المسألة ببساطة هي أن منظمة غير حكومية ألمانية تحمل اسم مؤسسة برجهوف، انخرطت بصورة كبيرة في الشأن اليمني عبر دعم نظري قدمته لمؤتمر الحوار الوطني.
المسألة ببساطة هي أن منظمة غير حكومية ألمانية تحمل اسم مؤسسة برجهوف، انخرطت بصورة كبيرة في الشأن اليمني عبر دعم نظري قدمته لمؤتمر الحوار الوطني.
هذه المؤسسة نظمت في الفترة من الثاني وحتى الرابع من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري في منتجع البحر الميت بالأردن لقاء ضم شخصيات قريبة من الحوثيين والمخلوع صالح، وبعضها ينتمي إلى ما يسمى بـ: الحراك الجنوبي، فيما بعضها الآخر محسوب على الرئيس هادي.
تكمن خطورة هذا التحرك في أنه يستبق على ما يبدو نتائج قد لا تكون مُرضِيَةً للطرف الذي قرر أن يخوض الحرب بدافع السيطرة على السلطة واحتكارها وإقصاء الأطراف الأخرى، دون أن يرف له جفن.
كانت نتيجة هذه المغامرة كما يعلم الجميع تدميراً لمدن يمنية كبيرة مثل عدن وتعز، ومواصلة قصف وحصار تعز، والاستمرار في خوض معركة عسكرية خاسرة، بكل المقاييس لأنها تتسبب في سقوط العشرات من اليمنيين يومياً وتشهد على حرب أهلية تورط فيها الحوثيون والمخلوع صالح، في وقت كان اليمنيون على مشارف إنجاز أهم عملية انتقال سياسي سلمي في المنطقة.
لا أدري بأي مسوغ تنخرط مؤسسة ألمانية تؤمن بالحوار في مهمة مشبوهة لتقديم مكافأة غير مستحقة لقتلة ومجرمين انقلبوا على الحوار ونقلوا البلد إلى طور سيئ من العنف سوف يدفع اليمنيون ثمنه لسنوات طويلة.
الشخصيات المشاركة في الحوار، تتمتع بثقل سياسي واجتماعي، هذا صحيح، لكنها أيضاً تمثل ذراعاً سياسياً مراوغاً لمليشيا المخلوع صالح والحوثي، وتحاول أن تمنح الكهف فرصة أخرى لتفريخ مأساة جديدة وإطلاقها في فضاء هذا الوطن المتعب.. لهذا كان واضحاً أن مؤسسة برجهوف حريصة على إضفاء مشروعية جديدة لعقلية “الكهوف” التي اُبتليتْ بها اليمن طيلة السنوات الماضية.
ليس خافياً أن ممثلي الحراك الجنوبي، الذين شاركوا في هذا الاجتماع هم أيضاً من أصحاب المواقف المساندة لمليشيا الحوثي، ويندرجون ضمن الجوقة الحراكية التي اعتقدت أن المليشيا كانت تقاتل في عدن ولحج وأبين من أجل إتمام صفقة تسليم المحافظات الجنوبية إلى هذا الحراك البائس.
لكن حضور الدكتور رشاد العليمي، يثير علامات استفهام عديدة، نتيجة لقربه من الرئيس هادي، خصوصاً وأن البيان الصادر عن الاجتماع، لم يحمل عبارة إدانة واحدة للحرب العدوانية التي خاضتها مليشيا المخلوع صالح والحوثي، بقدر ما حرص على إعادة الأذهان إلى النقطة التي انطلقت فيها تلك الحرب وتحفيز الناس على نسيانها واستئناف العملية السياسية.
لا يكف المرتبطون بمشروع الحوثي والمخلوع عن استفزاز مشاعر اليمنيين، بمحاولتهم منح القاتل مكافأة سياسية على جرائمه، ومحاولة التذرع بأن لملمة الوضع على هذا النحو سيحمي البلاد من توسع ظاهرة التطرف والإرهاب.
إن الحديث عن الإرهاب منفصلاً عن مليشيا الحوثي هو محاولة غير نزيهة لصرف الأذهان عن التطرف والإرهاب الحقيقين اللذين تمثلهما مليشيا الحوثي، وأصابت بهما اليمنيين في مقتل.
هل يتعين أن يقتصر تعريف الإرهاب على العمليات التي تمثل تهديداً للمصالح الغربية فقط، ونغض الطرف عن الإرهاب الذي أغرق بلداً بكامله في الدماء والآلام والخراب.
أمقت هذا الشكل من التواطؤ الذي يمارسه أفرادٌ ومؤسسات، ولا يهدف سوى إلى الغدر باليمنيين، بعد كل ما عانوه من قتل وتشريد وحصار وتجويع.