اخترنا لكمكتابات خاصة

اِخرج القمامة يا عزيز!

جاءت فكرة وفترة الحجز المنزلي – تفادياً لوباء كورونا – لتنكش عش الدبابير في العلاقات الاجتماعية بين الرجل وزوجته، وبينه وأولاده، وحتى بينه والجيران ! جاءت فكرة وفترة الحجز المنزلي – تفادياً لوباء كورونا – لتنكش عش الدبابير في العلاقات الاجتماعية بين الرجل وزوجته، وبينه وأولاده، وحتى بينه والجيران !
يظل الرجل متلهّفاً للتقارب مع المرأة في مرحلة الغَزَل ثم الخطوبة. وفي الأيام الأولى من الاقتران – وربما السنة الأولى كحدٍّ أقصى – يظلان مُتقاربين جداً حدَّ الالتصاق الجذري التكعيبي. فإذا ما انفرطت سُبْحة الأيام – وبالذات لو رُزقوا بأطفال – تبدأ العلاقة الزوجية بالفتور ثم النفور، ويصبح الهروب من المنزل سلوكاً اعتيادياً يومياً للرجل تحت أعذار ومبررات شتى تستدعي الكذب من العدم !
وحينها، لا تعود للرجل من علاقة حقيقية بشؤون الأسرة والمنزل أو الزوجة والأولاد، اذْ يرمي بكل شيء على عاتق زوجته – أو كاهل أكبر أولاده اذا وُجِد – وتذهب الوعود بالمشاركة والتعاون التي كان يُردّدها أيام الخطوبة أدراج الرياح، ولا تبقى له من وظيفة منزلية سوى إخراج القمامة، وحتى هذي يرميها على الأولاد !
وفي فترة الحجز المنزلي، وجد الرجل نفسه حبيس البيت وفي مواجهة المدام والأولاد على مدار الساعة، فبدأت الموجات القصيرة والطويلة والمتوسطة في التنكيد على ربّة المنزل وعيالها تحت بنود عدة: الفتاوى أو الملاحظات النقدية أو النصائح الاصلاحية أو الخطط الاستراتيجية، والمصيبة المصبوبة والطامة المسكوبة أن السيد الزوج والوالد المُبجَّل يُفاجأ خلال فترة الحجز المباركة أنه أكثر أهل الأرض جهلاً بزوجته وأولاده . أكتشف أحد الأصدقاء الأعزاء أن ابنته البالغة من العمر 16سنة تأكل أصلاً بيدها الشمال!  شخص آخر وجد فجأة أن زوجة ابنه التي تشاركهم السكن منذ الزواج قبل 7 سنوات تلبس نظارة طبية منذ أكثر من سنة! شخص ثالث فوجىء بأن ابنه الخريج منذ 4 سنوات قد حصل أخيراً على وظيفة منذ 6اشهر!
ما علينا. المهم أنه كلما ضاقت المدام ذرعاً بزوجها المهدار المبرار احالته الى وظيفته الأساسية والوحيدة التي يصلح لها في المنزل: إخراج القمامة. وهنا تكون الفرصة الذهبية للاثنين للخلاص من بعضهما ولو لبضع دقائق معدودة. ومؤخراً ظهر عدد من الاسكتشات ورسوم الكاريكاتير في الميديا المتداولة لتشير إلى أن حالة الفَرَج الوحيدة للرجل من الانعتاق المؤقت من قيود الحجز المنزلي كانت لحظة أن تطلب منه زوجته إخراج القمامة. حتى ذلك الذي كان يتأفّف من لمس كيس القمامة صار يعشق تلك اللحظة بل ويُقدّسها !
والحق أن الرجال – الاَّ من رحم ربي – لا يصلحون لشيء من أعمال المنزل وشؤون البيت الاَّ اخراج القمامة . وغالباً ما تكون هذه القمامة ممتلئة بقدر كبير من بلاويهم كعيدان القات وأوراقه التالفة وأعقاب ورماد السجائر وسواها من مخلفات الرجال أثناء بقائهم المحدود في البيت !
قالت زوجة عزيز سانجار لزوجها: أخرج القمامة يا عزيز .
ولمن لا يعرف عزيز سانجار فهو بروفيسر تركي امريكاني حائز على جائزة نوبل في الكيمياء سنة 2015 م .
قلنا أن مدام سانجار قالت له: أخرج القمامة يا عزيز. لكن الرجل ردَّ عليها مُستظرفاً: أتطلبين مني اخراج القمامة وأنا الحائز على جائزة نوبل؟.. فإذا بالمدام تردُّ عليه بكل هدوء: اخرج القمامة يا عزيز الحائز على جائزة نوبل !
اذن، على كل شنب فينا أن يُخرج القمامة من سُكات … ومافيش داعي للمشاكل!
**المقال خاص بموقع “يمن مونيتور” ويمنع نشره وتداوله إلا بذكر المصدر الرئيس له.
*** المقال يعبر عن رأي كاتبه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى