كتابات خاصة

شعب في دائرة التجاذبات

محمد عزان

جميع الفرقاء يقدمون أنفسهم على أنهم هم الشعب، أو أنهم نواب عنه، وهذا فقط مما تنسجه خيالاتهم، لذلك نود أن نقول لهم:

جميع الفرقاء يقدمون أنفسهم على أنهم هم الشعب، أو أنهم نواب عنه، وهذا فقط مما تنسجه خيالاتهم، لذلك نود أن نقول لهم:

ترونهم خطراً على البلاد، ويرونكم مفسدين فيها.. وكما تحشِدون، هم أيضاً يحشِدون.. ونفسُ دعاواكم أو شِبْهَهَا هم يدَّعون.. وأنصارهم لخبرهم وإيحاءاتهم – كما هو حال أنصاركم – يصدقون.. وجمهوركم – كما جمهورهم – عن مخاوفهم يعبِّرون.
ننعم .. حشودكم من الشعب، ولها (مطالب أو مخاوف) مشروعة بالتأكيد بينما بعضها خطا غير مشروع، وهذه الحشود (أو تلك) لا تُعبر عن كل الشّعبِ، بقدر ما تعبر عمن يدعونها للاحتشاد، بدليل أنها تأتي وتذهب لمجرد توجيهات وتعليمات تتلقها من وراء الحُجب، ومن المؤكد أنه لا يمكن حتى التفاهم معها؛ لأنها لا تملك قرارها، فهي ليست هي، بل هي أنتم!!
فهل أنتم (أو إياهم) الشّعبُ، ومصلحتكم هي مصلحة الشّعب، وعلى الشّعبِ أن يستمع لنداء الشّعبِ، وإذا لم يستجب الشّعبُ لمطالِب الشّعبِ، فعلى الشّعبِ أن يدمر الشّعبَ لينتصر الشّعبُ لإرادة الشّعبِ؟
وهل هم (أو إياكم) الشّعبَ، ولن يقبل الشّعبُ ابتزاز الشّعبِ، ويرى الشّعبُ أن للشّعبِ مآرب أخرى، فلابد أن يكفّ الشّعبُ عن تهديد وقتل وتشريد الشّعبِ، وإلا فلن يسكت الشّعبُ عن تجاوزات الشّعبِ؟
حسناً .. عرفنا مشكلتك أيها الشّعبُ مع الشّعبِ .. فلما لا يجلس الشّعبُ إلى الشّعبِ ليتفاهم الشّعبُ والشّعبُ على مصلحة الشّعبِ، دون أن يدمر الشّعبُ الشّعبَ، نفسياً وأمنيا واقتصادياً.
ولم لا تتركون الشّعبَ يقرّر – من خلال نظام انتخابي مدني – من هو الشّعبُ، وما هي مصلحته، وليحكم الشّعبُ بعد ذلك الشعبَ بإرادة الشعبِ، وعلى الشعبِ – بعد التصويت بحرية وشفافية – أن يقبل حُكم الشّعبِ ، وإذا أراد الشّعبُ أن يُغيّر الحكم فليكن عن طريق الشّعبِ نفسه بقوة القرار وحرية الإرادة، وليس تحت طائلة الخوف أو سطوة الغلبة.
مسكين هذا (الشَّعبُ) ضاع بين الشّعبِ والشّعبِ، فلتكن أيها (الشَّعبُ) مع الشعب في مطالبة الشعب بالتعجيل بحل سياسي يمكنك من العيش بعيدا عن الفوضى والغلبة، في ظل دستور تمت صياغته طبقاً لمخرجات الحوار الوطني، وإجراء انتخابات عاجلة، وليكن ذلك من خلال إصلاحات سياسية واقتصادية عاجلة، ليستريح الشّعبُ من الشّعبِ، ويكفي الله (الشّعبَ) شرَ الشّعبِ والشّعبِ.
لا تقل لي: (هذه «أو» تلك) حشود الشعب، فدع الفلسفة والتحق بها..! ولا تتهمني بأنني ساويت بين الجلاد والضحية، وبين الظالم والمظلوم، وبين الشرعية والانقلاب، وبين السّلمية والمسلحة.. فالكل يدعي نفس دعواك، وينظر إلى نفسه كما تنظر أنت إلى نفسك.. أنت طاهر وهو طاهر !! والأنجاس المتخاذلون – في نظركما – من لا يشارك أياً منكم في تمزيق ما بقي من جسد هذا الوطن، ويذبحه بسكين الطُّهر ليعجِّل به إلى الجنَّة، ويريحمه من متاعب الدنيا، وقهر الظالمين !!
على أننا نعتبر مغامرات وحروب الداخل عبث، كما نعتبر القصف الأبرياء وتدمير مقدرات البلاد همجية، وليس لكل ذلك مبرر مقبول، بل ينبغي وقف هذه المهزلة والانسحاب من جميع الجبهات وتسوية النزاعات، وإطلاق المعتقلين وتسليم المنازل والمكاتب والمقرات لأهلها، والاستعداد للتخلي عن مؤسسات الدولة للحكومة المتفق عليها، وإقرار مبدأ الشراكة وإحداث التغييرات من خلال الوسائل الديمقراطية السلمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى