ان بعض الناس لديهم قدرة سحرية عجيبة على الافتاء في كل شأن من شؤون الدنيا ، وكل أمر من أمور الدين والموت والآخرة ، وكل حاجة بين الثنتين ! ان بعض الناس لديهم قدرة سحرية عجيبة على الافتاء في كل شأن من شؤون الدنيا ، وكل أمر من أمور الدين والموت والآخرة ، وكل حاجة بين الثنتين !
وهم متحمسون جداً للادلاء بآرائهم في ماهية الهيموجلوبين ، وسرّ ثقب الأوزون ، ولماذا تحدث ظاهرتا المدّ والجزر ، وماهي الصفة السياسية لدولة الفاتيكان ، وكيف يتكون العسل في افراز النحلة ؟
واذا كان الشخص الذي يتحدث في هذه الأمور كلها يدري ماذا يقول ، ويكون قوله صواباً بالفعل ، فهو مثقف ، أو واسع الاطلاع على أقل تقدير . أما اذا كان يهرف بما لا يعرف ، أو كما نقول في العامية ” يخطرش ” أي أنه يقول أيّ كلام في أيّ حاجة ، فهذا قليل حياء ، لأنه مجرد فشفشي ، يزعم ما لا يعلم .
أثبت ايزاك نيوتن – ببرهنة علمية دامغة – أن جميع ألوان الطيف السبعة اذا ما مُزِجت ببعضها ، فان اللون الأبيض هو ناتج هذا المزيج . لكن عبدو فشفشي سيحلف بأغلظ الأيمان أن نتيجة نيوتن خاطئة ، وأن ناتج المزيج سيُسفر عن اللون المشمشي . ولازم يكون مشمشي مادام صاحبنا فشفشي !
حاول أن تتحدث مع رفقتك – في وجود أحد هؤلاء الفشافش – في موضوع متصل بكرة القدم ، ستجده بيليه أو مارادونا ماثلاً أمامك . أو تُجادل بعضهم في شأن من شؤون الحرب الدائرة هذي الأيام ، فاذا بمونتجُمري يُصحّح لك معلوماتك في قواعد الاشتباك . واذهب في نقاش بصدد أي أمر من أمور الآيديولوجيا أو الايكولوجيا أو التكنولوجيا أو غيرها من الأمور التي تنتهي بـ ” لوجيا ” فاذا بالأخ العزيز أستاذ في الفاصوليا واللوبيا بدون منازع .
سأل الرائي العظيم عبدالله البردّوني واحداً من هؤلاء عن سيدة تُدعى فاطمة بنت عامر ، فقال له الرجل أنها احدى الصحابيات الجليلات . بعد أن ذهب الرجل ، جلجلَ البردّوني بضحكته الشهيرة . وحين سأله الحاضرون عن السبب ، أجابهم : ان فاطمة بنت عامر ليست سوى المرحومة أُمي !