(حصري) الحوثيون يرفضون خفض قيمة “المشتقات النفطية” في مناطق سيطرتهم
وكان الحوثيون قد أعلنوا في 2015 عن ربط قيمة النفط بسعره العالمي، برفع الدعم عن المشتقات النفطية.
يمن مونيتور/ صنعاء/ خاص:
ترفض اللجنة الاقتصادية التابعة للحوثيين، حتى الآن التجاوب مع مطالبات السكان في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة بخفض أسعار المشتقات النفطية، أسوة بعدة محافظات أخرى خاضعة لسلطة الحكومة المعترف بها دولياً، عقب انخفاض أسعار النفط عالمياً، ووصول سعر البرميل إلى 25 دولاراً.
وكان الحوثيون قد أعلنوا في 2015 عن ربط قيمة النفط بسعره العالمي، برفع الدعم عن المشتقات النفطية.
وخلال الأيام الماضية، أقرت شركة النفط اليمنية في العاصمة المؤقتة عدن وفروعها في المحافظات الواقعة تحت سلطة الحكومة المعترف بها دولياً، خفض أسعار البنزين والديزل، فيما لا تزال أسعارها في مناطق سيطرة الحوثيين، دون أي تعديل، وهي الأغلى في المنطقة، إذ يصل سعر الجالون البنزين 20 ليتر إلى ما يقارب 12 دولار أمريكي.
ومنذ سيطرة الجماعة المسلحة، على العاصمة صنعاء في سبتمبر/ أيلول 2014م وضع قيادات الجماعة أيديهم على مؤسسات القطاع النفطي- قبل بقية القطاعات- وفق عدة مراحل، مستغلين أياً من الأحداث في البلاد للاستحواذ عليها.
وقال مسؤولون في شركة النفط الخاضعة لسيطرة الحوثيين في تصريحات عبر الهاتف لـ”يمن مونيتور” إن الشركة ليست مسؤولة عن خفض قيمة المشتقات النفطية وأن الأمر يعود للحكومة التابعة للحوثيين (غير المعترف بها دولياً).
كان الحوثيون قد شكلوا لجنة اقتصادية عليا تقع على مسؤوليتها تحديد قيمة المشتقات النفطية والمسؤوليات الاقتصادية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
وقال المسؤولون في شركة النفط، شريطة عدم الكشف عن هويتهم، إنهم “يتلقون الأوامر والتوجيهات من لجنة الحوثيين الاقتصادية التي رفضت بالمطلق مناقشة خفض أسعار المشتقات النفطية مع الشركة.
30بالمائة
وفي مذكرة حصل “يمن مونيتور” على نسخة منها طالب وزير النفط في حكومة الحوثيين (غير المعترف بها) أحمد دارس في حكومة الحوثيين على الأهمية القصوى لخفض الأسعار في صنعاء بنسبة تصل إلى 30 % عن الأسعار الحالية في ظل تفشي جائحة كورونا العالمية.
وأحكمت جماعة الحوثي سيطرتها على سوق المشتقات النفطية بصنعاء والمحافظات الواقعة تحت سيطرتها منذ انقلابها على الحكومة الشرعية واتخذت قراراً بتعويم وتحرير أسعار المشتقات النفطية. وتدير شركات تابعة للجماعة عملية الاستيراد من الخارج وتستخدم العائدات في “جهود الحرب” المستمرة منذ سيطرتهم على صنعاء في سبتمبر/أيلول2014م.
وحاول “يمن مونيتور” الوصول إلى مسؤولين في اللجنة الاقتصادية لكنهم رفضوا التعليق.
على صعيد متصل، طالبت الجمعية اليمنية لحماية المستهلك بصنعاء بخفض أسعار البترول والديزل وفقاً لمتغيرات انخفاض الاسعار العالمية.
وأكدت الجمعية أن خفض أسعار البترول والديزل سيكون له أثراً في انخفاض أسعار المواد الغذائية والزراعية ووسائل النقل العامة، معربة عن أسفها لعدم التفاعل مع خفض الأسعار وعلى الرغم من مرور أكثر من شهر على الانخفاض العالمي.
وأعلنت فروع شركات النفط اليمنية في عدد من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية تخفيض أسعار المشتقات النفطية تماشيا من هبوط الأسعار عالمياً.
استياء شعبي من تجاهل الحوثي
وأعرب مواطنون في مناطق سيطرة الحوثيين، عن استياءهم الشديد لتجاهل سلطات الجماعة، قرار خفض أسعار النفط عالمياً ومحلياً، لا سيما بعد قرار الحكومة الشرعية تخفيض أسعارها في المحافظات الواقعة تحت سيطرتها.
وقال أحمد النخلاني، مالك إحدى محطات توليد الكهرباء، “كنا متأملين إن انخفاض النفط عالمياً بيرجع بفائدة علينا بعد 5 أعوام من الأزمات والمساربة، لكن مابش فائدة بالبلاد هذه تروح العائدات زي كل مرة لا جبوب الكبار”.
وأضاف رداً على سؤال على “يمن مونيتور”، حول سبب رفع أسعار الاشتراكات في الكهرباء:” الحكومة فرضت علينا ضرائب كبيرة (سلطات الحوثيين)، ولم تساعدنا في توفير المشتقات النفطية وكما ترى لم تخفض حتى أسعارها وهذا ما جعلنا نرفع سعر الاشتراكات فوق المستهلكين”.
أحد سائقي باصات النقل- أجرة في صنعاء، يقول هو الآخر لـ”يمن مونيتور”: يتساءلوا الركاب لماذا ما نخفض سعر المواصلات لأن النفط انخفض عالمياً، مش عارف إن احنا في هذه البلاد ما يعرف المسؤولين فيها إلا رفع الأسعار مش خفض الأسعار”.
محد قاسم – سائق تاكسي أجرة في صنعاء يقول ايضاً “في اليمن ما نعرف إلا الأزمات والمسؤولين فيها لا يهمهم أمر المواطن البسيط، “.
وأضاف ملمحاً لابتزاز الحوثيين، “يسرقون الفلوس من جيب المواطن.. عد يخفضوا لنا النفط والأسعار لا ضمير ولا مسؤولية لديهم”.
استحواذ حوثي على مدخرات النفط
وفي تحقيق سابق، لشبكة “يمن مونيتور” اعتمد معلومات دقيقة توصلت لها من مسؤولين معنيين بالقطاع النفطي في البلاد، كشف عن أن المشتقات النفطية (وحدها) تعطي إيراداً للحوثيين بشكل سنوي حوالي مليار و250 مليون دولار، ما يقرب من (104 مليون 167 ألف دولار شهرياً)، بشكل يومي (3 مليون و472 ألف دولار) في المحافظات الخاضعة لسيطرتهم.
وفي يوليو/ تموز 2015م، أعلنت ما تسمى بـ”اللجنة الثورية العليا” لجماعة الحوثي أنها قررت تعويم أسعار المشتقات النفطية وفقا للأسعار العالمية، وهو ما يعني رفع الدعم عن المشتقات بشكل نهائي، وفتح المجال واسعا لاستيراد القطاع الخاص مباشرة.
ولم ترفع الجماعة الدعم عن المشتقات النفطية فقط، بل كالعادة كانت الجبايات الجديدة فرضاً لتقوية رؤوس أموال الجماعة المسلحة والحصول على إيرادات تخص الجماعة وحدها.
وخلال عام 2015م و2016م كانت الأسواق السوداء هي المسيطرة بشكل واضح في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وليست فقط الشركات الأخرى بل أيضاً شركة النفط اليمنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، ومع نهاية عام 2016م انخفاض واسع في الأسواق الموازية للباعة الجوالين للمشتقات النفطية، يعود ذلك إلى أن محطات التعبئة تبيع بسعر (السوق السوداء) عبر شركة النفط التي يفترض بكونها -حتى قبل قرار التعويم- المستورد والموزع الأساس للنفط.
لا تقتصر أرباح الحوثيين على هذه فقط من الإيرادات، بل إن قرار “التعويم” قام بتفصيل الاستيراد على مقاس الجماعة، أعلن الحوثيون في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015م عن “لائحة الضوابط والإجراءات المنظمة لاستيراد المشتقات النفطية”، وهي اللائحة التي تمكن من الاستيراد دون الرجوع إلى شركة “النفط” اليمنية.
وخلال الأعوام السابقة تشكلت طبقة تجارية جديدة في السوق اليمنية من الحوثيين، اذ أنشأت قيادات حوثية عدة شركات صرافة، وفتحت عدداً كبيراً من محطات بيع المشتقات النفطية، ومعارض لتجارة السيارات، الأمر الذي مكنها من تكوين ثروات كبيرة، تم تسخير أجزاء منها لشراء الأراضي والمنازل في العاصمة صنعاء وبقية المدن التي يسيطر عليها مسلحو الجماعة.