نساء تعز اليمنية يتحدثن عن معاناتهن جراء الحرب التي أثقلت كواهلهن
استقبلت أم محمد الخمسينية الصباح بكثير من اللامبالاة، فما إن تأكدت من أن القصف قد اتخذ وجهة جديدة، خرجت على وجه السرعة، ضاربة في الأماكن القريبة من الحي الذي تسكنه تفتش عن الحطب، وفي طريق عودتها كانت تحمل وبزهو حزمة صغيرة من حطب، جمعتها من الأشجار الجافة وقطع الخشب الصغيرة الملقاة هنا وهناك، وبالقرب منها يمر طابور من الحمير والجمال الذي يبيع أصحابه الحطب والأخشاب لأبناء المدينة الحالمة المنكوبة، والتي تحاصرها المليشيات التابعة للرئيس السابق صالح والحوثيين، وتمنع عنها الدواء والغداء والوقود.
يمن مونيتور/ تعز/ من وئام عبدالملك
استقبلت أم محمد الخمسينية الصباح بكثير من اللامبالاة، فما إن تأكدت من أن القصف قد اتخذ وجهة جديدة، خرجت على وجه السرعة، ضاربة في الأماكن القريبة من الحي الذي تسكنه تفتش عن الحطب، وفي طريق عودتها كانت تحمل وبزهو حزمة صغيرة من حطب، جمعتها من الأشجار الجافة وقطع الخشب الصغيرة الملقاة هنا وهناك، وبالقرب منها يمر طابور من الحمير والجمال الذي يبيع أصحابه الحطب والأخشاب لأبناء المدينة الحالمة المنكوبة، والتي تحاصرها المليشيات التابعة للرئيس السابق صالح والحوثيين، وتمنع عنها الدواء والغداء والوقود.
“يمن مونيتور” التقى عدد من الأكاديميات بجامعة تعز حيث يسيطر المسلحون الحوثيون على مبنى الجامعة ويخوضون مواجهات عنيفة مع المقاومة الشعبية على أطرافها، وفضلن عدم الكشف عن هوياتهن.
أحتاج إلى طبيب نفسي
الدكتورة في جامعة تعز( ز. ض) قالت:” أثرت الحرب على نفسيتي كثيرا، وأعتقد بأني بعد كل ما مريت به أحتاج إلى طبيب نفسي، ففي الحرب وجدت نفسي أمام مسئوليات ما كنت أفكر يوما أن أتحملها، وأصبحت وجبات الطعام هَم، وشربة الماء هَم، والغاز هَم، والعيش بالظلام ليلا ونهارا هَم”.
وأضافت:” بأن المادة لم تنقذنا، ولم نستطع أن نستخدمها في ظل الحرب، وبعد النزوح وجدنا بأن احتياجاتنا تكبر وتكبر، والمادة تقل وتقل”.
الحرب التي حطمتني
“شعرت في هذه الحرب بأني من عهد الإمام، وكامرأة أصبحت بشرتي سمراء، وشعرنا بالذل ونحن نطلب من الآخرين الحطب، هذا ما قالته الدكتورة في جامعة تعز( س. م)”.
وأضافت:” أنا حتى اليوم لا أستلم راتبي خوفا من الطريق والوضع، وأشعر بالحزن، فما كنت أتصور يوما أن نصل إلى هذا الوضع، ولقد أًصبحت القرية تتوفر فيها أكثر متطلبات الحياة بعكس المدينة، الناس هناك يعيشون ببساطة ومتفائلين، القرية الغريبة عنا والتي أصبحت ملجأ لنا، يكفيني أنها وفرت لي الهدوء وراحة الأعصاب التي تفتقرها المدينة في ظل الحرب”.
الدكتورة (ب. ن) أضافت بأن” الحرب أثرت على الأطفال، ويظهر ذلك عليهم بعدم التوازن في بعض السلوكيات، ويؤثر ذللك نفسيا على الأم والأب”.
نسينا الشهادة والألقاب العلمية
أما الأستاذ الدكتور في جامعة تعز( آ. ع) فقالت:” نسينا الشهائد والألقاب العلمية التي حصلنا عليها، وأصبحنا كأهل القرية( نزرع ونقلع)، الحرب دمرتنا نفسيا، وخلقت مشكلات كثيرة بين الأهل بسبب جلوسهم في منزل واحد، كما أن غلاء الأسعار جعل الميزانية تنتهي أولا بأول”.
لم أعد أشعر بذاتي
” لم أعد أشعر بذاتي، وتوقفت عن العمل، ولا يمر يوم واحد إلا وأسمع فيه عن قتيل أو جريح، وكثيرا ما ننام ونصحو على أصوات الانفجارات، ولم أعد حتى أستطيع مغادرة المنزل حتى لقضاء أبسط حاجياتي، لأن ذلك أصبح صعبا للغاية في داخل المدينة” هذا ما قالته الدكتورة(ا. م).
هذا كان هو حال الطبقة التي تملك دخلا يفترض به أن يوفر لها الحياة الكريمة، فماذا سيكون حال الطبقة التي كانت بالكاد تحصل على قوت يومها.
وصدر في 21 من أكتوبر الحالي التقرير الخاص بانتهاكات حقوق الإنسان للمرأة في تعز، حيث أوضح أن 698 امرأة قتلت وأصيبت بسبب القصف والقنص من قبل ميليشيات الحوثي وقوات صالح، فيما قتلت وأصيبت 79 امرأة بسبب قصف الطيران الخاطئ من قبل قوات التحالف.
وأصبحت المرأة بعد أن تفقد عائل أسرتها هي المسئولة عنها، ويفاقم ذلك من معاناتها بسبب الظروف المعيشية الصعبة، في ظل ارتفاع الأسعار الفاحش، وأصوات الانفجارات العنيفة التي تحطم الأرواح، وتشتد معاناة النساء جراء الظلام المتواصل في المنازل، والمرأة تشعر بأن معاناتها أكبر من معاناة الرجل، فهو وإن خرج من المنزل لبعض الوقت وإن كان ذلك مجازفة، يحصل على بعض الراحة النفسية، أما هي فتظل حبيسة المنزل لا تستطيع أن تزور أحد، أو تطمئن على أحد بسبب انقطاع الاتصالات أو تردي خدمة الهاتف النقال، تبقى حبيسة أفكارها التي لا تخرج عن دائرة أبنائها الذين يضيع مستقبلهم، وأهلها النازحون في كل منطقة، حتى أن المرأة التي على وشك المخاض باتت تخشى تلك اللحظة خوف أن تحتاج إلى طبيب، أو أن لا تجد حليبا لجنينها الذي يفزع من أصوات الانفجارات حتى وهو في أحشائها.