الشرعية والحرب المصيرية
شرعية أخذت على عاتقها تحييد العنف، ليكن أداة تنفيذ النظام والقانون والتوافق، وأشرك كل القوى السياسية، لاستعادة الدولة والمؤسسات، والنظام والقانون، بعضهم يستهتر بالشرعية، يراها مجرد أفراد ومكونات لا تروق له، دون ان يدرك انها توافق سياسي، نتاج لبؤس ومآسي من الصراعات والحروب العبثية، توافق منضبط برؤى مستقبلية مبنية على تفكيك بؤر الصراع والعنف، والخروج من دائرة الحروب المتوارثة التي لا تبقي ولا تذر.
شرعية أخذت على عاتقها تحييد العنف، ليكن أداة تنفيذ النظام والقانون والتوافق، وأشرك كل القوى السياسية، لاستعادة الدولة والمؤسسات، والنظام والقانون، والدستور كعقد اجتماعي يعطي الحق للشعب ان يحدد مصيره وشكل الدولة، بشفافية وسلاسة، مرسومة في مخرجات حوار ومسودة دستور واستفتاء الشعب، ليقول كلمة الفصل فيها.
هذا التحول كفيلا بنهضة اليمن، وحلا ناجعا لكل مشاكله، ينهي المركزية، ويعطي الحق للشعب في كل المناطق تقرير مصيره، بشفافية وسلاسة، بعيدا عن العنف والصراعات المدمرة، تحول له انصاره، واعدائه، والحكم فيهم واضح.
لم يرق لأعداء الوطن هذا التحول، وبحثوا في تناقضاته، ما يفجر العنف، ووضعوا البلد في معركة مصيرية، مع ثلة طائفية كهنوتية، تصر على ان لها الحق الالهي في حكم الجميع، حكم الأكثرية في العدد والعتاد، وفجأة تغيرت الموازين، فلا غرابة ان تصير لها الغلبة على الاكثرية، وتستحوذ على العتاد بكل سهولة.
مما استدعى تحالف عربي وجد أن الواقع الجديد يهدد العروبة والمنطقة، ليكن سندا لعودة شرعية الدستورية والتحول المستقبلي، وخمس سنوات والسادسة، وإذا بالانقلاب، انقلابان، والحرب حروب متوالدة، والتحالف، تخالف عن الهدف والرؤى، انكمش لدولتين، تاهت في متاهة المصالح والأطماع.
والناس ليس اغبياء، تتفجر في أذهانهم مائة سؤال وسؤال، عما يدور في الواقع، عن مصيرهم ومستقبلهم وتطلعات ثورتهم، ومشاهد حياتهم وهي تنهار (وعدن اليوم خير مثال)، ومن حقهم أن يحللوا ويحللوا خوفا ورعبا من المحتوم، والعزاء على العميان وهم يقادون كقطيع دون بصيرة، او حتى نصف سؤال إلى أين نحن نمضي؟!
أسئلة مشروعة، لمشهد يتشكل خارج التطلعات، يصيغ نظام يقوم على تمثيل الطوائف والمناطق، وليس على تمثيل المواطنة، يسهل زرع بذور الفتن من كراهية وانتقام يحدث انقسامات ويصنع أزمات، وحروب جانبية لا تبقي ولا تذر، باستنساخ غبي لانقلاب الشمال في الجنوب.
قضيتك عادلة، ومن المعيب ان تتخلى عن عدالتها، لتقبل العنف وسيلة من وسائلك، عنف يفكك كيانك، ويحطم الرهان ، عندما تحرم الحالمون والمتطلعون حقهم بالدولة الضامنة للمواطنة، وتضيق عليهم الخناق، و تضيق بهم الأرض، كلما ضاقت العقول بتقبل الآخر، والتعايش مع المختلف، كلما تفككت فسيفساء المجتمع والنخب السياسية، وصار التسلط والهيمنة واقع يفرض نفسه على الجميع ، حينما يفقد الناس عدالة قضيتهم ونبلها ، لتتحول لمجرد صراع على السلطة و التنافس على الولاء ، والبيع والشراء، وللدرهم أثراً ومعنى ، والقيم والمبادئ والأخلاقيات في الدرج السفلي من الأولويات، والنهب والبسط والسطو والاغتيال واقع، ليفقد الوطن سيادته وتسلب الناس إرادتهم، وحقهم في الحياة الكريمة .
الحرب تدور رحالها في أبين، ومتارسها هي ذات متارس حرب النفير المعلنة في عدن لطرد الشرعية، والقادم لدعم تلك الشرعية يهادن، ويضغط ليفرض واقع آخر، ويرتب أوراق المشهد السياسي وافق أهواء بعض أطرافه، ويقتسم الوطن، واستخدام الطيران الذي زاد من حالة الانقسام والتراكمات، وولد شرخ عميق في جسد الجزء الجنوبي من الوطن.
حرب ما لم تكن حروب بالنسبة للشرعية مصيرية، والوطن حق لاستعادة شرعيته الدستورية وتحوله السياسي والمستقبلي، ومخرجات حوار وطني وثورة شعبية تلبي تطلعات أمة، تلبي تطلعات الجنوب بالحرية والاستقلال والشمال معا، بسلاسة دون عنف وصراعات وحروب كارثية تعمق الشروخ والتصدعات.
لن نقبل كشعب ان نكون ضحايا عقول لم تستوعب هذا التحول، ولديها من الشكوك والأمراض المتوارثة، ما يعطيها مبررات رفض الانخراط في العملية السياسية، رغم محاولات إشراكها في السلطة، بمهام تنفيذيه، كانت كفيلة لتقديم رؤيتها ومشروعها على الارض بصورة جاذبه، لكن ابت الا ان تكون اداة صراع، وحروب نتائجها وخيمة عليها وعلى الوطن، كأداة استخدام جيد لأجندات الطامعين بوطن.
واقع اليوم والحروب المتوارثة، يثير عدد من الاسئلة، عن حجم الاستنزاف البشري والمادي لهذه الحروب، ومصادر تموينها، والاموال التي تنهبها قوى العنف والمليشيا من البنوك والمركزي بمجرد السيطرة على الارض، مليشيات لم ترعى حق الناس وحقوقهم بالحياة، وفقد الناس رواتبهم ولقمة عيشهم في الشمال وتحولوا لمجرد وقود لحرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل، واليوم الجنوب يسير على خطى ذلك، بعد تحول دم الجنوبي على جنوبي حلال مادام له رؤية مختلفة لا تتوافق والعنف القائم، والله المستعان.
**المقال خاص بموقع “يمن مونيتور” ويمنع نشره وتداوله إلا بذكر المصدر الرئيس له.
*** المقال يعبر عن رأي كاتبه.