المزايدة على عدن
ما يحدث في مدينتي عدن , من فقدان أبسط سبل الحياة , من كهرباء وماء ورواتب وبنية تحتية ونظافة وأمن وأمان , هو عقاب مع سبق الإصرار والترصد , هو تدمير لسبل الحياة وروح المدينة , مؤامرة تستهدف عدن كمركز تجاري و اقتصادي هام , وميناء بمواصفات مميزة وموقع استراتيجي نادر , اذا ما اتيحت فرصة للتنافس سيتفوق , تفوق تتضرر منه منافسين , هم من يحيكون مؤامرة ابعاد عدن عن المنافسة , مؤامرة فصولها ما يدور بعدن , ادواتها العابثين بعدن , معرفون للقاصي والداني .
تلك هي الأدوات المستغلة لتعطيل عدن , استغلال انكسارها النفسي والمعنوي في معركة صراع أيدلوجي عقيم , امتدادا لثارات الماضي وتصفية لتراكمات , بواجهة من الشعارات للمزايدة السياسية , كان الوطن أول ضحاياها , مزايدة دمرت تجارب وقيم واخلاقيات امة لسنوات من النضال , قيم ومبادئ انتكست , وانتكس معها جيل بكم هائل من الاشاعات والتدليس والتزوير , انكسار يعاد إدارته باستغلال قذر , للتحكم بالمصير , شر هذا الاستغلال جعل من المناضل موظف براتب حقير وقيود لا وطنية ولا انسانية , بتغيير الولاء لأجندات التعطيل والتدمير , ولاء افقده الارادة والسيادة , والاحتكام للوظيفة اراد او لم يريد , المحصلة فقدان شيئا من الشموخ وانكسارا الأنفة , التي لم تعد تشتم روائح المؤامرة , وتماهت مع العنف الممزوج بنزعات من الكراهية والتأفف من الآخر , لفرض واقع انقسام حاد يؤجج لصراع ابدي وتناحر حاد , لا يسمح لحالة تعافي واستقرار أو حتى مراجعة للذات والمواقف او توافق , في تغييب واضح للعقل والمنطق .
لم يبقى في عدن غير المزايدة السياسية , ولم نرى غير اناسا يقدمون انفسهم على انهم اصحاب حق ومواقف متقدمة في هذا الحق , والممارسة شيئا آخر , الحديث عن الحرية والاستقلال مزايدة , لأن الواقع لا علاقة له لا بحرية ولا باستقلال , ولا حتى بالصالح العام , ولا بالهم الوطني والقومي والانساني , ما يحدث في عدن شيئا غير مقبول بتاتا , وغير مبرر , بل يعكس حجم المزايدة السياسية , التي تخلو من الشعور الوطني والإنساني , البوصلة تقدمهم بأسوأ صورة , تائهون حتى عن تحسين صورتهم وتجميل اعمالهم , القبح واضح يرى بالعين المجردة , والعقل البسيط , لا نرى غير ادعاءات الوطنية والانسانية والقومية والدينية منها براء , فصلاتهم وقبلتهم اجندات من يدفع لهم , بدعم سخي يقتنصون الفرصة لتحقيق ما لم يمكن تحقيقه عن طريق النضال الحر .
عدن ضحية طيش وتهور وعنف , وتشكيلات عسكرية غير منضبطة , تشكيلات مناطقية وطائفية وجهوية , و ولاءات متعددة , يمكن أن تتناحر على ابسط مشكلة وخلاف , تشكيلات تشكل عبء على استقرار عدن ومحيطها , وفقدان الاستقرار هو فقدان للأمان , والرأس المال جبان , وعدن اليوم تقريبا تخلو من تلك رؤوس الأموال , التي هاجرت لبقاع الأرض , بحثا عن مناطق أكثر استقرار وهدوء , واستقبلت بالأحضان , وقدمت لها التسهيلات , رؤوس الأموال اليمنية في شرق اسيا وشمال افريقيا وفي الاقليم , وفي البلدان الداعمة للعبث بعدن واليمن , وهو المطلوب , ان تبقى عدن مدينة غير قابلة للحياة , غير قابلة للاستقرار , غير قابلة للاستثمار , مدينة اشباح وحروب وقتال وتناحر , مدينة اخرى من مدن اساطير المافيا والعصابات , والهدف ان يهجرها الرأس المال والابناء , وتبقى مجرد اطلال , وحكايات عن زمن كان يا ما كان عندما كانت هناك عدن , سباقة بكل جديد ومفيد , في اول محطة كهرباء 1926 م او قناة تلفزيون في الخمسينات وأول مباراة لكرة القدم وأول عرض مسرحي , واول و اول ….., لنعيش في حلم الزمن الجميل ونحن نموت وندفن أحياء , بسبب مزايدون باعوا عدن للشيطان من اجل راتب وثار وتصفية حساب .
هذا الزمن السيء هو امتحان لعدن وابنائها , سيمضي بكل مساوئه وستبقى عدن التي لا تقبل العفن , عدن التي تحتمل وتمرض لكن لا تموت , ستنتفض من وسط الرماد لتنفض من على كاهلها الفيروسات والوباء والعفن , وستعود عدن رائده في المنطقة , وتنافس بقوة اقتصاديا وتجاريا وثقافيا , وتحتل موقعها المتقدم بين موانئ العالم والثقافات والمنافسات الرياضية والفنية .