جرائم ضحاياها الواثقون!
لا تعجب إذا ظن بك الآخرون سوءا ولا تعتب عليهم إذا ما شكوا فيك يوما ما، فنحن اليوم نعيش في واقع يفرض علينا أن نستخدم الشك فيه لكي ننجو فقط ونأمن على أنفسنا شر الأشرار.
لم يكن مخطئًا ديكارت حينما قال بنظرية الشك للوصول إلى اليقين.
نحن اليوم أحوج ما يكون لنطبق هذه النظرية ليس في الأدب وتحليله ولكن أثناء ممارسة الحياة اليومية، في البيت أو الشارع، في السوق أو مقر العمل، في أي مكان كنت، حاول ألا تكون بريئا بهذا الشكل الكبير، اترك البراءة لزمن آخر ربما قد يأتي أو أنه قد مضى دون أن تنتبه إليه، ودون أن تدركه؛ لكي تستغله في الثقة، أما الآن فينبغي علينا ألا نثق كثيرًا لكي لانكون ضحايا كما أصبح الكثير منا اليوم ضحية لثقته وبراءته.
نحن اليوم نعيش في واقع لم نستطع أن نميز فيه الخبيث من الطيب ولسنا قادرين على التفريق بين العدو والصديق لا ندري في كثير من الأوقات إلا وقد وقع الفأس في الرأس وعندها نصحو لنقول في أنفسنا أننا سلكنا الطريق الخطأ وأنه كان ينبغي علينا الحذر قدر الإمكان.
كثيرة هي القصص المأساوية التي حدثت وتحدث كانت الثقة هي سببها الرئيس.
كثيرة هي الجرائم التي ترتكب في حق الإنسان اليوم على مدار الساعة ضحاياها هم الواثقون.
كم من مرافق قام بقتل من يرافقه، وكم من عامل نهب مال من يعمل لديه وكم من أسير يعيش الآن تحت وطئة السجون وغضب السجانين لايجد أمامه أي سبب للعيش، كان سبب سجنه بلاغ من الناس المقربين له، كم من أم فقدت ابنها الفقد الأبدي لأنها وثقت بقريب لها يذهب به لسوق العمل للبحث عن عمل يجد من ورائه المال لكي يعود وينتقي به له عروسًا جميلة .
ضحايا الثقة كثيرون لا حصر لهم والواقع هو من يدفع الناس لنهج هذه الطرق دون وعي أو إدراك.
ما نلاحظه اليوم في أوساط الناس هو أن الشك قد خيم على أغلبيتهم، تراهم يبتعدون قدر الإمكان من الناس ليس تجنبًا للوباء ولكن تجنبًا لمصائب هي أكبر في وجهة نظرهم اخطر من وباء يأخذ الروح خلال أيام قلائل أو سويعات.
هم يرون أن هناك ماهو أخطر من هذا الوباء وأنه يجب عليهم تجنبه والابتعاد عنه؛ لذا تراهم يهربون من أي أسئلة قد توجه لهم، ويبتعدون عن الغرباء، لا يحبون التحدث عن ذواتهم ولا شرح حالهم للناس مهما كان. وهذا الشعور لم يأتهم من فراغ وإنما جاءهم بعد ماعانوا كثيرًا وضحوًا نتيجة لثقتهم
كفاهم من هذه الحرب أنها لم تدع لهم مجالًا ليثقوا بمن حولهم وإن كانوا من المقربين.
**المقال خاص بموقع “يمن مونيتور” ويمنع نشره وتداوله إلا بذكر المصدر الرئيس له.
*** المقال يعبر عن رأي كاتبه.