عدن والخطيئة الكبرى
ما لم يمنعك الضمير من فعل الخطيئة، يفترض ان يمنعك من الاستمتاع فيها.
«كل بني آدم خطاء، وخير الخطّائين التوابون» حديث شريف ما لم يمنعك الضمير من فعل الخطيئة، يفترض ان يمنعك من الاستمتاع فيها.
«كل بني آدم خطاء، وخير الخطّائين التوابون» حديث شريف
واقعنا في عدن هي الخطيئة الكبرى التي تتباهى بها كقوى سياسية، واستمرار هذا الواقع بصلف هو استمتاع تلك القوى بخطيئتها.
خطيئة اختيار، وعجز في السير مع حركة التغيير، لنكن الاسرع كباحثين عن هذا التغيير، لحياة أجمل، فنقف في طريقها ونداس ونرتهن لكل ما هو سيئ واسوأ، ونكون ضحايا أعداء هذا التغيير.
خطيئتنا هو انقسامنا ، بين قوى سياسية مع وثيقة العهد الاعظم للتسامح والتصالح مع الماضي وفي الحاضر، للانطلاق لمستقبل يصنع تغييرا حقيقيا، يرمم التصدعات والتشققات، ويردم الهوه بين القوى السياسية والثقافية المتنوعة، محافظا على هذا التنوع، وفسيفساء الطوائف والاعراق، في بوتقة سياسية منضبطة بقيم واخلاقيات النضال الانساني الرائع، وبين ماضويين، بوصلتهم تنظر للخلف، باحثه في قماماته ما يبرر عجزها في مواكبة عجلة التغيير، صانعة عثرات امام هذه العجلة ، تنشغل وتشغل الجميع في تصفية الحسابات بروح الانتقام وثقافة الثأر، فنكون الأبطأ حركة في هذا التسارع ،فنداس، ويجد اعداء التغيير من القوى التقليدية، والأنظمة الاستبدادية، والأسر الحاكمة، فينا ادوات المؤامرة للتصدي لتغيير حقيقي، يضعها خارج مجريات التاريخ، وينهي عهدها البائس .
واقع عدن هو الخطيئة الكبرى، حيث يتصدر المشهد الماضويين فكرا وثقافة، وافتقاد لوعي نضالي انساني نبيل، واقع اخذه الحماس نحو الفتنه، فتنه في تأجيج العصبيات (طائفية كانت او مناطقية او حتى أيدلوجية) ضاغطة تحشرنا في زاوية ضيقة ومسار واحد ينفي ما عداه، يميز نفسه عن غيره من الدروب.
النضال هو وعي، فكر وثقافة، عمل منضبط بقيم ومبادئ التغيير المتسارع للحياة، فيه مسألة الفهم محسومة، وكل نشاط لدية مع الاخرين، انما هو في سبيل اقناعهم بالفكرة، لا مصارعتهم من اجلها، والتناحر من اجل فرضها، كالذي يحدث في عدن اليوم.
فرق شاسع بين من يدعي النضال ويرتكب الخطيئة، ويستمر مستمتعا بخطيئته، غير مبالي بالأخرين، ولا تفكير لدية او قدرة في التوبة وتصحيح الاخطاء، تفكيره منحصر بين مسألة النصر والهزيمة، ويرى نصره الاستمتاع بخطيئته، والتخلي عن ذلك الاستمتاع الغبي هزيمة، وبين نضال يرتقي وعيا متميز بثبات القيم والمبادئ.
الاول مثير للفتن والمشكلات، مؤجج الخصومات، محدث التصدعات والشروخ الاجتماعية والوطنية، بكل غباء يمكن ان يجاهر بالتخلي عن هويتهم، باحث بين ركام هذا الغباء عن هوية بديلة، يحدث انفجارات تدمر حياته والاخرين على حدا سوى، جعل من عدن بؤرة صراع، حيث يسيطر قانون القوة على قوة القانون، ويفرض احكاما خاطئة، واغبيا يستمتعون بأخطائهم.
قانون القوة لا يصنع دولة، الدولة تعتمد على قوة القانون وترسيخ العدل والانصاف، لها اركانها من مؤسسات تنفيذية ومؤسسات رقابية، تحكمها منظومة سياسية وثقافية بقانون ودستور فاعل، محاربة الفساد والارهاب يحتاج لهذه الدولة ومؤسساتها المنضبطة بالنظم والقوانين.
محاربة الفساد والارهاب بقانون القوه والهيمنة والتسلط على رقاب الناس، لن يقدم سوى مثال سيئ، ولنا في تجاربنا قديما وحديثا عبر ودروس، من العار ان نكررها، تجارب تدخل فيها قانون القوة ، وعطل كل شيء، عطل مؤسسات الدولة، افقد الناس حقوقهم ومستقبلهم، فلم يعد يملك المواطن البسيط راتبه الشهري الذي لا يفي باحتياجاته، وفقد الناس تطلعهم بحياة أفضل، ليجدوا انفسهم ضحايا خطيئة قانون القوة الغاشمة، والعقلية المتهورة والجشعة بطمع لامثيل له، ومن سيئ لأسوأ، والله يستر على القادم، في مسار الاستمتاع بالخطيئة والتهور والطيش .
**المقال خاص بموقع “يمن مونيتور” ويمنع نشره وتداوله إلا بذكر المصدر الرئيس له.
*** المقال يعبر عن رأي كاتبه.