لماذا يفشل الحوثيون في السيطرة على محافظة مأرب اليمنية؟
يمن مونيتور/ ترجمة خاصة:
خلص تقرير لموقع انسايد أربيا أن محافظة مأرب (شرق اليمن) لن تخضع بسهولة أمام جماعة الحوثي المسلحة.
وقال الموقع، مثلما لعبت مأرب دورًا حاسمًا في تمهيد الطريق لانتصار ثورة اليمن عام 1962 ضد حكم الإمامة التي يسعى الحوثيون إلى إحيائها، يمكن الاستدلال من التاريخ على أن هذه المحافظة لن تخضع بسهولة لقيادة الحوثيين.
وأشار الموقع إلى أن محافظة مأرب ازدهرت متمتعة بسلام نسبي على مدى السنوات الخمس الماضية وتوافد آلاف النازحين من صنعاء والجوف ومحافظات أخرى إلى المدينة. إنها مدينة مأرب تشبه واحة محاطة بالألغام الأرضية.
على بعد حوالي 170 كيلومترًا من صنعاء التي تقع تحت سيطرة الحوثيين، صدت مأرب زحوفات الحوثيين التي اندفعت التي اندفعت نحو المدينة بلا هوادة، باعتبارها معركة حياة أو موت. كانت مأرب مصدر قلق للحوثيين حيث لم يكن لديهم أي تأثير على قيادتها أو سكانها مما يجعل أي مكاسب يحققونها عرضة لأن تتحول إلى خسارة بالنظر إلى المقاومة الشديدة التي أظهرتها المحافظة بأكملها تجاه الجماعة المسلحة.
المعركة الجارية ليست محاولة الحوثيين الأولى لإجبار مأرب على أن تجثو على ركبتيها وإعلان إخضعها. في عام 2015 ، انخرط رجال القبائل في المحافظة في اشتباكات عنيفة مع الحوثيين ونجحوا في صدهم. لقد كانت السيطرة على مأرب حلمًا للحوثيين لم يتحقق حتى الآن، ولا يبدو أنه سيتحقق. واليوم، تعد المحافظة آخر معقل للحكومة اليمنية المعترف بها من قبل الأمم المتحدة في الشمال. إذا سقطت على يد الحوثيين، فهذا يعني أن الوجود الحكومي قد تم إزالته من شمال اليمن باستثناء بعض المناطق في تعز.
منذ بداية العام، اكتسب الحوثيون موطئ قدم في منطقة نهم بصنعاء ومحافظة الجوف المتاخمة لمأرب. شجع انهيار القوات الحكومية في أبريل / نيسان الحوثيين على التخطيط لفوز عسكري في مأرب. إنهم يريدون وضع المحافظة تحت حكمهم لأنها أغنى مقاطعة في شمال اليمن بموارد وقود كبيرة، وهي الغاز والنفط. علاوة على ذلك، تتمتع المحافظة بموقع استراتيجي. يقع على مفترق طرق بين البيضاء والجوف وصنعاء وشبوة والسعودية.
ورغم إدراك الحوثيين للوزن الاستراتيجي لهذه المحافظة، فقد واجهوا تحديات لا يمكن التغلب عليها خلال محاولاتهم الفاشلة المتعددة للسيطرة عليها، ويرجع ذلك لعدة أسباب:
أولاً، مأرب مجتمع قبلي وليس من السهل إخضاع سكانه بالقوة. إنهم يميلون للقتال حتى آخر رجل. الطريقة الوحيدة الممكنة لكسب دعمهم هي من خلال بناء علاقات جيدة مع شخصياتهم القبلية الرائدة. على عكس المحافظات الأخرى في شمال اليمن، شعر سكان مأرب بمسؤولية جماعية لدرء الغارات الحوثية. وقد لعب هذا الإحساس بالمسؤولية دورًا استراتيجيًا في عرقلة سيطرة الحوثيين على المحافظة. يمكن رؤية شباب مأرب، رجالا وكبارا على خط المواجهة مع القوات الحكومية. لم تتفكك قبائل مأرب ولم يتمكن الحوثيون من شراء ولاء زعماء القبائل في المحافظة.
وقال الموقع: حقيقة أن القبائل والحوثيين لن يتوصلوا أبداً إلى أرضية مشتركة يمكن أن تعزى إلى الانقسامات الأيديولوجية. يعرّف رجال قبائل مأرب أنفسهم كمسلمين سنة بينما يتبع الحوثيون العقيدة الشيعية. يعتقد الحوثيون أن لهم الحق الإلهي في الحكم على الآخرين، وهذا هو لعنة لعشائر مأرب التي تعتز باستقلالها طالما أنها لا تزال لديها أسلحة وقدرة على القتال. إنها فجوة أيديولوجية واسعة لم يتمكن الحوثيون من كسب قلوبهم في المحافظة.
ثانيًا، لم تقع مأرب في فخ التنافس الحزبي عندما استولى الحوثيون على صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014. وقد تحولت الانتفاضة الشعبية من مسار سلمي إلى صراع حزبي مدمر، خاصة بين المؤتمر الشعبي العام وحزب الإصلاح. إن سيطرة الحوثيين على محافظتي عمران وصنعاء وتوسعها اللاحق في عدة مدن في اليمن ما كان ليحدث بدون دعم قيادة المؤتمر الشعبي العام، بما في ذلك علي عبد الله صالح، الذي أعدمه الحوثيون في نهاية المطاف في عام 2017 بعد إنهاء تحالفه مع الجماعة.
أراد المؤتمر الشعبي العام الانتقام من حزب الإصلاح وجميع الحركات السياسية التي خرجت إلى الشارع عام 2011، مطالبين بإسقاط نظام صالح. لقد كان خطأً مدمرًا ارتكبته الأحزاب السياسية، مما وفر أرضية خصبة لقيام الحوثيين وتوسعهم في جميع أنحاء البلاد. وبالفعل، فإن العداء الحزبي بين الأحزاب السياسية في اليمن في أعقاب الانتفاضة الشعبية عام 2011 سقى جذور حركة الحوثيين وعزز قوتها، مما أدى في النهاية إلى الموت التدريجي للدولة.
وقفت مأرب بشكل ملحوظ بمفردها ونجت من وباء الانقسام الحزبي الذي كلف اليمن غالياً منذ عام 2014 حيث ظلت المحافظة موحدة بقوة وعمل مقاتلوها المناهضون للحوثيين بشكل جماعي لمنع أي محاولة للحوثيين للتقدم نحو مناطق المحافظة.
ثالثاً، كانت القيادة القوية لمحافظ مأرب حافزاً للمقاومة الثابتة منذ أوائل عام 2015. وقد نجح المحافظ “سلطان العرادة”، الذي عينه الرئيس “عبدربه منصور هادي” عام 2012، في كسب الدعم الداخلي والخارجي، وتم توحيد القبائل والأحزاب السياسية ومؤسسات الدولة تحت قيادته، كما حافظ أيضًا على علاقات جيدة مع كل من السعودية والإمارات، اللتين شنتا حملة عسكرية ضد الحوثيين عام 2015.
وأخيرًا، لم تركز قيادة مأرب على جهود الحرب فحسب، فلم تترك الاقتصاد والخدمات العامة التي يحتاجها المدنيون دون معالجة. وشهدت مأرب تحسناً هائلاً في قطاعات خدماتها الأساسية بما في ذلك الصحة والتعليم والكهرباء والبنية التحتية، رغم أن المدينة أصبحت ملاذا آمنا للنازحين وقفز عدد سكانها من 300 ألف إلى 3 ملايين.
في حين لم يتراجع الحوثيون عن هدف الاستيلاء على مأرب، فإن القوى التي دافعت عن المحافظة كانت حازمة وثابتة. وبالتالي، طالما لم يتم التوصل إلى اتفاق سلام شامل في اليمن، ستواصل مأرب مواجهة هجمات الحوثيين، وأيضا لن تتوقف صواريخ الحوثيين التي تصيب الأحياء المدنية والمواقع العسكرية.
في النهاية، مثلما لعبت مأرب دورًا حاسمًا في تمهيد الطريق لانتصار ثورة اليمن عام 1962 ضد حكم الإمامة التي يسعى الحوثيون إلى إحيائها، يمكن الاستدلال من التاريخ على أن هذه المحافظة لن تخضع بسهولة لقيادة الحوثيين.
المصدر الرئيس
Why Have the Houthis Failed to Seize Yemen’s Marib Province?