كتابات خاصة

ميراث الفشل

أحمد ناصر حميدان

واقعنا اليوم هو الفشل المتراكم، والذات المهزومة، والغير قادرة على تجاوز الهزيمة النفسية، التي تميل للعنف , بثقافاته وافكاره ونوازعه , وتفرض واقعها على الارض , من كراهية وانتقام وغل وثارات عميقة , تدفع لمزيد من السوء والاسوأ , والنتيجة الواقع الذي يصيبنا بالإحباط وتطلعاتنا بالخذلان .

في بلدي نعيش ميراث متراكم من الفشل، يدمر كل جميل فينا، من الذات الى العام مرورا بالهوية، ينقلنا من بؤس لأشد بؤساً، في حصيلة كارثية تحطم تطلعاتنا كقوى مدنية، وقاموسها من الحداثة والرقي بالمجتمع، وقيم واخلاقيات الدولة التي ننشد، دولة المواطنة والحريات والعدالة الاجتماعية.

كثر التباهي بالانتصارات التي تتلاشى خلال ايام ما لم يكن ساعات، لأنها انتصارات تسيطر على الارض دون ان تسيطر على الانسان وميوله للذات والملذات الحسية والشر، دون ان يتم تصحيح الخطيئة التي تسببت بالهزيمة، فيبقى النصر مهدد بهزيمة الذات الداخلية، حيث خطيئة الافكار والثقافات والشهوات الفاسدة التي لازالت مسيطرة على الذات، تهدد ذلك النصر.
واقعنا اليوم هو الفشل المتراكم، والذات المهزومة، والغير قادرة على تجاوز الهزيمة النفسية، التي تميل للعنف , بثقافاته وافكاره ونوازعه , وتفرض واقعها على الارض , من كراهية وانتقام وغل وثارات عميقة , تدفع لمزيد من السوء والاسوأ , والنتيجة الواقع الذي يصيبنا بالإحباط وتطلعاتنا بالخذلان .
القضية ليست نصر ترفرف فيه راية هنا وهناك ,ولا بندقية تلعلع لترهب الناس , بل قضيتنا نصر يفرض قيم ومبادئ وثقافات وافكار الحداثة , نصر يرتقي بالمجتمع قيما واخلاقيات , نصر يهدف لمراجعة في المنظومة الفكرية والثقافية , التي ترشدنا لتحول مأمول  ومستقبل منشود .
نتطلع لنصر يفرض تغيير حقيقي وايجابي في المجتمع , ويرسخ قيم وادبيات ذلك التغيير الايجابي في نفوس وثقافة وافكار الناس , نصر للوعي بالقضية الجوهرية , التي لا مجال فيها للانجرار لقضايا ثانوية وهامشية , تبعدنا عن الهدف الاساسي , فنجد انفسنا ضحايا دعوات لنزعات سلبية قاتلة , تهدف بالأساس للسيطرة والتمكين  على رقاب الناس من قوى العنف والتخلف بأشكالها الجديدة القادمة من جراب العصبية مهما اختلفت منطقتها وطائفتها فالسمة واحدة .
نريد ان تتنصر فينا الحداثة , تنتصر افكارنا وثقفتنا ومدنيتنا , على عصبيتنا , ينتصر الخير فينا على الشر , ينتصر العلم فينا على الجهل , ونرفض ان نكون امعة امام منصة , يتربعها متعصب وكاره وحاقد , يردد شعارات , فيها من الغل والضغينة , اكثر من الحب والوئام , فيها من الكراهية اكثر من التسامح والاخاء , ويغلفها بشعار الحرية والاستقلال , ونجد انفسنا نصفق ونهتف , بما يتناقض كليا مع ثقافة وافكار تطلعاتنا الانسانية , في المواطنة والحرية والعدالة , نقع في حالة من الشحن والتغرير , لنقبل ان نكون جماعات متناحرة واعداء لا شركاء في وطن , فشلنا على التعايش فيه.
هذا الفشل في معظمة كسل فكري وثقافي , والاصابة بالإحباط , تجعل المحبطين يستسلمون لواقعهم , وينخرطون في سيناريو صناعة الفشل , حيث يأتي المخرج بمن يريد من جراب العصبية , ليدير شئون المدنية , وبالمال يصنع لتلك السيناريو اصنامها , في اعادة تركيب رؤوس خاوية ومريضة على اجساد الرهان , كدمى تديرها استخبارات تنفذ اطماع  , والضحية وطن ومواطن ومستقبل امة .
لم تعد عدن التي يعرفها القاصي والداني , عدن اليوم ضحية تلك السيناريوهات الجهنمية , سيناريو العصابات والمافيا , حيث القتل مستباح , والبسط والنهب امر واقع , و الصادقون والشرفاء ضحايا تلك الدمى , والشحن الالي لحركة التدمير الذاتي والمعنوي للناس , في اسوء سيناريو تواجهه عدن المكلومة اليوم  وهي تنزف دما , وتنتهك اعراضها وكرامة الحياة فيها والسلم الاجتماعي .
عدن التي تستقبل جائحة وباء كورونا وهي بدون حجر صحي وإجراءات السلامة الكافية لتفادي خطورة تلك الجائحة , لان العقلية القادمة من جراب العصبية حتى وهي تحمل ورقة علمية , لم ترتقي بها لمستوى رقي عدن , وتجد في تلك الجائحة ربح خاص , بتزاوج وظيفتها السياسية مع استثماراتها الخاصة , وهي عقلية من الصعب اقناعها اننا رفضنا ولازلنا نرفض تزاوج الوظيفة السياسية بالتجارة , وهي تصر على خرق قيم وثقافة ومدنية ثورتنا المباركة , ومثال ذلك كثير ما يعكر صفو عدن , وهم يحتمون بالعنف والعصبية القادمة من جرابهم .
لكي ننتصر على تلك العقلية ,علينا ان نرتقي فكريا وثقافيا واخلاقيا اولا بالإنسان , ليكون الحصن المنيع في مواجهة تلك العقلية , لنرتقي انسانيا ويرتقي بنا وطن .
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى