اخترنا لكمتقاريرغير مصنف

العام الدراسي الجديد باليمن.. طلاب نازحون.. وآخرون في جبهات القتال

مدارس مدمرة ومحتلة، وعزوف عن التعليم الخاص

بعد مرور اسبوع كامل منذ انطلاقته، يشهد العام الدراسي الجديد إقبالاً ضعيفاً مقارنةً بالأعوام السابقة لعدة عوامل، أبرزها التحاق عدد من طلاب مرحلتي الاساسي والثانوي بجبهات القتال في صفوف الحوثيين مقابل نجاحهم، وعزوف الطلاب عن المدارس الخاصة بسبب وضعهم الاقتصادي، وتدمير عدد كبير من المدارس بسبب الحرب، وتحويل عدد اخر الى سكن للنازحين، ومقرات لمسلحي الحوثيين. يمن مونيتور/ تقرير خاص
بعد مرور اسبوع كامل منذ انطلاقته، يشهد العام الدراسي الجديد إقبالاً ضعيفاً مقارنةً بالأعوام السابقة لعدة عوامل، أبرزها التحاق عدد من طلاب مرحلتي الاساسي والثانوي بجبهات القتال في صفوف الحوثيين مقابل نجاحهم، وعزوف الطلاب عن المدارس الخاصة بسبب وضعهم الاقتصادي، وتدمير عدد كبير من المدارس بسبب الحرب، وتحويل عدد اخر الى سكن للنازحين، ومقرات لمسلحي الحوثيين.
كل تلك العقبات تعترض العام الدراسي الجديد، بالإضافة إلى الحرب التي لم ولن تستثني التلاميذ ومدارسهم، ما ولد تخوف كبير لدى اليمنيين من تعثر العام الدراسي الجديد، بعد تعثره العام السابق.
التحاق الطلاب بجبهات القتال
ويشهد العام الدراسي الجديد إقبالاً ضعيفاً من قبل طلاب المرحلتين الأساسية والثانوية، وذلك لعدة اسباب أبرزها أن عدداً كبيراً من طلاب هاتين المرحلتين تم الدفع بهم من قبل الحوثيين إلى جبهات القتال لمشاركتهم في الحرب.
هؤلاء الطلاب فضلوا الموت على التعليم، نتيجة وعود تلقوها من قياداتهم الحوثية، مفادها “من أراد النجاح يلتحق بصفوفهم بجبهات القتال، وسينجح دون ان يدخل المدرسة”.
“عبد السلام ماور”، أحد طلاب الثانوية في محافظة ذمار، يقول لـ” يمن مونيتور”،  “فضلت الالتحاق بجبهات القتال مع الحوثيين على الدراسة، لأضمن النجاح، انا لست حوثي، ولكن اصحابي الحوثيين وعدوني بالنجاح لو ذهبت معهم، وانا مش ذكي بالدراسة وهذه فرصه علشان انجح”.
من جهته يقول الطالب “مراد مجاهد”، وهو طالب في المرحلة الاساسية، بصنعاء “لم أنجح العام الماضي، رغم اننا لم ندرس سوى ترم واحد، ومعظم زملائي نجحوا وبدرجات ممتازة، وهم اضعف مني بنسبة الذكاء”.
وتابع “مجاهد”، “نجحوا كونهم شاركوا مع الحوثيين بجبهات القتال في محافظات مأرب وعدن وتعز، والآن هم ضمن افرادهم يحركونهم متى يشاءون، ولذلك نجحوا بدون أن يدخلوا المدرسة، ولو كنت عارف ذلك لكنت التحقت العام الماضي، ولا أرسب، حتى لو قُتلت مثل زملائي الذين قتلوا بتلك الجبهات”.
أحد معلمي المدارس الحكومية بالعاصمة صنعاء فضل عد الكشف عن هويته قال “الحوثيون يستغلون نقطة ضعف بعض الطلاب بعدم رغبتهم بالذهاب للدراسة، ووعدوهم بالنجاح مقابل الذهاب للقتال بصفوفهم”، مضيفاً “هذه جريمة إنسانيه، لأنهم يدفعوا بشباب مراهقين وأطفال الى جبهات القتال ما يؤدي إلى مقتلهم، ونادرا ما يعود بعض اولئك الطلاب”.
وتابع في حديثه لـ” يمن مونيتور”، “هذا ما حدث العام الماضي في الامتحانات عندما نجًحوا الاف الطلاب دون ان يلتحقوا بمدارسهم، وانما التحقوا بجبهات القتال، ونجحوا بتوجيهات حوثيه، وسيتكرر ذلك هذا العام أيضاً”.
وكان بعض مسؤولي وزارة التربية والتعليم سربوا إلى وسائل اعلام، ارسالية من للجنة الثورية العليا التابعة للحوثيين في تاريخ 26 اغسطس الماضي، إلى وزارة التربية والتعليم، تضمنت طلبا رسميا بإعفاء الطلاب المشاركين مع الحوثي في كل جبهات القتال، من الامتحانات، واعطاءهم معدلات نجاح مرتفعة لا تقل عن معدل 70% ولا تزيد عن90%، وعددهم 2864 طالبا من المرحلة الثانوية و1976 من المرحلة الأساسية.
وهذا التصرف شجع كثير من الطلاب في عدد من المحافظات على الالتحاق بركب زملاءهم بجبهات القتال طمعا في النجاح.
 
مدارس مدمرة، وأخرى يحتلها مسلحو الحوثي، وبعضها سكن للنازحين
حسب تقرير نشرته منظمة اليونسف مطلع سبتمبر المنصرم، فإن أكثر من مليون وثمانمائة الف طفل باليمن حرموا من دراستهم بسبب الحروب العام الماضي، وتم إغلاق ما يقارب 1600 مدرسة، أي ما يقارب ربع عدد المدارس الكلي في اليمن، كما أن ما لا يقل عن  250مدرسة قد  تضررت بصورة مباشرة، في حين أن 270 مدرسة أخرى تحولت لأماكن لإيواء النازحين و68 مدرسة تحتلها الجماعات المسلحة، والأرقام لاتزال نفسها حتى هذا العام ما سيجعله يواجه مصير العام الماضي.
نزوح الطلاب
بسبب الحرب التي تطحن البلاد منذ عام كامل، اضطر مئات الالاف من اليمنيين  للنزوح مع ابناءهم الطلاب الى مناطق اخرى للنجاة بحياتهم، ما سبب مشاكل لدى الطلاب وامكانية التحاقهم بالمدارس هذا العام.
الطالبة “حنان دغبس”، تقول لـ” يمن مونيتور” “إنها ليست قادرة على الالتزام بقرار استئناف الدراسة، خصوصاً وأنها الآن في العاصمة صنعاء، كانت نزحت اليها مع أسرتها، في منتصف يونيو الماضي، مؤكدة عدم تمكنها من العودة إلى مدينة تعز في ظل استمرار المعارك العنيفة بالمدينة منذ شهر ابريل الماضي حتى الآن بين المقاومة الشعبية والحوثيين”.
وأضافت “دغبس” “لا يوجد معي ملف دراسي فهو في مدرستي السابقة بتعز، وحتى لو درست هنأ بصنعاء مثل الطلاب الآخرين، فالخطر محدق بنا حتى هنا، فالحوثيون يتواجدون داخل المدارس، وطيران التحالف يستهدفهم، ومصير هذا العام سيكون مثل العام الماضي الذي لم ندرس إلا نصفه فقط”.
خوف على حياة الطلاب
الطالب “صالح علي المشرعي”، يتحدث إلى مراسل “يمن مونيتور”، ويقول إنه “يعيش في منطقة حرب ولا استطيع المغامرة بحياتي وسأتوقف عن الدراسة حتى تتوقف الحرب في منطقة دمت”.
من جهته، يقول والد الطالب “صالح محمد عبد القدوس”، “لست مستعدا للمخاطرة بحياة ابني، لان ما يهمني اليوم هو الحفاظ على سلامته وعدم المخاطرة بحياته مقابل عام دراسي مصيره الفشل اذا ما استمر الحوثيون في سيطرتهم على الوضع”.
ويضيف “عبدالقدوس” في حديثه  لـ” يمن مونيتور” “نحن نشجع ابناءنا للالتحاق بالتعليم في كل عام، وحتى هذا العام، إلا أننا نتخوف من أن يكون هذا العام مثل العام السابق ينجحون دون تعليم، والبعض فقد حياته، لذلك لن أخاطر بحياة ابني ولا حتى بمستقبله”.
مناهج متأخرة وتباع كسوق سوداء
وحتى الآن لم يتم صرف المنهج الدراسي لأغلب المدارس، وانما اقتصر توزيعها على بعض المدن الرئيسية بالمحافظات.
الطالب “فيصل السعيبي”، يقول، “للآن لم نستلم المنهج في محافظة ذمار، وهذا دليل على عجز الحوثيين والوزارة عن إكمال الدراسة التي لم تبدأ بعد رغم تأخرنا عن كل عام ما يقارب شهرين”.
أما النوع الاخر من الطلاب،  فيعزو تأخر المناهج إلى التعديل الذي طرأ عليها من قبل الحوثيين، وإدخال مضامين جديده، وهذا ما لم يستطع معد هذا التقرير التأكد منه، غير أن وسائل إعلام محلية نشرت قبل أيام أخبار وصور تثبت تغيير بالمنهج من قبل الحوثيين”.
مدير إحدى مدارس العاصمة سألناه عن ذلك فقال “للآن نحن نصرف للطلاب المنهج القديم، بسبب عدم وصول أي نسخ جديده ونتوقع أي شيء من الحوثيين، فقد دمروا البلاد ولن يترددوا عن التغيير بالمنهج الذي يعتبروه هدف استراتيجي لهم لترسيخ مذهبهم ومعتقداتهم بعقول الطلاب”.
ورجح المدير الذي فضل عدم الكشف عن هويته، أنه “في حال طرأ فعلا تغيير بالمناهج فسيوزعها الحوثيين على مدارس محافظة صعده والمحافظات التي ترضخ لسيطرة الحوثيين، كبداية تمهيد للتوزيع على عموم المحافظات”.
في المقابل تنتشر السوق السوداء الخاصة بالكتب المدرسية في العاصمة صنعاء ومراكز المحافظات، لتمثل حالة نادره أن يكون الكتاب المدرسي ضمن السوق السوداء.
 
تكاليف التنقل للمدارس الحكومية، واسعار التعليم الخاص، أهم المشاكل
نتيجة التدهور الاقتصادي الذي يعصف بالبلاد، يعزف اغلب الاباء عن تسجيل أبناءهم في المدارس الخاصة التي كانوا يفضلونها لجودة تعليمها مقارنه بالمدارس الحكومية، إلا أن الحرب الحالية، تسببت بانهيارهم اقتصاديا فاضطر عدد كبير منهم إلى العزوف عن المدارس الخاصة.
الوالد “محمد الحاج”، يقول لـ”يمن مونيتور”، إن “الحرب أكلت الأخضر واليابس، والأعمال توقفت، ونحن بالكاد نحصل على لقمة العيش، ولا نستطع ادخال أبناءنا المدارس الخاصة، فلدي اثنين أبناء يكلفوني سنويا ما يقارب 150000 الف ريال يمني، بالتعليم الخاص، لكن هذا العام  لا نستطيع توفير ذلك المبلغ”.
من جهته يقول الطالب “زكريا عبدالله القادري”، “بلادنا في الحرب غارقة،  وأوضاعنا الاقتصادية غير جيدة، فأجرة التنقل باهظة نتيجة ارتفاع اسعار المشتقات النفطية، ولا نستطيع توفير أجرة المواصلات والمدارس بعيده سواءً الحكومية أو الخاصة”.
ويضيف “القادري”، لـ” يمن مونيتور”، “أحتاج يومياً الى 400  ريال يمني (نحو دولارين) مواصلات للمدرسة، وكل ذلك سيجعل من العام الجديد عاما صعباً، فحالة أسرتي المادية صعبة”.
وزارة التربية والتعليم
مسؤول من وزارة التربية والتعليم قال في تصريح لـ” يمن مونيتور” إن “عمليات القيد والتسجيل لاتزال جارية منذ أكثر من اسبوع، إلا أنها تشهد اقبالاً ضعيفاً بسبب الحرب، فالجميع متخوف من توقف الدراسة بأي لحظه، كما حدث العام الماضي”.
وعن المدارس المتضررة، وكذلك المستخدمة من قبل الجماعات المسلحة أو النازحين، قال المسؤول إنه “سوف يتم توفير أماكن مؤقتة لطلابها، مثل الخيام، ومنازل مواطنين”.
وختم المسؤول الذي فضل عدم الكشف عن هويته حديثه بالقول “نناشد الأمم المتحدة بإلزام كل أطراف القتال داخلياً وخارجياً بعدم استهداف المدارس والنأي بالتعليم عن الحروب والخلافات الشخصية لكل الأطراف”.
 ورفض التصريح عن المناهج الدراسية، ومصير التعليم في المحافظات اللواتي يشهدن حرب.
أمم متحدة غائبة
وكان السيد “باولو ليمبو”،  المنسق المقيم للأمم المتحدة باليمن، قد قال في تصريحات سابقة لـ “يمن مونيتور” خلال مؤتمر صحفي عقده بمقر الأمم المتحدة بصنعاء مطلع اكتوبر الماضي، “إن الأمم المتحدة تقف عاجزة حيال استهداف المدارس من قبل كل أطراف الصراع باليمن”، مضيفاً “نحن لا نستطيع إلزام أي طرف بعدم استهداف المدارس، وفرض عليهم ذلك بالقوة أمر في غاية الصعوبة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى