مراقبون: المصالح الفردية الذاتية هي من تدفع البلاد نحو التشظي من جديد
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ خاص:
مضى ثلاثون عاماً منذ الإعلان عن قيام الوحدة اليمنية، فالحُلم الأزلي للشعب تحقق بتوحيد الشطرين لكن أقلقه صراعات النخبة ومنحدرات السياسة والحرب في البلاد.
يعتقد السكان والمحللون المطلعون على اليمن أن النخبة السياسية التي كانت تدير البلاد خلال العقود الثلاثة الماضية فشلت في تحقيق تطلعات الشعب، وأن المصالح الفردية الذاتية هي من تدفع البلاد نحو التشظي من جديد.
كما يعتقدون أن “مشروع اليمن الاتحادي” هو أفضل خيار في الوقت الحالي للدفع باتجاه دولة يمنية قائمة تعالج أخطاء النخبة السياسية، على أن تقوم الدولة الجديدة على حكم الشعب بمعناه الحقيقي لا العبث بإرادته الحرة.
كانت اليمن قد قررت عبر مخرجات الحوار الوطني أن يكون نظام الحكم فيدرالياً يقوم على ستة أقاليم، بدلاً من وحدة اندماجية.
بعد مرور ثلاثين عاماً يعتقد برهان محمد (39 عاماً) ويعيش في كريتر بمدينة عدن أن “النخبة الجنوبية والشمالية على حدٍ سواء ارتكبت فضائع لا يمكن غفرانها لكن ذلك لا يعني أن الوحدة انتهت، وليس من حق النخبة نفسها تقرير ذلك من جديد دون استفتاء كامل، وحماية مصالح الشعب العليا”.
إرادة النخبة
يشير برهان في حديثه لـ”يمن مونيتور” إلى أن “الانقلابات تنهك الدولة اليمنية، وتجعل من التشظي إرادة النخبة التي تقود المجاميع المسلحة وليس الشعب اليمني”.
وقال برهان إنه شارك في الحراك الجنوبي منذ 2007 وشارك في إسقاط نظام علي عبدالله صالح عام 2011، وقاتل الحوثيين في 2015 حتى إخراجهم من عدن وقال إن “الانفصال ليس حلاً، بل إنه مشكلة جديدة ستقتل اليمن وتخنق حلم اليمنيين”.
ريما قاسم (25 عاماً) وهي ناشطة في مجال الإغاثة في صنعاء تقول لـ”يمن مونيتور” إنها تنتمي لتعز وتزوجت من محافظة عدن، “الحديث عن انفصال محظ جنون، وتمزيق للعائلات ودفع المجتمع إلى العداء”.
وتقول إن “اليمن أرض واحدة، وشعبٌ واحد، مهما اختلف السياسيون وحاولوا استخدام الأرض والشعب تنفيذ مشاريعهم السيئة”.
ويشير علي الأحمدي الأمين العام المساعد في حركة النهضة للتغيير السلمي إلى أن ” مشكلة الوحدة أنها تمت بإرادة قيادات حزبية ولم يكن الوصول إليها عبر قيادات صعدت باختيار الشعبين في الشمال والجنوب، بل مر نظامي الحكم في الشمال والجنوب قبل الوحدة بتنازع داخل كل منهما مبعثه غياب وسيلة حل الصراع وتجسيد إرادة الناس واختيارهم”.
وقال: تصحيح اختلالات الوحدة تكمن في إعادة الاعتبار للشعب ليقول كلمته عبر ممثلين منتخبين في أقاليمهم أو مناطقهم وليس بأن يفرض طرف مسلح رأيه بالقوة والاستعانة بالخارج ليكرر لنا نفس المعاناة القديمة بحذافيرها دون أي اتعاظ.
تفاؤل بوجود نموذج سيء
يتفق محمد العدني(20 عاماً) مع ريما وبرهان أن “بالإمكان النظر إلى الوحدة اليمنية بتفاؤل، فقد قدم المجلس الانتقالي الجنوبي (تأسس في 2017 وتدعمه الإمارات) رؤية لشكل الدولة التي يريدها، فلا أحد في عدن أو في المحافظات الجنوبية يرغب في استمرار هذا المجلس”.
خرج محمد في تظاهره مع عشرات السكان الأخرين مساء الخميس في مدينة عدن كاسراً الحظر الذي فرضه المجلس الانتقالي الجنوبي، للمطالبة بالخدمات العامة ووقف سلطة المجلس الانتقالي الجنوبي.
يقول محمد إن “الدولة القوية ستكون ضامنه لحقوق الناس، وحامية لحلمهم، لا الحوثي ولا الانتقالي قادر على إدارة مؤسسات الدولة”، معتبراً التنظيمين عصابات تسعى للحصول على جبايات ومكاسب سلطوية لا يعنيها أمر الشعب والسكان.
يقول برهان إن “القضية الجنوبية محمية بوعيّ الشعب والسكان تجاه قضاياهم ويكفي أن الجميع يتفق حولها دون خلاف والخروج عنها خروج عن إرادة الشعب نفسه”.
النخبة السياسية
تعتقد هيلين لاكنر وهي باحثة متخصصة بشؤون اليمن ولها كتاب عن اليمن: منذ ثلاثين عامًا، اتحدت اليمن كدولة واحدة في جو من التفاؤل بشأن المستقبل. كانت هذه الآمال مخيبة للآمال بشكل فادح، بفضل السجل السيء والمنفعة الذاتية والتنافس بين النخب السياسية اليمنية.
وأضافت: من الواضح أن التاريخ لم يكن لطيفًا مع الغالبية العظمى من اليمنيين، في بلد يبلغ عدد سكانه الآن ما يقرب من 30 مليون نسمة. فقد عانوا لعقود، من حكم كليتوقراطي واستبدادي بدد الدخل المتواضع للبلاد من صادرات النفط لجيوب النخبة الحاكمة وشركائها بدلاً من تعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
وتابعت: في هذه الذكرى، هناك حاجة ملحة لتعلم دروس العقود الأخيرة، حتى يتمكن اليمنيون من التوحد في النضال من أجل مستقبل أكثر سلامًا وإنصافًا.