عدا أثقاله المادية والمعيشية والاجتماعية الجسيمة الهائلة – أنه لا يتقبّل الموضوعات ثقيلة الدم أو سخيفة المحتوى. ولهذا، دعونا نتحدث في أمور عابرة وخفيفة .. في البدء أُهنّىء القراء الأعزاء بحلول شهر رمضان الكريم، متمنياً لهم صبراً جميلاً وعوناً على احتمال أثقال هذا الشهر. ومن أثقال هذا الشهر – عدا أثقاله المادية والمعيشية والاجتماعية الجسيمة الهائلة – أنه لا يتقبّل الموضوعات ثقيلة الدم أو سخيفة المحتوى. ولهذا، دعونا نتحدث في أمور عابرة وخفيفة ..
أدري أن القضايا والموضوعات المرشحة للكتابة كثيرة، بل غزيرة، أو كما يُقال بالعامية: ” أكثر من الهمّ على القلب ” .. ولذلك، لن يعدم كاتب أو راغب في الكتابة أو كل من تحكُّه يده للقبض على لجام القلم والشخبطة به، موضوعاً للكتابة مما تتقافز من موضوعات حواليه. غير أن كتابة عن كتابة تفرق – كما يُقال – أو تختلف، فناً وأسلوباً ومنهجاً. فثمة كتابة قائمة على وعي بموضوعها وايمان بمضمونها أو رسالتها، فيما كتابة أخرى لا تعدو أن تغدو خبط عشواء أو نبشاً في الرمال أو هرطقة !
فَلْنَجُلْ بأبصارنا على ذلك الركام الهائل من المقالات والأعمدة التي تزدحم بها يومياً تلكم المواقع والمنصات الاليكترونية التي باتت مستشرية كالفيروسات بعد أن قلَّ بل ندرَ وجود الصحف والمجلات في هذي البلاد وفي العالم كله. ولابد لك بعد هذا التجوال من أن تحطّ باهتمامك على عدد قليل جداً منها، وجدتها تستحق قراءتك فعلاً، وما عداها تجدها هباءً منثورا .
قالوا في المأثور منذ زمن بعيد: ” الكلام مافيش عليه جمرُك ” أي أن تتكلم (أو تكتب، لا فرق) فهو من أسهل ما يمكن أن يبدر عن المرء.. ولكن … هل كل الكلام – أو كل الكتابة – سواء؟
كما جاء في مُحكم كتابه: “قُل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون”. فهل يستوي كلام العارف مع كلام الهارف؟
وهل تستوي كتابة من يدري ماذا ولماذا يكتب، بكتابة ذاك الذي لا يريد من الكتابة الاَّ تحبير الورق أو ملء الفراغ أو نيل شهرة مزعومة؟
ويتفاخر بعضهم بأنه يستطيع كتابة مقال من ألف كلمة ببساطة وبسرعة قياسيتين!.. ولا يدري هذا المُتفاخر أن كثافة العبارة وخلاصة الجملة واختزال الفكرة هي القدرة البارعة والمهارة الفائقة، وليس الفضفضة !
ان ذلك النوع من الكتابة أشبه شكلاً ومضموناً بذلك الركام الذي تراه في مقالب القمامة الكبرى خارج المدن (كالأزرقين في بعض ضواحي صنعاء والحسوة في احدى ضواحي عدن) مصيرها ليس أكثر من قبرها أو احراقها أو اتلافها، لأنها مجرد خردة بلا ثمن!
**المقال خاص بموقع “يمن مونيتور” ويمنع نشره وتداوله إلا بذكر المصدر الرئيس له.
*** المقال يعبر عن رأي كاتبه.