التشكيلي اليمني شهاب المقرمي: الحرب دفعتنا إلى بيع لوحات بورتريه للزبائن حسب الطلب
يمن مونيتور/القدس العربي
اشتهر التشكيلي اليمني شهاب المقرمي، خلال العقد الماضي، برسوماته الفريدة ولوحاته الإبداعية التي تضم صور بورتريه للشخصيات المشهورة والمؤثرة محليا وعالميا، على كل الأصعدة السياسية والفنية والإعلامية والرياضية.
واستطاع المقرمي أن يخلق مدرسة خاصة به في الفن التشكيلي في اليمن، جمع في لوحاته بين المتناقضات من وجوه المشهورين والمؤثرين، من مختلف الاتجاهات الفكرية والتوجهات السياسية، محليا وعالميا، جمع فيها بين صورة السياسي والفنان والرياضي والتاجر والصحافي والمفكر والإرهابي والمؤثر، بمزج إبداعي نشرها في عدة إصدارات من لوحاته، كنوع من التوثيق الصوري لتلك الشخصيات للأجيال القادمة أطلق عليها تسمية (الذاكرة الشهابية). وعاني شهاب المقرمي، كفنان معاناة شديدة جراء الحرب الراهنة، وما سبقها من أزمة سياسية قضت على الوضع المعيش للجميع، وفي مقدمتها المبدعين والفنانين، الذين لم يجدوا من يقف إلى جانبهم لإقالة عثرتهم، أو يدعمهم للاستمرار في مشوارهم الإبداعي، حتى لا تتوقف ريشتهم عن النبض بالحياة. هنا لقاء خاص مع الفنان شهاب المقرمي لـ«القدس العربيط للاقتراب أكثر من مشواره الفني ومن همومه ومعاناته:
■ أين وصلت ، كرسّام وكمبدع، في ظل عواصف الحرب التي أتت على كل شيء في اليمن؟
□ الجميع في اليمن اكتوى بنار الحرب، وأنا منهم، حيث أصبح الجميع في حالة انعدام وزن، عناء الحرب وانقطاع الراتب وتوقف الخدمات العامة، أضف إلى ذلك وباء كورونا، الذي داهمنا ليزيد الطين بلة. ظروفنا أكثر من قاهرة، لكنا نحاول أن نصمد وأن نقهر الظروف قدر المستطاع حتى نستمر في الحياة.
■ تميّز شهاب المقرمي في العقد الماضي بتخصصه في رسم لوحات الوجوه الجماعية للمشهورين من أعلام السياسة والفن والغناء والإعلام محليا وخارجيا، أين وصلتم بهذا المشروع ولماذا لم يعد حاضرا بقوة كما كان؟
□ العقد الماضي كرّست ريشتي لرسم تلك اللوحات الفنية، لأنه في تقديري كانت مرحلة مهمة، خرجنا منها بنشر كتاب «وجوه رصاصية» الذي يحتوي كل لوحات الوجوه التي رسمتها خلال تلك الفترة، كما أنجزت عدة إصدارات من لوحة «الذاكرة الشهابية»، التي تحوي نحو 300 وجه لشخصيات المؤثرين حول العالم سلبا وإيجابا، خيرا وشرا.
■ ما هي اهتماماتكم الفنية الحالية؟
□ أعكف حاليا على خلق مسار إبداعي جديد لأعمالي الفنية، في محاولة مني للتجديد في أسلوبي الفني في الرسم، والابتعاد عن أسر رسومات البورتريه، التي استهوتني كثيرا طوال مشوار العقدين الماضيين من عملي الفني.
■ إلى أي مدى أثرت فيكم ظروف الحرب معيشيا؟
□ تبعات الحرب أثرت فينا كثيرا ماديا ومعنويا، ابتداء من القلق والخوف وانعدام الأمان، مرورا بالضائقة المالية الكبيرة التي خنقت معيشتنا، وانتهاء بعدم الاستقرار وانعدام الرؤية للمقبل، الذي يبدو أنه سيكون أسوأ، ما جعل من الصعوبة بمكان أن يمارس الفنان إبداعاته بشكل طبيعي في ظل هذه الظروف غير الطبيعية.
■ وكيف تحاولون تجاوز هذه المشكلة المعيشية لمقارعة الظروف القاهرة من أجل البقاء؟
□ اضطررت لنشر إعلانات في وسائل التواصل الاجتماعي، مثل فيسبوك وتويتر، عن تقديم خدمة رسم صور بورتريه للزبائن بمقابل مادي زهيد، ولقيت إعلاناتي هذه تجاوبا لا بأس به من بعض زوار حساباتي في وسائل التواصل الاجتماعي، وتلقيت منهم طلبات للرسم، من أجل تغطية بعض نفقات المعيشة.
■ وهل نجحتم في ذلك؟
□ نجحنا إلى حد ما، ولكن فقط لتغطية المتطالبات الأساسية والضرورية جدا التي تعيننا على البقاء على قيد الحياة، ولله الحمد مرت خمس سنوات من الحرب ومازلنا عايشين، وفي تقديري أن تعيش من مهنة الرسم في بلداننا العربية هذا يعد نجاحا كبيرا.
■ ألم تجدوا أي دعم من أي جهة حكومية أو رعاية من أي جهة ثقافية أخرى لتشجيعكم على الاستمرار في طريقكم الإبداعي الفني؟
□ للأسف لم نجد أي شيء من ذلك وكل هذه الجهات مشغولة بأمور أخرى، ولا يوجد لديها أي اهتمام بالجوانب الثقافية أو الفنية والإبداعية، حيث تعد هذه الأمور آخر شيء تفكر فيها.
■ إلى أي مدى كانت أصداء أعمالكم الفنية على الصعيد المحلي والخارجي؟
□ قابل الجمهور أعمالي الفنية برضا وتجاوب كبيرين، محليا وخارجيا وعبر وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع الإنترنت، وحظيت باهتمام جيد من قبل الجمهور العام ولكنها لم تجد لها الصدى المطلوب من قبل الجهات المهتمة بالجوانب الفنية والثقافية.
■ ما هي مشاريعكم المستقبلية التي تطمحون لتحقيقها؟
□ المشاريع المستقبلية والأمنيات كثيرة، لكن ضيق ذات اليد تحول دون ذلك، إلى حد كبير، ورغم ذلك ما زلت أشتغل على تجهيز لوحات لمعارض فنية مستقلة وخاصة لبعض الرموز والشخصيات اليمنية البارزة، بالإضافة إلى بعض الشخصيات العربية والعالمية.
■ وهل تعتقدون أنه بالإمكان تحقيق هذه الطموحات في ظل الظروف الراهنة التي تعصف بالبلد، والتي أصبح فيها الفن آخر اهتمامات الناس؟
□ الأمر يعتمد على تحسن الظروف العامة وعلى صمودنا في هذا الطريق وعلى تغير نظرة اهتمام الجهات المعنية بالفن والإبداع ومنحها الرعاية المطلوبة.