عربي ودولي

الرئيس السوداني السابق يمثل أمام المحكمة بتهمة تنفيذ انقلاب في 1989

 (أ.ف.ب)

بدأت الثلاثاء محاكمة الرئيس السوداني السابق عمر البشير أمام محكمة خاصة في الخرطوم في قضية الانقلاب على حكومة منتخبة في عام 1989، وهو يواجه عقوبة إعدام محتملة في حال إدانته.

وبعد وقت قصير على انطلاقها، رفع رئيس المحكمة القاضي عصام الدين محمد ابراهيم الجلسة حتى 11 آب/أغسطس.

وهي محاكمة فريدة من نوعها في العالم العربي حيث لم يمثل اي منفذ انقلاب ناجح في التاريخ الحديث أمام القضاء. وفي حال إدانته، قد تصل العقوبة القصوى في حقه الى الإعدام.

ووصل البشير الى مقرّ المحكمة تحت حراسة مشددة من سيارات شرطة وعسكريين يحملون أسلحة. وارتدى بنطالا وقميصا باللون البيج ووضع كمامة على وجهه. وكان يرفع يديه اللتين وضع فيهما قفازات لتغطية وجهه كلما حاول المصورون التقاط صور له.

وجلس قربه في قفص حديدي سبعة وعشرون متهما آخرين، بينما جلس القضاة الثلاثة على قوس المحكمة وخلفهم آية من القرآن الكريم “وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل”.

وبين المتهمين نائبا بشير السابقان علي عثمان محمد طه والجنرال بكري حسن صالح، ومسؤولون تقلدوا مواقع وزارية ومناصب حكام ولايات وقيادات عسكرية أثناء حقبة حكمه للبلاد.

وقال رئيس المحكمة القاضي القاضي عصام الدين محمد ابراهيم بعد افتتاح الجلسة “لدينا ثمانية وعشرون متهما”، مضيفا “هذه المحكمة ستتيح لكل شخص الفرصة ليقدم دفوعاته ويعرض قضيته وستقف على مسافة واحدة من الجميع”.

ثم طلب من محامي الاتهام والدفاع تسجيل أسمائهم .

وقال على الأثر “هذه القاعة لا تتسع لكل محامي الدفاع وعددهم 199. لذلك، قررنا رفع هذه الجلسة لاتخاذ تدابير أفضل، والجلسة القادمة ستكون يوم 11 آب/أغسطس القادم”.

وأوضح المحامي معز حضره، أحد ممثلي الاتهام في القضية، لوكالة فرانس برس أن “المتهمين يقدمون للمحاكمة بموجب المادة 96 من القانون الجنائي السوداني لسنة 1983 (المتعلقة ب) تقويض النظام الدستوري، والمادة 78 من القانون نفسه، الاشتراك في الفعل الجنائي”.

وحرّكت الدعوى مجموعة من المحامين، وتولّى النائب العام لاحقا تشكيل لجنة تحقيق في انقلاب 1989، وتشكيل هيئة اتهام مشتركة بين النيابة العامة ومجموعة المحامين.

ورفض البشير الكلام خلال التحقيق.

– “واثقون في القضاء” –

وبدت ابنة أحد المتهمين متفائلة.

وقالت إخلاص الطيب ابراهيم “نحن نثق في القضاء السوداني، وقضية أهلنا عادلة، وسيخرجون بإذن الله بعد أن يحصلوا على حكم عادل”.

وأطاح الجيش بالبشير في 11 نيسان/أبريل 2019 بعد أشهر من الاحتجاجات الشعبية المطالبة برحيله. وتمّ توقيفه على الأثر.

والبشير هو أول رئيس سوداني وصل الى السلطة في انقلاب عسكري يقدّم للمحاكمة منذ استقلال السودان في عام 1956. وشهد السودان بعد ذلك ثلاثة انقلابات عسكرية قادها ابراهيم عبود في 1959 وبقي في السلطة حتى 1964، وجعفر نميري (1969 الى 1985) ثم البشير (1989 الى 2019).

واستولى البشير على السلطة من حكومة منتخبة برئاسة الصادق المهدي، زعيم حزب الأمة، أكبر الأحزاب السودانية.وبقي في السلطة 30 عاما.

وقال حضره “المحاكمة توجّه رسالة الى كل من يحاول تقويض النظام الدستوري بأن الأمر يجرّم، وهذا يمثل حماية للديمقراطية”.

وتحكم السودان اليوم مجلس سيادة وحكومة من عسكريين ومدنيين تسلمت السلطة في صيف 2019 بعد تواصل الاحتجاجات إثر سقوط البشير للمطالبة بالديموقراطية، وبعد فضّ اعتصام شعبي أمام مقر وزارة الدفاع بالقوة، ما خلّف عشرات القتلى. وتلت ذلك مفاوضات بين العسكريين الذين كانوا تسلموا السلطة بعد سقوط البشير وقادة الاحتجاجات انتهت الى الاتفاق على مرحلة انتقالية من ثلاث سنوات تنتهي بانتخابات.

– “محاكمة سياسية” –

والبشير مطلوب أيضا من المحكمة الجنائية الدولية التي تتهمه بارتكاب جرائم إبادة جماعية وتطهير عرقي وجرائم ضد الإنسانية خلال النزاع في إقليم دارفور في غرب البلاد الذي اندلع في العام 2003 ، وتسبّب بمقتل 300 ألف شخص، وبنزوح الملايين.

وأعلنت الحكومة الحالية استعدادها لتسليم البشير والمتهمين الآخرين في هذا الملف الى المحكمة الجنائية.

ويؤكدّ دفاع البشير أن المحاكمة التي بدأت اليوم “سياسية”.

وقال أحد محامي الدفاع هاشم الجعلي لوكالة فرانس برس “رؤيتنا للمحاكمة أنها محاكمة سياسية أُلبست ثوب القانون، كما إنها تجري في مناخ عدائي للمتهمين من جانب أجهزة تنفيذ القانون”.

وأضاف “كما أن هذه الوقائع سقطت بالتقادم، إذ مضى على وقوعها أكثر من عشرة أعوام”.

وقال محمد نافع علي نافع، ابن احد المتهمين، من جهته عقب انتهاء جلسة الثلاثاء وهو يقف مع آخرين خارج مبنى المحكمة “لم يسمحوا لنا بالدخول الى قاعة المحكمة على الرغم من أننا قدمنا طلبا بذلك قبل ثلاثة ايام. بالنسبة لنا المحاكمة سياسية”.

واعتبر الجعلي أن المحاكمة تريد “وصم الحركة الإسلامية السودانية بالإرهاب، (…) لكن لدينا من الأدلة ما يدحض ذلك بأنه افتراء”.

ووصل البشير الى الحكم بمساندة الإسلاميين الذين بقوا داعمين لنظامه بشكل عام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى