(انفراد) شركات “الأسهم” الوهمية في اليمن.. فخ لـ”جني الأرباح” بالسرقة والنصب
يمن مونيتور / صنعاء / وحدة التقارير:
شركات الأسهم الوهمية في اليمن.. غزت كل منزل، وقدمت عروض خيالية، وغرست الوهم، ودفعت النساء إلى بيع حُليها وفيما راهن الرجال بأصولهم العقارية، حيث لا حسابات بنكية تحفظ أموالهم، ولا ضمانات على الواقع او مكاتب رسمية يلجؤون إليها وقت الحاجة، وسط منافسة محمومة من يحصل على أكبر عدد من الأسهم.
على نحو مفاجئ، ظهرت شركات يمنية تعمل وفق سياسة “التسويق الهرمي” وتلاحق أموال اليمنيين في الداخل بشكل غير مسبوق، لكن الشركات لا تملك عناوين أو مقرات وتدفع بين الحين والآخر أرباحا كبيرة، مؤخراً تم إيقاف عدد منها واعتقال المندوبين فيما تركت أخرى تزاول عملها رغم الكثير من الشكوك حول أرباحها.
وتقول المصادر التي حصل عليها معد تقرير “يمن مونيتور”، إن معظم المشتركين مع هذه الشركات الوهمية من شريحة النساء اللاتي وقعن تحت إغراء الربح السريع واندفعن لتقديم مدخراتهن أو مصوغاتهن من أجل شراء أسهم في هذه الشركات.
وتفيد المصادر، إلى أن شركات الأسهم باعت الوُهم، ولاقت في شريحة النساء بيئة مناسبة لاستهدافها قبل الرجال، حيث سحبت أكبر سيولة مالية تجاوزت العشرين مليار ريال يمني، عبر مندوبين ماهرين في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، معظمهم أيضاً من النساء.
مظاهرة للمشتركين في صنعاء
لم يكن خروج آلاف النساء في مظاهرات أمام مكتب النائب العام الأسبوع الماضي إلا أولى مراحل المعاناة والحسرة للمشتركات والمشتركين في شركات الأسهم، التي لم يفيقوا من صدمة قرار البنك المركزي بصنعاء إيقاف أرصدة تلك الشركات والتوجيه لكافة شركات وشبكات الصرافة بحجز أموال أشخاص وشركات تبيع الأسهم.
كما لم تمنع القبضة الحديدية لحكومة الحوثيين، خروج مئات النساء إن لم يكن الآلف في مظاهرات تطالب بإطلاق سراح ممثلين عن مشروع احدى شركات الأسهم “قصر السلطانة” خشية ضياع أموالهم وتوقف أرباحهم عنهم ومصير مجهول لأموالهم.
أعلن المتظاهرات بعد قيامهن بقطع الطريق أمام مكتب النائب العام؛ رفضهن لحجز على الأموال وحسابات عدد من المندوبين للشركات الوهمية، المثيرة للجدل، بعد قرار البنك المركز بصنعاء القاضي بحجز أموال وحسابات عدد من الأشخاص والشركات.
قضية رأي عام
وتحول موضوع الأموال المبذولة في شركات تجارة الأسهم إلى قضية رأي عام، لتسببها بأضرار اقتصادية مباشرة على الأسرة اليمنية التي باتت تبحث عن أي مصدر رزق بعد انقطاع المرتبات لفترة تصل إلى أكثر من أربعة أعوام على التوالي .
وقال مراسل “يمن مونيتور” إن المشاركين والمشاركات في الأسهم أصبحوا لا يتصورون فكرة ضياع أموالهم بهذه البساطة أو تقبل صدمة توقف مشروعهم الوهمي وقبول حقيقة انهم وقعوا في فخ الاحتيال والترويج لاستهداف مزيداً من الضحايا لأخذ أموالهم بكل هذه البساطة على نحو مفاجئ.
وأثار توجيه قسم جمع المعلومات المالية في البنك المركزي لكافة شركات وشبكات الصرافة بحجز أموال الأشخاص وشركات الأسهم الوهمية رعباً للمساهمين وتخوفاً من ضياع رؤوس أموالهم وتحول الموضوع إلى بعد آخر.
آلية العمل
يبلغ قيمة السهم الواحد 100 – 120 ألف ريال، بالإضافة إلى 15 ألف ريال تدفع قيمة اشتراك ويتم توزيع أرباح كل ثلاثة أشهر بنحو 50 ألف ريال يمني عن السهم الواحد، تمثل 50 % من قيمة السهم، وتبلغ الأرباح السنوية نحو 150%، وتختلف المبالغ من شركة إلى أخرى.
وحصل “يمن مونيتور” على صورة لأحد عقود المضاربة لإحدى المساهمات باسم بلقيس علي غالب الحداد، وينص على أن الأموال سوف تستخدم في المضاربة المباحة شرعا في مهن مثل (الخياطة، الفضة، الهواتف والعقارات وغيرها)، وأن قيمة الأسهم ورأس المال تدخل في الربح والخسارة وأنه في حال الخسارة فإن رب المال يخسر ماله.
وقالت الشركة، التي تعمل في أرباح الأسهم، إن تعاملاتها بنظام الأسهم يتم من خلال ما تقوم به من أنشطة تجارية في مجال الفضة ومعامل الخياطة وغيرها من الأعمال التجارية المختلفة، إضافة إلى مجموعة من المشاريع الاستثمارية التي تعتزم الشركة إنشاءها والمتمثلة في محلات صرافة، بالإضافة إلى مشروع النادي الرياضي والصحي والترفيهي والثقافي.
وقد تصدرت شركة بلقيس الحداد المشهد، وهي تعمل في تجارة الفضة على نحو محدود ولا تملك استثمارات أو شركات، تلتها تهامة للاستثمار العقاري وتديرها امرأة تدعى فادية عقلان، وشركة تونتي إكس برو وهي شركة مجهولة، بالإضافة إلى شركة تدعى الماليزية للعسل وشركة تدعى الهاني وغيرها من الشركات.
عقود غير سليمة
ما يزيد الأمر غرابة، أن وزارة الصناعة والتجارة في صنعاء والخاضعة للحوثيين ليس لها علم بهذه العقود وغير مصادقة عليها في الوزارة أي ان هذه العقود غير سليمة.
وأكدت عمليات وزارة الصناعة والتجارة الواقعة في منطقة الحصبة بصنعاء لـ”يمن مونيتور” نفيها أو معرفتها بالموضوع اصلاً ونفت اطلاعها أو معرفتها بهذا العقود.
وأوضحت عمليات الوزارة، أن هذه العقود غير سليمة وغير مصادق عليها في ديوان عام وزارة الصناعة والتجارة، ووصلت شهادة مؤقتة من فرع الأمانة (التابع لوزارة الصناعة) شهادة مؤقتة باسم بلقيس الحداد على أساس انها تريد قطع شهائد مؤقتة في فئة الاستيراد في ثلاث أنشطة هي (فئة استيراد الإلكترونيات وفئة استيراد قطع غيار وفئة استيراد وسائل نقل وأقمشة) وهذه الشهادة لا تسمح لها بممارسة نشاط تجاري محلي وانما يقتصر على الاستيراد فقط.
وأكدت أن بلقيس كانت تريد أن تقوم بعمل داخلي كان عليها قطع سجل تجاري تجزئه أو جملة لكنها لم تقوم بذلك وكانت بحاجة إلى الشهادة استعداداً لظهورها بشكل رسمي عبر قطعها للسجل التجاري ولم تكن موفقة بخروجها حيث ـنها مارست النشاط التجاري داخلياً وهو ممنوع قانونياً لأنها لم تقم بقطع سجل تجاري تجزئه وجملة.
التسوق الهرمي
انطلى مفهوم التسوق الهرمي على المئات إن لم يكن الآلاف من المواطنين اليمنيين في مناطق سيطرة الحوثيين، خاصة شريحة النساء عبر عدد من الشركات الاستثمارية والتي دخلت بشكل سريع في البلاد.
يقول المصرفي بشير الحماطي لـ”يمن مونيتور”، إن التسويق الهرمي التي تقوم به هذه الشركات يعني دفع الأرباح للمساهمين القدامى من أموال المساهمين الجدد ويستمر العمل قائماً بوجود عدد من العملاء الجدد، ومع إقناع العملاء الحاليين بالاستمرار في استثمارهم، تؤخذ الأموال من كل طبقة لتعطى سابقتها.
وأضاف أن ذلك النوع من التسويق يسعى إلى ان تكون نسبة الأرباح خيالية، إذ تصل نسبة الأرباح السنوية 150%، وتسليم الأرباح كل 3 أشهر ويختلف من شركة لأخرى ومن المحال أن تمنح مشاريع هذه المبالغ كي تحصد هذه الأرباح في هذه الفترة القصيرة ونحن نعلم أنها تعد عملية نصب كبيرة ونرفض التعامل مع هذه الشركات اطلاقاً.
وأفاد بأن عدد من المشاركات ليس بالمئات بل تجاوز 100 ألف مشاركة بمعنى وصول المبالغ ما يقارب 5 مليار ريال يمني.
تفكك الأسر
من جانبه، يقول عماد راشد، إن صديق ليه كان محاسب في احدى الشركات، اشترك بسهمين مع شركة “بلقيس الحداد” عن طريق زميلته والتي تعمل محاسبة ومندوبة لبلقيس أيضا من أجل تحسين دخلها.
وأضاف لـ”يمن مونيتور” بالفعل لما رأى الارباح كبيرة جداً قام صديقي بشراء ثلاثة أسهم وترك العمل عشان يبقي مدير في منزله، و بداء يقنع اخوانه واقربائه بالاشتراك وزاد استدراج والده ليساهم بعشرة أسهم في بداية العام و استلم الأب ارباح، ثم اعاد بعض هذه الأرباح لشراء أسهم جديدة، ولم تنتهي القصة بعد فقد توقف الشركة عن العمل وبدأ الخلاف الاسري حيث قام الأب بطرد ابنه من المنزل.
من جانبها، قالت “ع. م”، إنها سارعت إلى المشاركة بأموال والدتها عبر المساهمة بشراء ثلاثة أسهم، بعد أن نصحتها صديقتها بجني الكثير من الأرباح في غضون ستة أشهر، مشيرة إلى أن اشتراكها في شركة بلقيس الحداد لما يمضي عليه سوى 4 أشهر ولم تصلها أي أرباح حتى إعلان البنك المركزي في صنعاء التحفظ على أموال الشركة، ما أثار الهلع الكبير لدى والدتها التي ألقت باللوم الكبير على ابنتها لمصادرتها أموالها في الاشتراك بهذه الشركات الوهمية.
وأضافت لـ” يمن مونيتور”، أصبحت في حيرة من أمرى، وفاقدة للأمل في استعادة فلوس والدتي”، وذلك بعدما تحدث إليها صديقتها بأنها غير مسؤولية عن ذلك، وأنها هي الأخرى (صديقتها) ضحية مثل الكثير من النساء في بيع الأسهم الوهمية.
النيابة تطالب بـ40 مليار كضمانات
على الصعيد، قال مصدر مسؤول في مكتب النائب العام، إن النيابة العامة في صنعاء طلبت بضمان مبلغ 40 مليار ريال يمني فقط كشرط للإفراج عن المندوبين وهذا مبلغ يعد ضمان مطلوب كي يحفظ حق المنكوبين والمشاركين والمساهمين.
وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته كونه غير مخول بالتصريح لوسائل الإعلام، إن ذلك يأتي بهدف ضمان حقوق أكبر عدد من المساهمين واستعادة مبالغهم المالية التي دفعوها لهؤلاء المندوبين”.
و مضى قائلاً: “حصلنا على وثائق تثبت وصول عدد المشتركين في هذه الشركات إلى 300 ألف مشترك وهذا عدد مهول وكبير، والطريقة التي يعملون فيها، غير واضحة ولا توجد أي مقرات أو مكاتب رسمية لها”.