يبذل المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ جهودا مضنية لإقناع الحكومة بالحضور إلى جولة المحادثات القادمة مع الحوثيين وحزب صالح دون شروط مسبقة كما يسميها,ولأجل تحقيق هذا الهدف يزور عواصم دول خليجية لعلها تضغط على الحكومة بالمشاركة دون التمسك بحقها الطبيعي في الحصول على ضمانات لتنفيذ ما يتم التوصل إليه.
يبذل المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ جهودا مضنية لإقناع الحكومة بالحضور إلى جولة المحادثات القادمة مع الحوثيين وحزب صالح دون شروط مسبقة كما يسميها,ولأجل تحقيق هذا الهدف يزور عواصم دول خليجية لعلها تضغط على الحكومة بالمشاركة دون التمسك بحقها الطبيعي في الحصول على ضمانات لتنفيذ ما يتم التوصل إليه.
وبدلا من مطالبته الانقلابيين باعتراف كامل وليس نظري مشروط وناقص بالقرار(2216),يذهب ولد الشيخ في الاتجاه الآخر بعيدا عن طريقه المفترض أن يسلكه التزاما بمهمته الأممية ويتحدث كمن يخيّر شخص بين خيارين أحلاهما مر:إما أن تقبل بالحاصل أو لن تحقق هدفك.
قال للصحفي الذي حاوره بصحيفة “العربي الجديد”,ردا على سؤاله عما يمكن أن تقوم به قطر التي زارها والتقى وزير خارجيتها الاثنين,إنه يطلب وخطابه موجه لجميع دول الخليج “إقناع الوفد الحكومي بأن يأتي إلى جنيف من دون شروط مسبقة على قاعدة أنه يستحيل أن يُنفَّذ القرار 2216 بطريقة ميكانيكية. تعالوا بنية حسنة ومسامحة وانفتاح”.
والغريب أنه ظهر متناقضا في حواره,فمن جهة يستكثر على الحكومة الحصول على ضمانات من الطرف الآخر للالتزام والتنفيذ قبل الحضور ومن جهة أخرى يعترف أن فقدان الثقة بين الطرفين لا تزال قائمة وهي “الطامة الكبرى”,التي تهدد بعقد جولة المحادثات الجديدة التي لم يُحدد زمانها ولا مكانها وإن جرى الحديث عن موعد 15 نوفمبر الجاري واختيار جنيف.
ومن هنا أليس من حق الحكومة التمسك بموقفها في توفر الضمانات الحقيقية قبل الحضور للمحادثات طالما والطرف الآخر مراوغ ولم يعترف بشكل واضح وكامل بالقرار الدولي خاصة رفضهم الاعتراف بشرعية الرئيس هادي الذي صدر القرار لدعم شرعيته وجاء تدخل التحالف العربي بناء على ذلك.
ما هي إجراءات بناء الثقة؟يقول ولد الشيخ أنه يأمل التوصل لوقف إطلاق النار قبل منتصف الشهر الجاري وهذا غير ممكن حاليا بالنظر لتوسع رقعة القتال وإطلاق سراح سجناء والواقع يقول إن الحوثيين ما يزالون يختطفون ويسجنون,فكيف سيفرجون عمن يعتبرونهم”خونة”,وهذا سلوكهم على الأرض؟
لا ثقة بين أطراف الصراع ولا بوادر لتهدئة أو خطوات ايجابية تدعو للتفاؤل,فضلا عن أن الإصرار على الحسم العسكري هو العامل المشترك وإن كان الطرف الانقلابي خاسر ويخسر على الأرض لكنه يناور ويمضي في خياره الانتحاري حتى النهاية.
المراهنة على التصريحات والمواقف المعلنة لجميع الأطراف للقبول بالمحادثات ليس مؤشرا على الجنوح للحل السياسي وإنما يستخدمه كل طرف ورقة للمناورة ومحاولة تسجيل نقاط أمام الآخر بإظهاره رافضا للحل السلمي لاسيما إذا تمسك بشروط معينة,وأثبتت تجربة الفترة الماضية أن العامل الميداني أقوى لقياس مؤشر توجه كل طرف.
من الواضح أن تحفظ ولد الشيخ على إعلان موعد ومكان المشاورات القادمة يدل على أن التفاؤل ضعيفا بإمكانية لقاء الطرفين وما يظهره المبعوث الأممي من تفاؤل لا يعدو عن كونه أمنية أكثر منه حقيقة بدليل اعترافه بفقدان الثقة ولغة دبلوماسية مفهومة لا يريد صاحبها الاعتراف بفشل مهمته وهو حديث التكليف وفي البداية.
على الأرجح لن تحدث جولة مشاورات منتصف الشهر لصعوبة وقف إطلاق النار أو التزام الانقلابيين بضمانات واضحة لتنفيذ القرار الدولي وإذا كان هناك من تفاؤل فقد تعقد نهاية الشهر بعد توفر الظروف الملائمة وأولها تحسن معدل الثقة المرتبط بالمواقف العملية أكثر من النظرية.
المشكلة لا تزال قائمة وهي أن الانقلابيين لم يعترفوا كليا بالقرار بما في ذلك الاعتراف بهادي رئيسا في المقابل تصر الحكومة على التزام كامل وضمانات قبل الحوار,ناهيك عن عقبات آلية التنفيذ وصعوبة التوافق على جهة محددة تشرف على الالتزام العملي لاحقا.
الحل السياسي وليد نتائج المواجهات على الأرض وأي طرف يتقدم ويكسب سيقوي حظوظه بفرض شروطه وهذا ما يبدو مائلا لصالح التحالف لكنه ليس كافيا حتى الآن لإجبار الطرف الآخر على القبول بالنهاية السياسية للحرب طالما وهو لا يزال مسيطرا على محافظات مهمه ولم يتم دحره من مناطق تواجده بتعز التي تمثل ورقة قوية إن خسرها سيكون موقفه أضعف مما كان عليه.