فكرة الوحدة في الذكرى 30
ستتضح مساوئ العقلية التي جعلت من الوحدة شماعة لكل مساوئها واخطائها وفشلها في التحديات وعجزت في دعم الوحدة لتصنع تغيرا لنكن امة محترمة في الذكرى 30 لتحقيق الوحدة اليمنية، نحتاج ان نستعيد فكرة هذه الوحدة , لنرتقي لمستوى هذه الفكرة كقيمة مادية وروحية ,كنواة لفكرة الوحدة العربية , أمل وطموح وتطلع كل قومي وعربي , الفكرة ذاتها التي تشبعنا بها في جنوب اليمن كهدف سامي نرفعه في شعار النضال، (( لنناضل من أجل الدفاع عن الثورة اليمنية .. وتنفيذ الخطة (الخمسية) .. وتحقيق الوحدة اليمنية)) .
الوحدة اليمنية أمل ينقلنا من حال لحال أفضل, يحدث تغيرا حقيقيا في المنظومة السياسية والثقافية , لتدار عجلة النهضة والتنمية المتوقفة بأمر الاستبداد السياسي القبلي والديني , والقوى التقليدية والعنف ,للحاق بتطورات العصر , فاقترنت بالديمقراطية , وارتكزت على أدواتها التنموية , الاحزاب السياسية والمكونات الثقافية والفكرية , ومنظمات المجتمع المدني .
حالنا اليوم وحال وحدتنا , يتطلب ان نسأل لماذا تحولت هذه الوحدة من فكرة نبيلة وسامية , لشماعة نعلق عليها اخطائنا وفشلنا , وجعلنا منها رمزا لشيطان نرجمه باللعنات كلما فشلنا في تحقيق اهدافنا النبيلة , او انهزم في معركة مصيرية تمكن فيها منا المغرضون ؟! …
الوحدة لازالت تحتفظ بقيمتها , ونحن نفتقد لكثيرا من قيمنا , وفي كل سقوط للبعض , تزداد حاجتنا للوحدة لنتكئ عليها وننهض , ولن يتم ذلك دون معركة للوعي لندرك أهمية الوحدة في مسالة النهضة , والفكرة كمثل أعلى في الواقع , مثل ملموس الاثر في حياة الناس ومستقبل الامة .
معركة الوعي تحتاج لأدوات التنمية السياسية والفكرية , لترتقي لمستوى فكرة الوحدة نفسها وقيمها , وصمام أمان حمايتها من الاستبداد والمنظومة السياسية والدينية والقبلية البالية والمتخلفة .
هل تتضح الروية لندرك ان مشكلتنا في الجنوب والشمال ليست في الوحدة , بل في المنظومة السياسية والقبلية والدينية التي ادارت تلك الوحدة , وجعلتها كوسيلة تحفظ للمستبد الديني والسياسي , حقة في الاستئثار بالسلطة والثروة معا , بما يخدم اطماع تلك القوى التقليدية المتخلفة , التي اعاقة مسار الوحدة والديمقراطية لترتقي كحدث يحدث تغيرا حقيقيا في الواقع .
مجرد الاتفاق على توقيع الوحدة اليمنية , بدأت مرحلة نضال لفرض فكرة التغيير كمطلب اساسي للوصول للمستقبل المنشود , مرحلة نضال بين النخب الفكرية والثقافية أي قوى الحداثة , والقوى التقليدية التي ترفض هذا التغيير .
ويبرز السؤال هل فشلت النخب سياسية والثقافية لقوى الحداثة , أمام تلك القوى الرافضة لهذه الحداثة , سؤال يستدعي دور الاحزاب ومنظمات المجتمع المدني والقوى الجديدة , من مثقفين وحداثيين , في ترويض الاستبداد السياسي والديني والقبلي ,كمنظومة سياسية تحقق تطلعات وامال الناس بالوحدة .
أسئلة تستدعي مواقف مخزية لقوى التغيير امام اطماع ومصالح الاستبداد السياسي والديني , واتاحت الفرصة امام هذا الاستبداد للاستئثار بالسلطة والثروة , ليمتلك القوة لاستثمار الوحدة وضرب قواها الحية , وجعل منها مجرد تاج على راس المستبد , كحق يستبسل في الدفاع عنه ,فكان هو الوحدة , والوحدة هو , ومن مسه مس الوحدة , والتغيير معناه المساس بهذا الحق , رافعا شعار (الوحدة او الموت ).
مواقف مخزية عندما تمكن من اكتساح الساحة في الانتخابات , وتمكن من فرض التعديلات الدستورية لضرب فكرة الوحدة , وبأدوات هي اليوم تنوح وتعوي بمجرد سماع الوحدة اليمنية في أي خطاب .
كأمثلة لا حصر , تفوق مرشحين للسلطة من شخصيات قبلية متخلفة , لا تقرا ولا تكتب على مرشحين قوى التغيير والحداثة من مثقفين واكاديميين وشخصيات مرموقة , وصلوا على نسب عالية في التعديلات الدستورية والانتخابات الرئاسية في مدن تعد منابر للثقافة والفكر والحداثة , كعدن التي غزتها النزعات القبلية لتساند الشيخ القبلي والديني ليتفوق على المثقف الاكاديمي والسياسي .
فهل تفوق الجهل على الوعي والعلم والثقافة ؟! تفوق يبرهن فشل قوى الحداثة ,والوحدة بريئة من هذا الفشل , من خذلانا لها ولقيمها , بريئة من الروح الانهزامية التي سيطرة علينا , بريئة من اللعنات التي تعبر عن ما فينا من سوء وعفن , بمجرد بحث علمي ونقدي منطقي وشفاف , ستتضح مساوئ العقلية التي جعلت من الوحدة شماعة لكل مساوئها واخطائها وفشلها في التحديات وعجزت في دعم الوحدة لتصنع تغيرا لنكن امة محترمة ذات قيم اصيلة لنرتقي لمصاف العصر .