئة للجغرافيا قبل اتفاق سياسي واصلاح الملعب السياسي لهذه التجزئة، اهمية الاتفاق السياسي لفك الارتباط، في التراضي، بحيث لا ضرر ولا ضرار، في تخفيف التداعيات، وتقليل من حدة الانقسام، والفرز المناطقي والجهوي، الذي صار اليوم اثره ملموسا في الجنوب، ويحدث انقسام حاد .
نحتاج اتفاق يوقف حالة الانهيار والتفكك، والفرز المناطقي والجهوي، ويوقف بث سموم الكراهية والعنصرية، يؤسس لنظام وقانون يحد من التمادي والتهور، يحاول عقلنة الخطاب السياسي والثقافي, في القنوات الفضائية والمواقع الاخبارية والجماعات السياسية والثقافية، لتعالج ظاهرة التدهور والانهيار وتقتفي أثرها النفسية والاجتماعية على الواقع، في وضع ضوابط وقيود قانونية تحد منها .
اتفاق الرياض اداة من ادوات التحالف التي لا تعالج الحالة، بل تصنع تأزيم، تثير نزعات، وتعيد تموضع الفيروسات، بدعم قوى العنف وتجار الحروب والازمات، تثير الاستياء للشارع والناس، تبقيهم في حالة رعب وتوجس من القادم، فاقدين الامل والتفاؤل، في تغيير حقيقي يفضي لواقع أفضل، لدولة محترمة تحترم حقهم في الحياة، في دولة اتحادية فيها ارادة الناس هي مصدر للسلطات والقرارات المصيرية .
**المقال خاص بموقع “يمن مونيتور” ويمنع نشره وتداوله إلا بذكر المصدر الرئيس له.
*** المقال يعبر عن رأي كاتبه.